في الآونة الأخيرة، ازدادت شكاوي المواطنين من تردي أوضاع الرعاية الصحية بكثير من المستشفيات، إضافة إلي ما يتعرض له المرضي من أخطاء بعض الأطباء، بما تزيد معدلاتها عن المسموح به في المعايير المهنية.. وهو ما جعل قنوات فضائية تسلط الضوء عليه، في إشارة منها للإسراع بالعمل علي تصحيح مسار وزارة الصحة، وتحميلها مسئولياتها تجاه صحة المصريين. وقد تناولت تلك البرامج كشفا عن حالات لبعض المرضي بالأيدز في مصر، رغم انحساره، إلا أنه يعد ملفا غائبا عن وزارة الصحة، يعاني من ويلاته المرضي والأطباء علي حد سواء!.. وإذا كان المرضي يدركون المسببات التي اقترفوها حتي أصيبوا بهذا المرض اللعين، إلا أن الأطباء يصبحون أيضاً ضحايا لمأساة عدم اكتراث وزارة الصحة بالاهتمام بتفعيل منظومة الوقاية من العدوي، وتأمينهم منها.. ونفس الحال يتعرض له كثير من الأطباء، علي خلفية الأمراض المعدية، وهو خطر لا يتوقف عند إصابة الأطباء بالعدوي، بل يتخطاهم لإصابة مرضي جدد ليس لهم ذنب، مثلما يحدث للأطباء. وإذا كان وزير الصحة في حكومة المهندس شريف إسماعيل، قد أعد خطة الوزارة في المرحلة المستقبلية، لتقديم أوراق اعتمادها ضمن برنامج الحكومة، المنتظر عرضه علي مجلس النواب في الأيام القليلة القادمة.. فأتمني ألا يغيب هذا الملف وطرق معالجته عن هذه الخطة، خاصة وأن هموم رعاية صحة المصريين تنتظر الكثير من العلاج، وتحتاج إلي جهد حثيث ووعي في التخطيط، والاستفادة من تجارب الدول الأكثر تحضرا، وتأسيسا للأولويات لتجاوز الأزمة. وعند العرض للملفات التي تستلزم التنبيه لعدم غيابها عن الخطة المستقبلية للصحة في مصر، فإن أحوال الهيئة القومية للرقابة وبحوث الدواء، تستوجب اهتماما خاصا، حيث أنها شريك حيوي في تطوير صناعة الدواء المصري، الذي إذا أوليناه اهتماما، لكان مصدرا رئيسيا للدخل القومي، وله من المقومات التي تكون عوضا عما نفتقده في مجالات عدة، تؤثر عليها مؤامرات الإرهاب، والدول الراعية له. الهيئة القومية للرقابة وبحوث الدواء، هي المنوط بها إعمال الرقابة علي الدواء، سواء كانت علي المنتج المحلي، أو المستورد، إضافة للأبحاث في مجال الدواء، بما يعظم دورها، خاصة وأنها متفردة بين مثيلاتها في دول العالم، حتي المتحضر منها، ويتمثل هذا التميز في كون المسئولين عن الرقابة الدوائية بها من الباحثين الجامعيين، وهم قوام النصيب المهم في الهيئة، وهو ما استوقف الهيئات الدولية العاملة في مراجعة الرقابة علي الدواء، حين زياراتها لها، حيث أشادت تلك الهيئات بالنهج العلمي المميز في الرقابة الدوائية، وخصوصيتها نتاج تزاوج البحث العلمي مع المسئولية الرقابية في آن واحد، وهو ما يدعم الرقابة، لما للباحث من رؤية وبصيرة علمية تمكنه من الكشف عن الأصلح.. ورغم عظمة قدرها وقيمتها، في المشاركة الإيجابية في رعاية صحة المصريين، إضافة لدورها القومي في دعم صناعة الدواء، إلا أن وزارة الصحة لا تتحمل كامل مسئولياتها تجاهها، وهو ما يستوجب مراجعة سبل دعمها، لتطوير منظومة البحث العلمي بها، وهذا لن يتأتي إلا بزيادة درجات كادر الجامعة، مع تخصيص أكثر للمنح الدراسية، إضافة إلي التحديث الدائم لأجهزة معاملها، إسهاما واجبا لأداء أفضل.. وتحيا مصر