تكررت الخلافات بين بعض الفئات من الشعب والشرطة ، بعد العديد من الانتهاكات والممارسات المهينة التي ارتكبها بعض أفراد الأمن مع الناس، والتي كانت من الأسباب الرئيسية لقيام ثورة 25 يناير. وحاولت الشرطة أن تبذل أقصى جهدها لتحسين الصورة الذهنية، والوقوف أمام الشعب مرة أخرى تحت شعار "الشرطة والشعب إيد واحدة"، إلا أن هذا الأمر لم يستمر طويلًا، مع تكرار الانتهاكات خصوصًا وأنها تضغط على الجرح المصري والصورة المترسخة في الأذهان لتزيد حالة الاحتقان. وكلما حاولت الجهات الأمنية أن تسيطر على الأزمة وحل الخلاف المتأجج بجملة "تجاوزات فردية"، ظهر ما يعيد ذكرى الأزمة بين الشرطة والشعب. وتعددت التجاوزات التي أثارت الشعب ضد جهاز الشرطة ، وكان أبرز 5 انتهاكات من الشرطة في حق الشعب المصري، ساعدت في وجود الخصومة، وهي: - الدرب الأحمر كانت الواقعة الأخيرة، والتي حدثت الخميس 18 فبراير، بعد أن قام رقيب من قوة شرطة النقل والمواصلات ، بصحبة أحد معارفه بشراء بضائع من محيط مديرية الأمن وأوقف السائق وركب سيارته ، وحدثت مشادة كلامية أثناء تحميل تلك البضائع بسيارة ماركة سوزوكي يقودها "محمد عادل إسماعيل" الشهير ب"دربكة"، قام على إثرها رقيب الشرطة بإخراج سلاح ناري "عهدته" لفض الاشتباك إلا أن طلقة خرجت منه بالخطأ واستقرت في رأس السائق. تجمع الأهالى للنيل من رقيب الشرطة وتعدوا عليه بالضرب، إلا أنه تمكن من الإفلات ، وتجمهر الأهالي أمام مديرية أمن القاهرة، معبرين عن غضبهم من الحادث بهتافات ضد "الداخلية"، منتظرين حق سائق "السيارة الأجرة". أمرت النيابة بحبس رقيب الشرطة المتهم بقتل سائق الدرب الأحمر "محمد دربكة"، 4 أيام على ذمة التحقيق. فيما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي ب#حاتم_لازم_يتحاكم، مطالبين بسرعة محاسبته حتى أن بعضهم طالب بإعدامه. وقام عدد من أفراد الشرطة بنشر رسائل تضامن مع الضحية "دربكة"، خلال بعض مقاطع الفيديو القصيرة، مؤكدين أنها ممارسات فردية تهين الجهاز الأمني ككل وهي مرفوضة، وأنهم يطالبون بمحاسبة المخطيء. - الاعتداء على الأطباء هي سلسلة متكررة - حسب ما ذكر الأطباء في وقفاتهم الماضية - إلا أن آخرها هو ما حدث بمستشفى المطرية، عندما طلب أمين شرطة إعطائه تقرير مزور، وعندما رفض الطبيب قام أربعة من رجال الشرطة بضربه والتعدي عليه. وعلى أثر هذه الواقعة، نظم الأطباء في جميع المحافظات وقفات تضامنية ضد انتهاكات الشرطة مطالبين باسترداد كرامتهم وحقوقهم. ومن ضمن الانتهاكات السابقة واقعة اعتداء أمين شرطة على طبيب بمستشفي الأزهر بدمياط، بعد أن طلب الطبيب من أمين الشرطة أن يخلي الغرفة بعد ازدحامها، فرد الأمين "هذا ليس عملي بل عمل أمن المستشفي"، فرد الطبيب "طالما مش شغلك اطلع بره"، فقام الأمين برفع سلاحه في وجه الطبيب مهددًا إياه. - "هتك عرض" فتاة داخل سيارة شرطة وفيها قام أمينا شرطة بإيقاف سيارة يستقلها شاب وفتاة وطلبا منهما إبراز هويتهما، ثم أجبرا الفتاة على النزول واصطحباها في سيارة النجدة التي كانا يستقلانها، زاعمين أنهما سيقومان بتوصيلها لمنزلها. وقاما باصطحاب الفتاة إلى منطقة نائية وجرداها من ملابسها وتحسسا أجزاء من جسدها وهتكا عرضها، وحاولا الاعتداء عليها، إلا أنها قاومتهما واستغاثت على نحو أجبرهما على تركها في وقت لاحق. وأثبتت التحقيقات رواية الفتاة، إضافة إلى تقرير مصلحة الطب الشرعي الذي أفاد بعد تحليل عينة الحامض النووى "دى إن إيه"، بأن المادة التي عثر عليها بملابس الفتاة، عبارة عن سائل منوى لأحد المتهمين. ومع هذا، قامت النيابة بإخلاء سبيل أمينى الشرطة المتهمين باختطاف وهتك عرض الفتاة داخل سيارة شرطة بمنطقة الساحل، بكفالة 3 آلاف جنيه لكل منهما، وتأجيل محاكمتهما ل3 أبريل، للاطلاع. - شيماء الصياغ واقعة أثارت الجدل وأشعلت غضب قطاع عريض من المصريين، بعد أن خرجت "الصباغ" - عضو في حزب حزب التحالف الشعبي الاشتراكي - في مظاهرات سلمية إحياء لذكرى 25 يناير، لتسلبها طلقة غادرة حياتها في لحظة. واتهم الضابط ياسين صلاح ب"ضرب" المتظاهرة شيماء الصباغ بطريقة أفضت إلى وفاتها، وقضت المحكمة بسجن ضابط الشرطة 15 عاما، وقال النائب العام إن الصباغ قتلت على يد ضابط أطلق رصاص مطاطي لتفريق محتجين في ذكرى الإطاحة بالرئيس محمد حسني مبارك، وفي النهاية، قررت محكمة النقض قبول الطعن المقدم من الضابط ياسين حاتم، وإعادة المحاكمة. - دهس المتظاهرين بميدان التحرير إبان ثورة 25 يناير التي نادت ب"عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"، شهدت مصر خسائر فادحة في الأرواح، عندما وجهت الشرطة سلاحها في وجه النتظاهرين الرافضين لحكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، ليقف المتظاهرون دون رهبة في أن يفدوا وطنهم بأرواحهم. ومن ضمن الانتهاكات التي حدثت وقتها، وربما أبشعها كان دهس مدرعات الشرطة للمتظاهرين في الميدان. ومازال الوضع أشبه ب"المد والجذب"، فتارة يهدأ الشعب من ثورته ضد الحقوق المهدرة، وتارة يشتعل الفتيل مرة أخرى وبشكل أكبر، رافضًا كل أشكال الظلم والبطش التي يمارسها بعض أفراد الشرطة دون خوف من الحساب.