الصناعة اليدوية «التراثية» تصارع الموت على أيدى الاهمال واللامبالاة لا أحد يمد لها يد العون. حكايات من الألم والأمل في تلك الصناعة التي يزحف شبح الإندثار خلفها مدمرًا كل تاريخها رغم أن صناعة الفن هو عنوانها والذوق الرفيع أكثر مايميزها تعتمد على أطراف انامل صانعيها سواء في حياكة السجاد اليدوي لقدرة اصابعهم على المرور بين خيوط السجاد الرفيعة التي تكونت على «النول».. أو الرسم بالرمال سواء على الحوائط او على اللوح الخشبية.. وصناعة الخزف اليدوي تلك الصناعة تجذب أنظار كل من مر أمامها. السجاد اليدوي داخل مركز الحرف اليدوية التابع لجمعية الرواد الأهلية وفي إحدى الغرف الواسعة.. جلست أميرة وايمان على كنبة مخصصة لصناعة السجاد وأمسكتا في أيديهما أدوات الصنع المكونة من إبرة وخيوط ملونة حسب الالوان المطلوبة للسجادة. 6 أشهر هي عمر صناعة السجادة التي يبدأن في صناعتها منذ الساعة 10 صباحا وحتى 2 ظهرا يوميا إلى أن تنتهي دون كلل او ملل على الرغم من ان يوميتهما لا تتعدى ال 10 جنيهات.. كما قالت ايمان والذي بدا على وجهها علامات الغموض نظرا لانشغالها فى تضفير الخيوط الملونة التى تنسج المشهد الجمالى للسجادة. بصوت يملؤه الحسرة ونبرات اليأس ظهرت على تعبيرات وجهها «يا افندم» السجاد اليدوى فى طريقه للانقراض لأن الدولة أصبحت لا تولى اهتماما لتلك الصناعة التى يأتى لإليها سياح كثر من بلدان العالم، والتي عن طريقها نوفر نفقات نستطيع من خلالها ان ننفق على بيوتنا لمساعدة أزواجنا. التقطت طرف الحديث منها أميرة التى بدأت حديثها «يوميتنا 10 جنيهات.. هى لسه العملة دية بتطبع».. وأكدت: "نواجه امراضا كثيرة بسبب جلستنا غير الصحية أمام نول الصناعة ونحن ننسج خيوط السجاد اليدوي، بالاضافة إلى أننا ليس لنا تأمين أو معاش من وزارة التضامن الاجتماعي نستطيع العيش به إذا تركنا تلك المهنة". الرسم بالرمال فن آخر.. وصناعة يدوية أخرى في طريقها إلى الاختفاء.. فشيوخها أصبحوا نادرين بل معدودين.. الرسم والحفر بالرمال، عم أحمد وهبة، فنان بدرجة امتياز.. عشق مهنته اليدوية فى الرسم بالرمال.. فمنذ بزوغ الشمس يذهب عم أحمد، الى حيث مكانه المخصص مركز الصناعات اليدوية، ويبدأ فى إخراج أدواته التى تمثل له الصديق الوفى ويخرج من خلالها ما بداخله من فن اصبح عملة نادرة فى هذا الزمان. كلمات قليلة بل ومقصودة قالها وهو يترجم خياله الخصب إلى جمال ملموس، إنها الوجيعة التي طالما شعر بها وطاردته كالكابوس المزعج وهو خوفه من اندثار تلك المهنة التى أصبح صانعوها قليلين .. اضطر يوما أن يحول بدروم منزل شقيقته إلى حوش كبير يقوم فيه بدور المعلم لمن يرغب من النشأ فى ان يتخذ من الرسم على الرمال موهبة يتذوق من خلالها كل ما هو جميل.. ولكن كانت إرادة ذلك الزمن الذي نحياه عكس إرادته.. واضطرت شقيقته الى أخذ منزلها منه لتزوج فيه أحد أبناءها.. طلبه الوحيد هو أن تمنحه محافظة الوادي الجديد قطعة أرض صغيرة حتى ولو سيقوم بتسديد سعرها بالتقسيط لكى يستقطب فيها أكبر عدد يعلمهم داخلها سر المهنة.