توفير 10 سيارات مياه ب 4 مناطق في الهرم بأول أيام عيد الأضحى (صور)    "هنية" فى كلمته بمناسبة عيد الأضحى: رد المقاومة متوافق مع قرار مجلس الأمن والاحتلال يمارس الخداع للحصول على الأسرى    إريكسن أفضل لاعب في مباراة سلوفينيا ضد الدنمارك ب"يورو 2024"    تعادل منتخب الدنمارك مع نظيره السلوفيني بنتيجة 1 – 1 ضمن المجموعة الثالثة في يورو    بوفون: إسبانيا منتخب صلب.. وسيصل القمة بعد عامين    موعد مباراة البرتغال والتشيك في يورو 2024.. والقنوات الناقلة والمعلق    إقبال كبير لرحلات اليوم الواحد على شواطئ رأس البر    الحج السعودية: وصول ما يقارب 800 ألف حاج وحاجة إلى مشعر منى قبل الفجر    أول أيام عيد الأضحى المبارك.. سينمات وسط البلد كاملة العدد | فيديو    إعلام عبرى الكابينيت سيصدق الليلة على شرعنة 4 بؤر استيطانية في الضفة الغربية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    الرياضة: حملة بشبابها تشارك في احتفالات عيد الأضحى وزيارات للمحافظين للتهنئة    "Inside Out 2" يزيح "Bad Boys 4" من صدارة شباك التذاكر الأمريكي    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    وكيل «صحة كفر الشيخ» يتابع انتظام العمل بالمستشفيات في أول أيام عيد الأضحى    «أتوبيس الفرحة».. أمانة شبرا بمستقبل وطن توزع 3000 هدية بمناسبة عيد الأضحى| صور    سويسرا تعتزم إجراء محادثات مع روسيا بعد قمة السلام بشأن أوكرانيا    الغندور ينتقد صناع "أولاد رزق" بسبب "القاضية ممكن"    الدراما النسائية تسيطر على موسم الصيف    ريهام سعيد تبكي على الهواء (تعرف على السبب)    «العيدية بقت أونلاين».. 3 طرق لإرسالها بسهولة وأمان إلكترونيا في العيد    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    مرور مكثف على مكاتب الصحة ومراكز عقر الحيوان بالإسماعيلية    في أقل من 24 ساعة.. "مفيش كدة" لمحمد رمضان تتصدر التريند (فيديو)    وزير الداخلية الباكستاني يؤكد ضمان أمن المواطنين الصينيين في بلاده    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    التصعيد مستمر بين إسرائيل وحزب الله    لتحسين جودتها.. طبيبة توضح نصائح لحفظ اللحوم بعد نحر الأضحية    قصور الثقافة بالإسكندرية تحتفل بعيد الأضحى مع أطفال بشاير الخير    موراي يمثل بريطانيا في أولمبياد باريس.. ورادوكانو ترفض    عيد الأضحى 2024.. اعرف آخر موعد للذبح والتضحية    وصية مؤثرة للحاجة ليلى قبل وفاتها على عرفات.. ماذا قالت في آخر اتصال مع ابنها؟    قرار عاجل في الأهلي يحسم صفقة زين الدين بلعيد.. «التوقيع بعد العيد»    وفاة ثانى سيدة من كفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    يقام ثاني أيام العيد.. حفل أنغام بالكويت يرفع شعار "كامل العدد"    تقارير: اهتمام أهلاوي بمدافع الرجاء    هالة السعيد: 3,6 مليار جنيه لتنفيذ 361 مشروعًا تنمويًا بالغربية    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    ضبط 70 مخالفة تموينية متنوعة فى حملات على المخابز والأسواق بالدقهلية    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    روسيا: مقتل محتجزي الرهائن في أحد السجون بمقاطعة روستوف    القوات الروسية تحرر بلدة «زاجورنويه» في مقاطعة زابوروجيه    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    قائمة شاشات التليفزيون المحرومة من نتفليكس اعتبارا من 24 يوليو    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن خالة العندليب: حليم لم يمت!
