* مفيد شهاب : اسرائيل ماطلت ٧ سنوات حتى لاتعود الينا واستعدناها بالعلم والاصرار * اللواء عبد المنعم سعيد : شطارة المفاوض المصرى وراء استرجاعها والحكم صدر فى ذكرى عيد الغفران * اللواء محسن حمدي : شارون وبخ ضباطه لفشلهم فى اخفاء العلامه الحدودية ونجحنا فى اكتشافها تحتفل مصر اليوم ب الذكرى ال٢٧ لاستعادة طابا من براثن الاحتلال الصهيوني، ٧ سنوات من المفاوضات الشاقة والصعبة قادها فريق مصري وطني محترف من خيرة القانونيين والعسكريين وأساتذة التاريخ والجغرافيا ضد عدو محتال لاستعادة تلك البقعة الغالية. معركة الاستعادة كانت ملحمة وطنية من ملاحم معارك البطولة والشرف والمجد للمصريين وخاضتها مصر بنفس الروح العظيمة التي خاضت بها حرب أكتوبر وعقد اتفاقية السلام. وتعتبر طابا التي تبلغ مساحتها كيلومتراً مربعاً واحداً، هي الجزء الأخير من سيناء الذي أعادته إسرائيل إلى مصر بعد قرار لصالحها صادر عن لجنة تحكيم دولية في 29 سبتمبر 1988، وانسحب آخر جندي إسرائيلي منها يوم 19 مارس 1989 احد أهم الشهود على تلك الملحمة الوطنية هو وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية الأسبق د. مفيد شهاب، وعضو اللجنة القانونية لاسترداد طابا الأسبق. وقال "شهاب" ل "بوابة أخبار اليوم" إن ذكرى استرداد طابا هي من الذكريات الغالية للمصريين التي أثبتت براعتنا ليس في تحقيق انتصار عسكري فقط بل تلاه انتصار أخر لا يقل أهميه في معركة قانونية وقضائية أمام المحكمة الدولية ولا تزال الجامعات والمعاهد الدولية تقوم بتدريس هذا الانتصار القانوني لمصر ضمن مواد النازعات الحدودية الدولية. وأضاف لقد حاولت إسرائيل بشتى الطرق المماطلة في تسليم طابا وطال الأمر ل٧ سنوات وهى تحاول كل يوم المماطلة والتملص وذلك كان لعدة أسباب مهمة أولها أن طابا بالنسبة لإسرائيل تعتبر موقعًا استراتيجيًا مهمًا للغاية قريب من المياه العذبة وطريق مرور لوسط سيناء الأمر الثاني أن طابا تقع على تبه مرتفعه وقريبة من ميناء ايلات وحصول مصر عليها يشكل تهديدا عسكريا عليها. ولفت مفيد شهاب إلى أن تلك المنطقة تعتبر متنفسا سياحيا مهما للإسرائيليين لذلك أسرعت ببناء فندق ومنشئات سياحية عليها قمنا بشرائها ب٣٧ مليون دولار وحاولت إسرائيل استدرار تعاطف المجتمع الدولي معها والترويج أنها دولة صغيرة تعانى من ندرة الأراضي بينما مصر الكبيرة لن تتأثر بفقدان تلك البقعة ذات الكيلو متر الواحد شيئا. كما أن إسرائيل تريد أن تجعل عدم انسحابها من طابا سابقة تشير إلى أنه عند احتلالها لأي أراضى فإنها لا تنسحب منها كلها وبالرغم من كل هذا التمسك الإسرائيلي بطابا إلا مصر كانت مصمصة على رأيها وعدم التفريط في حبه رمل واحدة وتم الإعداد لملف كامل للموضوع بكافة أبعاده القانونية والجغرافية والتاريخية وشارك فيه أفضل علماء وخبراء وسفراء مصر وسفراؤها و "كانت القيادة السياسية تتابع تطورات الموقف، وتصمم على ضرورة استرجاع الأرض كاملة، وترفض أي تنازل عن شبر من الأرض، ورفض أنى حلول توافقية كما اقترحت إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية آنذاك بأن تنهى الأزمة بحلول وسطي. وأشار "شهاب" إلى انه كان هناك رأى عام مصري حذر وقلق ومترقب للمعركة القانونية وأتذكر إنني ذهبت إلى مجلس الشعب في جلسة لاستماع آراءنا وكان بعض النواب يستنكرون كيف لمصر أن تقبل بالتحكيم الدولي الذي قد ينحاز إلى إسرائيل في حكمة ونخسر الأرض وقمت بالرد قائلاً :"إنه لو كل صاحب حق خشي أن يذهب إلى المحكمة فسوف تضيع الحقوق والإنسان صاحب الحق عليه أن يعمل ويدافع عن نفسه أما النصر فمن عند الله ولم يكن أمامنا إلا النصر لأن المجتمع الدولي وأمريكا لن يسمحا لمصر أن تدخل معركة عسكرية مرة أخرى خاصة بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل. وخلال المرافعات