كم أفتقدك حبيبتي.. صراحتك الجارحة، وضوحك الفاجر، نظامك الغبي، عدلك الصارم.. شعرت في احضانك بالغربة تمردت عليك وألقيت بنفسي في أحضان الحب الأول معتقدا إنها تغيرت ثارت على النفاق والخوف والخداع ونكران الجميل .. كم كنت غبيا.. حبيبتي لندن أفتقدك بشدة.. بعد الثورة قررت العودة إلى محبوبتي القاهرة التي ظننت أنها عادت لنا جميعا بعد أن كانت حكرا على زبانية الحزب الوطني. ومن نافذة الطائرة نظرت إلى المدينة الشاسعة فيما سيطرت علي مشاعر متضاربة بين الشوق واللهفة والقلق، هي مشاعر أقرب إلى مشاعر العاشق حينما يلتقي معشوقته. ولم تكد قدماي تطآن أرض المطار حتى توالت الصدمات .. الإجراءات بطيئة مملة والشوارع مليئة بالقمامة وتحذيرات بالتزام الحيطة والحذر مع الانفلات الامني السائد. ثم كانت الصدمة المؤلمة في كثير من الناس الذين تفجرت داخلهم طاقات الغل والحقد براكين مدمرة فلم يعد يعنيهم سوى التخريب والتدمير.. اه يا قاهرة المعز جئتك حاملا ذكريات الطفولة والشباب المبكر آملا أن أراكي أحلى من أوروبا وأكثر تقدما من أمريكا ولكن يبدو أن ذلك كان سرابا. والآن أفكر جديا في هجر حبي الأول مصر إلى الأبد والعودة من حيث أتيت فماذا أفعل؟ عزيزي.. قال البابا الراحل الأنبا شنودة أن مصر وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه فمهما حدث فإن مصر هي الأم ومن العبث أن تعتقد بإمكانية الاستغناء عن أمك .. إن مصر بحاجة إلى سواعد أبنائها جميعا كي تنهض.. ابق في بلدك ودافع عن ثورتها ومستقبلها وفي النهاية القرار لك. [email protected]