- "الحلاوات" أول قرية تملك وحدة صحية وكهرباء في مصر بدعم ابنها الأسمر

لم يكن منزل "العندليب" القائم بحي الزمالك، الأثر الوحيد الباقي من الراحل عبد الحليم حافظ، فعلى بعد أمتار من مدخل قرية "الحلاوات" التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية هناك آثر آخر للعندليب متمثل في منزله الذي بناه خصيصا كاستراحة له وسط أقاربه وأهل بلدته الذين لم ينفصل عنهم للحظة واحدة.
المنزل بناه "العندليب الأسمر" منذ ما يقرب من خمسين عاما على الطراز الحديث عكس باقي منازل القرية التي تشبه أغلب قرى دلتا مصر، ولم يطرأ تغير على منزل "العندليب" - عن الفترة التي بنى فيها - سوى بعض الترميمات التي أجراها مالكه الجديد الذي اشتراه من ورثة عبد الحليم حيث أًصر على أن يتركه كأثر وذكرى لأهل البلدة التي تدين بشهرتها لابنها الأسمر الذي خرج منها يومًا ليصنع مجدًا تخطى العالمية.
"العندليب الأسمر"، له أيضا دور كبير في تقديم بعض الخدمات لأهالي القرية منها مشاركته في إنشاء أول وحدة صحية هناك، كما كانت "الحلاوات" أول قرى محافظة الشرقية التي تدخلها الكهرباء في ستينيات القرن الماضي بفضل علاقات "العندليب"، إلى جانب دعمه في إنشاء جامعة الزقازيق التي أصبحت فيما بعد واحد من كبرى الجامعات المصرية.
ورغم ظروف عمله المستمر خاصة في الستينيات حينما أصبح المطرب الأول عربيا، وأحد أبرز نجوم السينما، ورغم ظروف مرضه التي كانت تتفاقم عاما بعد آخر، إلا أن هذا لم يشغله كثيرا عن صلة الرحم التي تجمعه بأهل قريته، وهو ما أكده المحامي محمد شكري - نجل ابن خالة عبد الحليم حافظ- الذي عاصره في آخر أيامه، حيث قال عنه: "علاقة حليم بالقرية لم تنقطع يوماً، وتربينا جميعا على القصص التي يرويها لنا أهلنا عن مدى حب عبد الحليم لهذه القرية التي شهدت فترة نشأته، كما عرفنا بدوره الكبير في تحمل تكاليف بناء أول وحدة صحية على نفقته الخاصة عام 1964، لتكون أول قرية مصرية تملك وحدة صحية خاصة في هذا الوقت".
فخر واعتزاز
ويضيف محمد شكري قائلا: "مازال أبائنا يتفاخرون أن "الحلاوات" هي أول قرية في المحافظة يدخلها الكهرباء وهذا بفضل حليم أيضا، الذي قام بشراء مولد كهرباء خاص للقرية وأصر على إنارتها لتكون أولى قرى المحافظة التي يدخلها الكهرباء"، ويستكمل شكري: "يوماً بعد يوم أعرف عن عبد الحليم حكايات وقصص جديدة لم أكن أعرفها من قبل، فقد كان الراحل يتحمل تكاليف المصروفات الدراسية لعدد من شباب القرية، وعلى الرغم من أن القدر لم يمهلنا الوقت الكافي لمعرفته أكثر، إلا أنني من خلال فترة تعاملي معه وجدت أنه شخص ودود للغاية ولم يصيبه الغرور يوماً ما حتى في أواخر أيامه، وكان يحرص على زيارة القرية باستمرار، لكن بعد وفاته قاموا ورثته ببيع منزله لأحد أقاربه" .
ويتابع قائلاً: "بعد وفاة حليم أطلقت وزارة الثقافة اسم الراحل على المسرح الوحيد الموجود بالقرية والذي يقع داخل المركز الرياضي وكان يقام كل عام احتفالا لإحياء ذكراه، إلا أن كل هذه المظاهر توقفت منذ حوالي عامين، كما كان هناك تمثال لحليم في مدخل القرية لكن مع إهماله تهدم ولم يعد موجودا".
مكانة العندليب
انتقلنا بالحديث إلى الحاج شكري شقيق والد عبد الحليم حافظ الذي أكد أنه حتى يوماً هذا لا يوجد مطرب استطاع أن يحتل مكانة حليم لدى بسطاء مصر، وعلى الرغم من مرور عشرات السنوات على وفاته إلا أن مكانته مازال فارغاً ولم يتمكن أحد من أن يحتله كما سيظل حاضرا بيننا بفنه وعطائه الذي لم ينتهي.