قدمنا نموذجا علميا أدبيا رفيع المستوى أشاد به المحكمين الدوليين ولم يكن إمامهم إلا الإقرار بحق مصر. وأضاف قائلاً"علينا أن نتذكر دائما أنه لولا الأسلوب العلمي الذي اتبعناه في إدارة أزمة طابا من خلال الاعتماد على الخبراء والمتخصصين ولولا روح الفريق التي عملت بها لجنة طابا، ولولا مؤازرة الشعب ومتابعة القيادة السياسية، ولولا الحس الوطني لفريق طابا وإحساسه بالمسئولية بحس وطني عالي، ولولا هذه المعطيات كلها ما تحقق النصر، ولهذا يجب أن تكون تجربة طابا درساً لنا نعمل على غراره في أزمات أخرى تواجهنا وطال شهاب بضرورة عمل أفلام وثائقية عن تلك الانتصارات التي لم تأخذ حقها في الأعمال الفنية . من ناحيته قال رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة محافظ سيناء الأسبق اللواء عبد المنعم السعيد في البداية امتنعت إسرائيل عن تسليم طابا باعتبار أن العلامة رقم 19 هي آخر نقطة علي خط الحدود الدولية الممتد من رفح شمالا حتى طابا جنوبا وأن مكان النقطة 19 في مكان آخر يسمح لها بضم منطقة طابا لتكون داخل حدودها إلا أن مصر اعترضت علي ذلك وطلبت الرجوع إلي اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل والتي ذكرت بأنه عند حدوث اختلاف في تنفيذها يتم حله عن طريق التفاوض أو التوافق أو التحكيم ورأت مصر التوجه إلي التحكيم مباشرة بعد فشل التفاوض الذي استمر مدة طويلة دون نتيجة تذكر. وبعد مناوشات ومحادثات عدة اقتنع الجانب الإسرائيلي بالتوجه إلي التحكيم، واستقر الرأي علي تشكيل محكمة من 5 أعضاء ثلاثة منهم من المحكمين الدوليين وواحد من إسرائيل وآخر من مصر. وكانت صدفة آلهية أن يتزامن صدور الحكم بأن طابا مصرية مع عيد الغفران الإسرائيلي »عيد كيبور« وهو اليوم الذي بدأت فيه مصر حربها لتحرير سيناء في 6 أكتوبر عام 37 الذي فيه »عيد كيبور بالتقويم العبري« وخلال المدة من 92 سبتمبر 8891 وحتى يوم 51 مارس 9891 تم تسوية الموضوعات العالقة بين مصر وإسرائيل ورفع علم مصر فوق النقطة 19 الساعة الثانية عشرة ظهرا وعادت طابا إلي أحضان مصر للأبد بشطارة وحنكة المفاوض المصري. وأشار إلى أن إسرائيل بذلت محاولات مستميتة من للحفاظ عليها حتى تكون متنفسا بحريا لميناء ايلات وموقع للرحلات البحرية لسكانها . وأوضح الخبير الاستراتيجي وعضو اللجنة القومية العليا لطابا لواء بحري أركان حرب متقاعد محسن حمدي أن إسرائيل حاولت إخفاء العلامة الحدودية في طابا إلا أنهم فشلوا ونجحنا في اكتشاف القطعة الحديدية المميزة للعلامة الحدودية ووقتها وصل اريل شارون إلى سيناء وقام بتوبيخ الضباط لفشلهم. وأشار إلى أن مصر بدأت تقديم مذكرتها الأولي في 31 مايو 7891 شاملة ٨٠٠ صفحة تناولت كل شيء بدءاً من نشأة النزاع والخلفية التاريخية وسؤال التحكيم ورؤية الدفاع المصري لاختصاص المحكمة ودورها والحجج والأسانيد القانونية لكن الجانب الإسرائيلي كان أسلوبه الانتظار حتى تقدم مصر مذكرة الدفاع الأولي ويطلع عليها ثم يرد بكل ما يستطيع في مذكرته الثانية. جاءت مذكرة الدفاع الإسرائيلي الأولي في نحو ٢٠٠ صفحة بملاحقها خالية من أي حجج أو أسانيد قوية لكن إسرائيل في مذكرتها المضادة والإضافية فشلت تماما في الرد المقنع علي المذكرات المصرية. وفي 41 مارس 8891 بدأت المرافعات الشفوية في مرحلتها الأولي ثم في 11 ابريل 8891 في مرحلتها الثانية وتظهر مصر في دفاعها بالحجج القانونية والشواهد والخرائط تؤكد موقع النقطة 19 الخاصة بطابا واستمعت المحكمة إلي 31 شاهدا من الجانب المصري و3 شهود فقط من الجانب الإسرائيلي.. وفي النهاية بعد التصويت علي الحكم بين أعضاء المحكمة الخمسة تم إعلان الحكم يوم الخميس 92 سبتمبر 8891 وبذلك انتهت المحكمة خلال 22 شهراً من المرافعات والأوراق المقدمة من الطرفين إلي أحقية مصر بطابا فى يوم لن ينساه التاريخ .