لا مجال لمناقشة المستوي الفني لرواية أحمد ناجي (استخدام الحياة) والتي حبس بسببها عامين بتهمة خدش الحياء العام.. ولا يهمني أيضا ضعف مستواها، أو ركاكتها الجمالية، سؤال القيمة ليس هو السؤال المطروح في قضية حبس ناجي، لكن الخطر كل الخطر الذي أصاب الحياة الثقافية بالرعب والفزع، هو إحالة الكلام في الأدب والفن والإبداع إلي ساحات المحاكم، والتعامل مع رواية باعتبارها جنحة، وبدلا من نقد العمل الأدبي فنيا وجماليا، يحاكم بقانون العقوبات،ويسجن كاتبه بدعوي(خدش الحياء العام) حتي لو خالف ذلك الحكم نص القانون ونص الدستور، الذي يمنع صراحة الحبس في قضايا الرأي وقضايا النشر، وينص علي حرية المبدع وحرية الإبداع..! "خدش الحياء العام" صورة أخري للقوانين سيئة السمعة : قانون العيب، ازدراء الأديان، العيب في الذات الملكية أو الرئاسية، الإساءة لسمعة مصر، قانون التظاهر الجديد....المدهش أن أحمد ناجي يخدش الحياء العام ببعض الألفاظ الخارجة، داخل فصل من رواية، نشرت في جريدة أدبية متخصصة(أخبار الأدب)!..بينما يتلقي قاض رشوة جنسية،ولا يخدش حياء أحد !!.. ويمارس نائب في مجلس الشعب فعلا فاضحا في الطريق العام، ولا يخدش حياء أحد!!.. وتنهب الأراضي والملايين والمليارات من المال العام، وأيضا لايخدش الحياء العام..!! سنختلف علي خدش الحياء العام، معناه وطرائقه وأدواته..وسنختلف أيضا علي معني الأخلاق، التي يروجون لها حاليا تحت شعار(أخلاقنا) دون أن يمتلك أحد مفهوما واضحا وحقيقيا للأخلاق..!