ويضيف الحاج شكري قائلا: "العندليب رمزاً للصدق والإخلاص في عمله، وكان يقتني الألحان والكلمات التي كان على يقين أنها ستظل باقية في وجدان الجمهور حتى بعد وفاته، لكن للأسف فقد ولد يتيماً وصاحبه والأسى والحزن منذ اللحظة الأولى من حياته وحتى رحيله، وهذا الأمر جعل للعذاب مكان في حياته الطويلة من يتم مبكر واكتشاف أيضاً مبكر للمرض اللعين الذي صاحبه على مدار حياته، كما أن حليم تعرض للهجوم الشرس في بداية طريقه الفني لكن هذا الأمر شد من عزمه وجعله أكثر إصرارا، فقد كان يصر على أن حضور البروفات حتى في أشد لحظات مرضه.. في يوم ولادته كل نساء القرية أجمعن أنه سيولد ميتا وأنه لن يعيش بعد وفاة أمه، أي أنه "ابن موت"، فلم يكن لديهن الإدراك أن الله سوف يرعى حليم بعنايته، لذلك تنافست نساء القرية على العناية والاهتمام به بعد وفاة أمه".
رد الجميل
وعن علاقة حليم كما لازال أهل القرية يطلقون عليه بقريته في وقت نجوميته يقول الحاج شكري: "لم تنقطع علاقته ب"الحلاوات" حتى بعد شهرته، فقد كان حريص على أن يقوم بزيارة القرية بصفة شبه دائمة، وكان يحب عندما يأتي إلى القرية أن يجتمع مع كل أهاليها حتى أكثر الأهالي فقرا، بل على العكس كان الأقرب إليه، وكان يحب الجلوس معهم والتعرف على مشاكلهم، وكان يصر على مكافأة أهل قريته التي كان يشعر ناحيتها بنوع من الجميل، لذا فقد أراد أن يرد الجميل إلى أهله وحرص على أن تكون أول قرية في الشرقية يدخلها الكهرباء لذا قام بشراء مولد كهرباء للقرية وأنارها وأصر على أن تكون أولوية الإنارة للمساجد ثم الشوارع"، ويستكمل حديثه قائلاً: "لم يكتفي حليم بهذا القدر من الوفاء لقريته بل حرص أيضاً على أن يدخل شبكة صرف صحي وشبكة مياه نظيفة للمنازل وتحمل تكاليف شراء المواسير وأعمال الحفر، كما أشترى ما يقرب من 11 صنبور مياه وقام بتوزيعهم على جميع أنحاء القرية التي لم تعرف المياه النظيفة قبل ذلك، وذلك منه لرعاية نساء القرية اللاتي كنا يضطررن للسير لمسافات طويلة للحصول على المياه.. كان يوم افتتاح هذا المشروع احتفالا في القرية كلها وحضر وقتها حليم بصحبة رئيس الوزراء".
واجب وطني
وعن مساهمات حليم في محافظة الشرقية، يقول الحاج شكري: "كان لحليم دور هام في المشروعات الخدمية ليس في قرية الحلاوات فقط بل محافظة الشرقية بأكملها، وقام بجمع تبرعات من المحلات لبناء جامعة الزقازيق بعد أن فشل المحافظ وقتها في جمع تبرعات لبنائها ليستعين بحليم ليساعده في تلك المهمة، ونظراً لحب الشعب لعبد الحليم قاموا بالنزول إلى الشوارع مع المحافظ وبات يجوب الشوارع ويطلب من المحلات والمنازل التبرع لبناء الجامعة ونجح في ذلك، حيث لم يتمكن أحد من رد دعوة معشوقهم الأول، ولم يقتصر دور حليم على هذا الأمر بل انه كان يحيى حفلات ويتبرع بأجره لصالح بناء الجامعة، وقد أصر على ألا يوضع اسمه على هذه الجامعة إلا أنهم بعد ذلك قاموا بوضع اسم الزعيم الراحل أحمد عرابي عليها كما قام بناء جامع الفتح الموجود حالياً في الزقازيق" .
