«من ليس معي.. فهو ضدي» كان هذا هو شعار الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي سابقاً، ولأن فيدل كاسترو ورفاقه من الثوار جنحوا إلى الجانب الآخر حاملين لواء «الشيوعية».. المصطلح الأكثر رعباً في أمريكا الخمسينات والستينات. حاولت أمريكا مراراً قلب نظام الحكم في كوبا الشيوعية، نظام فيدل كاسترو، ولكن تبقى حادثة «خليج الخنازير» الأهم في سلسلة العداءات الأمريكية الكوبية. بدأت محاولة الانقلاب الأمريكية الفاشلة في 17 مارس 1960، عندما وافق الرئيس الأمريكي أيزنهاور علي اقتراح بدعم المعارضة الكوبية ضد النظام الشيوعي الجديد في كوبا بزعامة كاسترو. دربت الولاياتالمتحدة قوات المعارضة الكوبية بجواتيمالا وتم تشكيل ما يسمي باللواء 2506 Brigada Asalto 2506 ، وتم إعطاء اسم كودي للعملية هو «Zapata »، ولكن أنباء تلك الخطة وصلت إلي الكوبيين عن طريق شبكة عملائهم السرية والKGB المخابرات الروسية. وبدأ تنفيذ العملية ، بشن غارات جوية ضد القوات الأرضية للكوبيين لمدة 48 ساعة ، وذلك حتي يضمن نجاح لواء المعارضة في مهامه. وبدأ الغزو البري يوم 17 إبريل 1961، حيث قامت 4 طائرات نقل بإنزال 1511 من عناصر المعارضة الكوبية (اللواء 2506) المدربين جيداً وتم إنزالهم في خليج الخنازير على الساحل الجنوبي لكوبا. وكان اللواء 2506 قد هبط في مكانين مختلفين علي الجزيرة ، وواجهوا مقاومة عند إنزالهم إلا أنهم تمكنوا من التغلب عليها ، وعندما توغلت قوات المعارضة أكثر وجدت المقاومة تشتد من قبل الميليشيا الكوبية ، وتم التغلب عليهم بفضل القدرات النارية التي تمتلكها قوات الغزو بالإضافة إلي الدعم الجوي المرافق لهم من طائرة B-26. وبعد النجاح الأولي للواء 2506 ، تعرض لمفأجاة ، حيث كان بإمكان 3 من طائرات Hawker Sea Furies علي الإشتباك معهم خلال 15 دقيقة ، ولكن لما رأو الدعم الجوي المرافق للواء المتمثل بالطائرة B-26 تقوم بقصف الشاطئ ، فقام بتغيير أهدافهم إلي قصف سفن الدعم المرافقة التي كانت تقوم بالإمداد فأغرقوا Houston و دمروا Marsopa .. بعد ساعتين من الإنزال ، قامت 5 طائرات C-46 و طائرة C-45 بإبرار 177 مظلي من اللواء 2506 بمنطقة Horquita ، وفي الوقت نفسه ، تم إنزال مجموعة أخري إلي منطقة Giron لضمان السيطرة علي الطريق من San Blas حتي Giron.. وعارض الرئيس الأمريكي جون كيندي القيام بغارات جوية ضد الكوبيين ، لعدم رغبته بإظهار تورط الولاياتالمتحدة في العملية ، وفي ليلة 17/18 إبريل كان من المقرر القيام بغارات جوية إنطلاقا من قاعدة Puerto Cabezas ولكن الغي بسبب الطقس السيء. وفي يوم الهجوم 18إبريل تم شن غارات جوية من 6 طائرات B-26 ضد مواقع الميليشيا الكوبية واستخدمت خلالها القنابل والصواريخ والنابالم وأحدثت إصابات عديدة تقرب من 1800 إصابة. وفي الساعة 8 صباحا ، كانت قدرات الميليشيا الكوبية تتزايد ، وتتدفق عليهم المدفعية والدبابات ، وعانت قوات اللواء 2506 من إصابات جسيمة وذلك أثناء محاولات الميليشيا الكوبية زحزحتهم نحو الشاطئ .. وفي 19 إبريل ، تم القيام بآخر الغارات الجوية وسميت Mad Dog Flight من 4 طائرات B-26 ، ولكن الكوبيون أسقطوا طائرتين B-26 وقتل 4 أمريكيين، وتم إسقاط طائرة B-26 أخري في منطقة Giron. ومع ظروف غياب الدعم الجوي ، ونفاذ الذخيرة ، انسحبت قوات اللواء 2506 إلي الشاطئ ، وقامت سفن الدعم القريبة من الشاطئ بمحاولة إخلاء تلك القوات إلا إنهم لم تتمكن من ذلك ، وانتهت بذلك عملية خليج الخنازير بالفشل الذريع. عميل أمريكي:خليج الخنازير الأفشل في تاريخنا قال جريستون لينج، المسؤول عن عناصر المخابرات المركزية المشاركة في خليج الخنازير، إن :"لم نكن قادرين على تمييز طائراتنا عن الطائرات الكوبية، عملية خليج الخنازير تعد في هذه الأيام من أكبر أخطاء الولاياتالمتحدة في فترة الحرب الباردة". وأضاف لينج في حديث للنيوزويك، أنه بدأ يدرك أن عملية إسقاط فيدل كاسترو تهاوت، عندما بدأ المنفيون الكوبيون الذين جلبهم معه يتركون مواقعهم تباعا، فتناول مدفع رشاش وبدأ يطلق النار على الطائرة التي كانت تحلق فوق السفينة، في يوم سادته الفوضى من شهر إبريل عام 1961 بدأ لينج يدرك تدريجيا عاقبة سلوكه في إطلاق النار على الطائرة المحلقة، فقد تبين بأنه كان يطلق النار على طائرة تابعة للمخابرات الأمريكية كانت تحاول حماية المنفيين الكوبيين الذين أعدتهم الولاياتالمتحدة لغزو كوبا. وسط كل هذا العبث والهزيمة الأمريكية؛ وأمام الرأي العام اتخذ كنيدي موقفاً شجاعاً من خلال إعلانه بأنه يتحمل مسؤولية الحادثة وحده، أما وسط مساعديه والمقربين كان دوماً يتساءل :"كيف كنت غبياً لدرجة سماحي لهم بالاستمرار في العملية"، كان غاضبا على وكالة المخابرات لكونها ضللته، ولم تمض سوى شهور قليلة حتى أرغم رئيس الوكالة الين دوليس على الاستقالة.