لعشرات السنين لم يكن لمعظم الدعاة فى مصر شغل مع الناس إلا الحث على ارتداء الجلباب القصير وحف الشوارب وإطلاق اللحى وعدم مصافحة النساء وعدم تهنئة المسيحيين فى أعيادهم، حتى خلقوا انطباعا عند الناس بأن هذه الأشياء هى أهم ما فى الدين أمّا ما عداها كالفضائل والقيم فعلى المسلمين أن يطمئنوا وألاّ يقلقوا منها بتاتا فأحاديث الرحمة كثيرة وكله تحت السيطرة، فمن قال لا إله إلا الله سيدخل الجنة حتى وإن سرق وإن زنا، وكل مسلم حتتشال ذنوبه يوم القيامة بقدرة قادر وتتحط على واحد تانى حيشيلها عنه ولازم الواحد ده يكون مسيحى أو يهودى ويقال للمسلم هذا فكاكك من النار وياللا عالجنة يا مؤمن من غير حساب، وخزعبلات وروايات أخرى كثيرة قزّمت قيمة العمل تماما وأورثت الناس تدينا قشريا مغشوشا، وهكذا شيئا فشيئا اختزل المسلمون الدين فى الحرص على المظاهر الخارجية والتمسك بحذافيرها، وبقدر حفاظهم على تلك المظاهر بنفس القدر الذى ابتعدوا به عن جوهر الدين وفضائله وقيمه حتى جاء هذا الزمن الأغبر الذى ماتت فيه معظم الضمائر وانهارت وتهاوت الأخلاق فيه إلى أسفل سافلين وأصبحنا نرى القتلة واللصوص والنصابين والمزورين من أصحاب اللحى وذوات الحجاب وكأن لسان حالهم يقول: احنا لابسين أهو اللبس الشرعى والدقن والشنب والحجاب والنقاب «إى وان» يبقى عايزين مننا إيه تانى محدش له عندنا حاجة خالص احنا كده عاملين اللى علينا وزيادة وحندخل الجنة حدف من غير حساب، ونتحاسب ليه واحنا منفذين كل اللى مشايخنا أمروا به وهمّ خلاص طمّنونا أن المسلم لو بس قال لا إله إلا الله فكفاية قوى عشان يدخل الجنة من غير حساب حتى وإن سرق أو زنا، يبقى ليه بقى نتعب فى مجاهدة النفس واتباع الفضائل والقيم واحنا كده كده داخلين الجنة؟.. ولذلك يا سادة فأنا أشفق بشدة على الذين يتبنون حملة «أخلاقنا» ويضعون عليها الآمال العريضة لرد الاعتبار للأخلاق من جديد فى المجتمع المصرى والعودة بالمسلمين إلى جوهر الدين، مهمتكم صعبة جدا وسبحان اللى حيخليكم تقدروا تصححوا صورة ذهنية خاطئة تم حفرها فى عقول الناس على مدى عشرات السنين حتى تربست جواه.. « فلا تقعدوا معهم» «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ» صدق الله العظيم، هذه الآية الكريمة هى ردى على الأستاذ أحمد إبراهيم الذى أرسل للمرة الثانية يعاتبنى على معارضتى لقانون ازدراء الأديان ويقول إن من أمن العقوبة أساء الأدب وكذلك يفعل المستهزئون، وبدورى أقول له إن الله سبحانه وتعالى هو الذى حدد أسلوب التعامل معهم فلم يقل اقتلوهم أو قاطعوهم إلى الأبد ولكن فقط لا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره، واوعى تقول لى الزمن اختلف لأنى حاقول لك القرآن يصلح لكل زمان ومكان.. يا أستاذ أحمد لقد نزل القرآن تبيانا لكل شىء.. ما قل ودل ابتسم لحد ما تعرفوش فى الشارع وحتخليه على الأقل ينسى مشاكله لمدة دقيقة ويفكر ويقول مين الأهبل ده..