ويستطرد الحاج شكري أيضا: "لقد كان حليم يحرص باستمرار على الحضور إلى القرية مع عدد كبير من رموز الفن وعلى رأسهم الملحن الشهير بليغ حمدي، حيث يحضرون صباحا للقرية ويستمرون في العمل حتى العودة إلى القاهرة في اليوم التالي، وكان حليم يسكن في المنزل الموجود حالياً في القرية فقد كان ذلك الوقت أحدث منازل القرية وحلم كل الأهالي، إلا أنه تحول في هذه الأيام إلى فرن بلدي بعد أن تم بيعه إلى أحد أقاربنا بعد وفاة حليم، حيث قام باقتطاع جزء من المنزل لتحويله إلى فرن بلدي والجزء الآخر أصابه التدهور من قلة العناية، رغم أنه من المفترض أن تتولى الدولة هذا المنزل بالرعاية وأن يتحول إلى مزار لمحبي حليم من كل أنحاء العالم العربي" .
النسيان
وأكد الحاج شكري في ختام حديثه أن المحافظة لم تهتم كثيراً بتمثال الفنان عبد الحليم الذي وضع في مدخل القرية إلا أن الإهمال أصابه وتم نقله إلى محافظة الزقازيق، ويقول الحاج شكري: "لا يليق باسم الفنان الراحل الذي بذل حياته من أجل مصر خاصة في فترات الحروب أن يعامل تمثاله بهذا الشكل المهين.. لا أحد ينسى دور حليم في التبرع للمجهود الحربي، ولا أغنياته الوطنية التي حمست مئات الشباب للمشاركة في الدفاع عن مصر، وهي نفس الأغنيات التي تثير حماس الشباب حتى الآن، حتى ذكراه أصبحت في طي النسيان، لا أحد أصبح يقيم احتفالية سنوية في مسرح القرية في ذكراه مثلما كان المعتاد منذ وفاته، لتبقى ذكراه فقط في قلوب محبيه في مصر وخاصة في قلوب أهل قريته".
لم يكن منزل "العندليب" القائم بحي الزمالك، الأثر الوحيد الباقي من الراحل عبد الحليم حافظ، فعلى بعد أمتار من مدخل قرية "الحلاوات" التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية هناك آثر آخر للعندليب متمثل في منزله الذي بناه خصيصا كاستراحة له وسط أقاربه وأهل بلدته الذين لم ينفصل عنهم للحظة واحدة.
المنزل بناه "العندليب الأسمر" منذ ما يقرب من خمسين عاما على الطراز الحديث عكس باقي منازل القرية التي تشبه أغلب قرى دلتا مصر، ولم يطرأ تغير على منزل "العندليب" - عن الفترة التي بنى فيها - سوى بعض الترميمات التي أجراها مالكه الجديد الذي اشتراه من ورثة عبد الحليم حيث أًصر على أن يتركه كأثر وذكرى لأهل البلدة التي تدين بشهرتها لابنها الأسمر الذي خرج منها يومًا ليصنع مجدًا تخطى العالمية.
"العندليب الأسمر"، له أيضا دور كبير في تقديم بعض الخدمات لأهالي القرية منها مشاركته في إنشاء أول وحدة صحية هناك، كما كانت "الحلاوات" أول قرى محافظة الشرقية التي تدخلها الكهرباء في ستينيات القرن الماضي بفضل علاقات "العندليب"، إلى جانب دعمه في إنشاء جامعة الزقازيق التي أصبحت فيما بعد واحد من كبرى الجامعات المصرية.
ورغم ظروف عمله المستمر خاصة في الستينيات حينما أصبح المطرب الأول عربيا، وأحد أبرز نجوم السينما، ورغم ظروف مرضه التي كانت تتفاقم عاما بعد آخر، إلا أن هذا لم يشغله كثيرا عن صلة الرحم التي تجمعه بأهل قريته، وهو ما أكده المحامي محمد شكري - نجل ابن خالة عبد الحليم حافظ- الذي عاصره في آخر أيامه، حيث قال عنه: "علاقة حليم بالقرية لم تنقطع يوماً، وتربينا جميعا على القصص التي يرويها لنا أهلنا عن مدى حب عبد الحليم لهذه القرية التي شهدت فترة نشأته، كما عرفنا بدوره الكبير في تحمل تكاليف بناء أول وحدة صحية على نفقته الخاصة عام 1964، لتكون أول قرية مصرية تملك وحدة صحية خاصة في هذا الوقت".
