أكد د.نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، أن الاضطرابات والتحديات الجسيمة التي تشهدها بعض الدول بالمنطقة من نزاعات مسلحة ترتب عليها انهياراً جزئياً أو كلياً لمؤسساتها الوطنية وظهور تنظيمات إرهابية عابرة للحدود الوطنية، مهد الطريق لتدخلات خارجية في المنطقة وتداعيات سلبية تهدد الأمن القومي العربي. وقال إن حالة عدم الاستقرار أوجدت تحديات تفرض علينا جميعا في المقام الأول التصدي لها من خلال منظور استراتيجي شامل متعدد الأبعاد، مع المحافظة على سيادة واستقلال ووحدة الأراضي العربية وتماسك وصلابة الموقف العربي. جاء ذلك خلال كلمته أمام المؤتمر المشترك الثاني بين جامعة الدول العربية والمنتدى العربي النووي، الذي عقد الأحد 28 فبراير، في مقر الجامعة العربية، لبحث منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، برئاسة المجلس المصري للشئون الخارجية لعام 2016. وأشار العربي إلى أن المنطقة العربية شهدت تطوراً جيوسياسياً لا يمكن إغفاله وهو توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة دول 5+1 بفيينا في يوليو 2015 ودخوله حيز النفاذ في شهر يناير من هذا العام، قائلا: «ومما لاشك فيه، أن تداعيات هذا الاتفاق على الدول العربية متعددة الأبعاد لا تقتصر فقطع لى البعد الفني للتأكد من الطبيعة السلمية الخالصة للبرنامج النووي الإيراني، بل أيضاً هناك أبعاد أمنية وجيوسياسية كثيرة خاصة في ضوء التدخلات الإيرانية المتزايدة في المنطقة». وأثنى على توصل إيران ومجموعة دول5+1 إلى اتفاق حول برنامجها النووي، معتبرا ذلك دليلا على قدرة الدبلوماسية في حل الخلافات بالطرق السلمية ونزع فتيل الأزمة مؤقتاً بشأن هذا البرنامج، ولكن يبقى الحكم على نجاح الاتفاق من عدمه معتمداً في المقام الأول على التزام إيران في التنفيذ الأمين لبنوده وقدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تحديد مدى هذا الالتزام. وقال العربي إن مخاوف الدول العربية -والتي تم استبعادها في هذه المشاورات- ليست من الاتفاق النووي بحد ذاته، بقدر ما قد يفرزه من آثار أمنية وسياسية واقتصادية عليها، الأمر الذي يتعين معه أن تكون لدينا خيارات إستراتيجية متنوعة،خاصة أنه لا تزال لدى الدول العربية قضايا شائكة مع الجانب الإيراني ليس أقلها التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، واستمرار احتلالها لأجزاء من أرضي دولة الإمارات العربية المتحدة. وأكد أن نقطة الانطلاق في نظره هى ما إذا كان هذا الاتفاق في مجمله يتفق مع المبادئ الأساسية ومع فلسفة معاهدة منع الانتشار أم لا، بمعنى آخر هل الاتفاق يؤكد ضرورة إخلاء العالم من السلاح النووي؟ للآسف بدراسة بنود الاتفاق نجد أنها تتسم بمرحلية الالتزامات، وبأن هناك بنود سيعاد النظر فيها بعد فترة زمنية محددة. وقال العربي: إنني على يقين بأنكم تتفقون معي في ضرورة ألا يصرف الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة دول5+1 انتباهنا عن وجود أسلحة نووية ومنشآت نووية في إسرائيلية لا تخضع لأية رقابة دولية، فقد نجحت إسرائيل طيلة العقود الماضية في التلاعب بالمجتمع الدولي لتجنب تسليط الضوء على ترسانتها ومنشآتها النووية، وقد ساعدها في ذلك انحياز المجتمع الدولي لموقفها وتبنيه سياسة الكيل بمكيالين في موضوعات نزع السلاح وعدم الانتشار حتى لا يتم الضغط عليها لانضمامها إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع جميع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وظهر هذا الانحياز جليا خلال مؤتمر مراجعة المعاهدة لعام 2015. وقال انه إذا كان هذا الاتفاق يعكس تحولاً في إستراتيجية الولاياتالمتحدةالأمريكية في تعاملها مع إيران رغبة منها في تخفيف حدة المخاوف الإسرائيلية تجاه البرنامج النووي الإيراني، فإن ما يشغلني هو تداعيات الاتفاق على المساعي العربية والدولية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. وأكد أن توصل إيران ومجموعة الدول 5+1 إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي وقبول المجتمع الدولي لهذا البرنامج بعد سنوات من فرض العقوبات والاتهامات بإخفائها لبرنامج نووي عسكري، يفرض علينا أن نسأل: لماذا تأخرت الدول العربية في تنمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية؟ - لاسيما مع توافر القدرات المالية والكوادر الوطنية والإرادة السياسية، حيث أعلن القادة العرب في قمة الرياض عام 2007 البدء في تنمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في كافة المجالات التي تخدم التنمية المستدامة.