فخر واعتزاز
ويضيف محمد شكري قائلا: "مازال أبائنا يتفاخرون أن "الحلاوات" هي أول قرية في المحافظة يدخلها الكهرباء وهذا بفضل حليم أيضا، الذي قام بشراء مولد كهرباء خاص للقرية وأصر على إنارتها لتكون أولى قرى المحافظة التي يدخلها الكهرباء"، ويستكمل شكري: "يوماً بعد يوم أعرف عن عبد الحليم حكايات وقصص جديدة لم أكن أعرفها من قبل، فقد كان الراحل يتحمل تكاليف المصروفات الدراسية لعدد من شباب القرية، وعلى الرغم من أن القدر لم يمهلنا الوقت الكافي لمعرفته أكثر، إلا أنني من خلال فترة تعاملي معه وجدت أنه شخص ودود للغاية ولم يصيبه الغرور يوماً ما حتى في أواخر أيامه، وكان يحرص على زيارة القرية باستمرار، لكن بعد وفاته قاموا ورثته ببيع منزله لأحد أقاربه" .
ويتابع قائلاً: "بعد وفاة حليم أطلقت وزارة الثقافة اسم الراحل على المسرح الوحيد الموجود بالقرية والذي يقع داخل المركز الرياضي وكان يقام كل عام احتفالا لإحياء ذكراه، إلا أن كل هذه المظاهر توقفت منذ حوالي عامين، كما كان هناك تمثال لحليم في مدخل القرية لكن مع إهماله تهدم ولم يعد موجودا".
مكانة العندليب
انتقلنا بالحديث إلى الحاج شكري شقيق والد عبد الحليم حافظ الذي أكد أنه حتى يوماً هذا لا يوجد مطرب استطاع أن يحتل مكانة حليم لدى بسطاء مصر، وعلى الرغم من مرور عشرات السنوات على وفاته إلا أن مكانته مازال فارغاً ولم يتمكن أحد من أن يحتله كما سيظل حاضرا بيننا بفنه وعطائه الذي لم ينتهي.
ويضيف الحاج شكري قائلا: "العندليب رمزاً للصدق والإخلاص في عمله، وكان يقتني الألحان والكلمات التي كان على يقين أنها ستظل باقية في وجدان الجمهور حتى بعد وفاته، لكن للأسف فقد ولد يتيماً وصاحبه والأسى والحزن منذ اللحظة الأولى من حياته وحتى رحيله، وهذا الأمر جعل للعذاب مكان في حياته الطويلة من يتم مبكر واكتشاف أيضاً مبكر للمرض اللعين الذي صاحبه على مدار حياته، كما أن حليم تعرض للهجوم الشرس في بداية طريقه الفني لكن هذا الأمر شد من عزمه وجعله أكثر إصرارا، فقد كان يصر على أن حضور البروفات حتى في أشد لحظات مرضه.. في يوم ولادته كل نساء القرية أجمعن أنه سيولد ميتا وأنه لن يعيش بعد وفاة أمه، أي أنه "ابن موت"، فلم يكن لديهن الإدراك أن الله سوف يرعى حليم بعنايته، لذلك تنافست نساء القرية على العناية والاهتمام به بعد وفاة أمه".
رد الجميل
وعن علاقة حليم كما لازال أهل القرية يطلقون عليه بقريته في وقت نجوميته يقول الحاج شكري: "لم تنقطع علاقته ب"الحلاوات" حتى بعد شهرته، فقد كان حريص على أن يقوم بزيارة القرية بصفة شبه دائمة، وكان يحب عندما يأتي إلى القرية أن يجتمع مع كل أهاليها حتى أكثر الأهالي فقرا، بل على العكس كان الأقرب إليه، وكان يحب الجلوس معهم والتعرف على مشاكلهم، وكان يصر على مكافأة أهل قريته التي كان يشعر ناحيتها بنوع من الجميل، لذا فقد أراد أن يرد الجميل إلى أهله وحرص على أن تكون أول قرية في الشرقية يدخلها الكهرباء لذا قام بشراء مولد كهرباء للقرية وأنارها وأصر على أن تكون أولوية الإنارة للمساجد ثم الشوارع"، ويستكمل حديثه قائلاً: "لم يكتفي حليم بهذا القدر من الوفاء لقريته بل حرص أيضاً على أن يدخل شبكة صرف صحي وشبكة مياه نظيفة للمنازل وتحمل تكاليف شراء المواسير وأعمال الحفر، كما أشترى ما يقرب من 11 صنبور مياه وقام بتوزيعهم على جميع أنحاء القرية التي لم تعرف المياه النظيفة قبل ذلك، وذلك منه لرعاية نساء القرية اللاتي كنا يضطررن للسير لمسافات طويلة للحصول على المياه.. كان يوم افتتاح هذا المشروع احتفالا في القرية كلها وحضر وقتها حليم بصحبة رئيس الوزراء".
واجب وطني
وعن مساهمات حليم في محافظة الشرقية، يقول الحاج شكري: "كان لحليم دور هام في المشروعات الخدمية ليس في قرية الحلاوات فقط بل محافظة الشرقية بأكملها، وقام بجمع تبرعات من المحلات لبناء جامعة الزقازيق بعد أن فشل المحافظ وقتها في جمع تبرعات لبنائها ليستعين بحليم ليساعده في تلك المهمة، ونظراً لحب الشعب لعبد الحليم قاموا بالنزول إلى الشوارع مع المحافظ وبات يجوب الشوارع ويطلب من المحلات والمنازل التبرع لبناء الجامعة ونجح في ذلك، حيث لم يتمكن أحد من رد دعوة معشوقهم الأول، ولم يقتصر دور حليم على هذا الأمر بل انه كان يحيى حفلات ويتبرع بأجره لصالح بناء الجامعة، وقد أصر على ألا يوضع اسمه على هذه الجامعة إلا أنهم بعد ذلك قاموا بوضع اسم الزعيم الراحل أحمد عرابي عليها كما قام بناء جامع الفتح الموجود حالياً في الزقازيق" .
ويستطرد الحاج شكري أيضا: "لقد كان حليم يحرص باستمرار على الحضور إلى القرية مع عدد كبير من رموز الفن وعلى رأسهم الملحن الشهير بليغ حمدي، حيث يحضرون صباحا للقرية ويستمرون في العمل حتى العودة إلى القاهرة في اليوم التالي، وكان حليم يسكن في المنزل الموجود حالياً في القرية فقد كان ذلك الوقت أحدث منازل القرية وحلم كل الأهالي، إلا أنه تحول في هذه الأيام إلى فرن بلدي بعد أن تم بيعه إلى أحد أقاربنا بعد وفاة حليم، حيث قام باقتطاع جزء من المنزل لتحويله إلى فرن بلدي والجزء الآخر أصابه التدهور من قلة العناية، رغم أنه من المفترض أن تتولى الدولة هذا المنزل بالرعاية وأن يتحول إلى مزار لمحبي حليم من كل أنحاء العالم العربي" .
النسيان
وأكد الحاج شكري في ختام حديثه أن المحافظة لم تهتم كثيراً بتمثال الفنان عبد الحليم الذي وضع في مدخل القرية إلا أن الإهمال أصابه وتم نقله إلى محافظة الزقازيق، ويقول الحاج شكري: "لا يليق باسم الفنان الراحل الذي بذل حياته من أجل مصر خاصة في فترات الحروب أن يعامل تمثاله بهذا الشكل المهين.. لا أحد ينسى دور حليم في التبرع للمجهود الحربي، ولا أغنياته الوطنية التي حمست مئات الشباب للمشاركة في الدفاع عن مصر، وهي نفس الأغنيات التي تثير حماس الشباب حتى الآن، حتى ذكراه أصبحت في طي النسيان، لا أحد أصبح يقيم احتفالية سنوية في مسرح القرية في ذكراه مثلما كان المعتاد منذ وفاته، لتبقى ذكراه فقط في قلوب محبيه في مصر وخاصة في قلوب أهل قريته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.