أبرز أنشطة وفعاليات جامعة أسيوط خلال الفترة من 28 نوفمبر حتى 4 ديسمبر 2025    مديرالقاهرة للدراسات الاقتصادية يكشف أهمية التسهيلات الضريبية وتأثيرها| خاص    لليوم السادس التموين تواصل صرف مقررات ديسمبر حتى 8 مساء    البرلمان العربي يرحب بالتصويت الأممي لصالح تجديد ولاية «الأونروا» ل3 سنوات جديدة    مسؤول سابق بالبيت الأبيض: ترامب فشل في استغلال الحرب للضغط على موسكو    منتخب الجزائر يكتسح البحرين بخماسية ويتصدر ترتيب المجموعة فى كأس العرب    مان سيتي ضد سندرلاند.. السيتزنز يحسم الشوط الأول بثنائية دفاعية.. فيديو    مانشستر سيتي يتقدم على سندرلاند في الشوط الأول    يوسف إبراهيم يتأهل إلى نهائي ميلووكي هونغ كونغ للإسكواش 2025    سكك حديد مصر: خدمات موسّعة لكبار السن وذوي الهمم في المحطات والقطارات    تأجيل محاكمة متهمي قتل شاب بالخصوص إلى فبراير    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    هيئة الكتاب تهدي 1000 نسخة من إصداراتها لقصر ثقافة العريش دعمًا للثقافة في شمال سيناء    "الشرع": سوريا تعيش حاليًا في أفضل ظروفها منذ سنوات.. وإسرائيل تصدّر الأزمات إلى الدول الأخرى    رئيس «القابضة للمياه» يجري جولات موسعة ويتابع أعمال التشغيل والصيانة بمحطة الجيزة    خبير اقتصادى يوضح تأثير انخفاض سعر الدولار عالميا على الدين الخارجي المصرى    الشوط الأول| بايرن ميونخ يتقدم على شتوتجارت في الدوري الألماني    غدا، نظر 300 طعن على المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    العثور على فتاة متغيبة بالشرقية بعد تداول منشورات عن اختفائها    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    الحبس شهر وغرامة 20 ألف جنيه لمساعدة الفنانة هالة صدقي بتهمة السب والقذف    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    عاجل- رئيس الوزراء القطري: مفاوضات السلام في غزة تمر بمرحلة حرجة    بعد إعلان أحمد سعد.. إنجي كيوان تواصل تصوير «وننسى اللي كان»    هذا هو موعد عرض فيلم الملحد في دور العرض السينمائي    قبل بداية عرض فيلم الست.. تصريحات سابقة ل منى زكي دفاعا عن تنوع أدوار الفنان    عاجل استشاري أمراض معدية يحذر: لا تستخدم المضادات الحيوية لعلاج الإنفلونزا    الجمعية العمومية لنقابة المحامين تقرر زيادة المعاشات وتناقش تطوير الخدمات النقابية    حل أزمة عجز المدرسين.. كيف تمت معالجة أحد أكبر تحديات التعليم؟    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواعيد مباريات دوري كرة السلة على الكراسي المتحركة    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد أتلتيك بلباو والقناة الناقلة    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    الزراعة توزع أكثر من 400 "فراطة ذرة" مُعاد تأهيلها كمنح لصغار المزارعين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاتحول سعوديا ولاقلق مصريا
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 10 - 03 - 2015

يكفينا في هذه المرحلة الدعم السياسي واللوجستي من السعودية والخليج، ولانحرجهم بالإنضمام للقوة العربية المشتركة، لما نتفهمه من ترتيب الأولويات الجيواستراتيجية والضغوط الدولية
للوهلة الأولي قد يحيلك عنوان المقال إلي ماكتبه د. خالد الدخيلفي »‬الحياة» الأحد 1 مارس الجاري »‬ التحول السعودي والقلق المصري» فتحسبني أكتب رداً عليه، لكن واقع الأمر أني أتجاوز ماكتبه إلي ماهو أهم وأبقي، وإن كان بعضاً مما انتهي إليه مقاله يصلح مدخلاً لما ننتوي عرضه، لا لأهميته ولكن لما أشيع عن قربه من دوائر صنع القرار بالمملكة، ولكونه أستاذاً مساعداً للاجتماع السياسي بجامعة الملك سعود، وأستاذ زائر في مؤسسة كارنيجي للسلام بواشنطن، إذ اعتبر أن علاقات السعودية بمصر ليست »‬شيكا علي بياض أو منحة ملكية لاترد» كما يراها البعض في مصر، وأن تورط بعض وسائل الإعلام المصري »‬في الإساءة النابية لقطر وفي الضرب تحت الحزام بطريقة واضحة في النظام السعودي نفسه»، بما يعكس »‬أن بعض الإعلام المصري علي الأقل لا يزال رهينة خطاب خمسينات القرن الماضي وستيناته، آنذاك كانت اللغة النابية، والتهديد المبطن، والضرب تحت الحزام وسيلة يقصد بها الضغط والابتزاز،
ويستبطن شعوراً عميقاً بأن الخيار الذي اتخذته الدولة المصرية بعد انقلاب 30 يونيو ربما هو أكثر هشاشة مما يبدو عليه». ثم هو يري »‬أن جماعة الإخوان تحولت في مصر إلي نوع من العقدة الفكرية والسياسية، وأن علاقات السعودية ومصر لا يجب أن تكون مرتهنة لا للموقف من الإخوان، ولا للموقف من تركيا التي تتعاطف مع الإخوان. فإذا كان استقرار مصر هو مصلحة استراتيجية سعودية،فإن واجب السعودية أن تتعامل مع قضية الإخوان كمسألة محلية مصرية في الأساس»،وهو يري أيضاً »‬أن استمرار السعودية في الابتعاد عن تركيا، كما يريد البعض في مصر، لا يخدم التوازنات الإقليمية في هذه المرحلة، فتركيا هي إحدي أهم الدول الكبيرة في المنطقة بقدراتها الاقتصادية والعسكرية، ودورها السياسي، إلي جانب كونها عضواً في الناتو وفي مجموعة العشرين الدولية».
وعلي مافي هذا الكلام من خروج علي مقتضي اللياقة بالتطاول والسب، وتجاوز الأكاديمية بعدم الموضوعية في الحكم والتحليل، والإدعاء بالقول وسوء التأويل،فهو لم يأت بجديد،وهي أفكارسبق أن كتبها قبله جمال خاشقجي في مقاله »‬ لكل زمان دولة ورجال وسياسة خارجية»في نفس الجريدة31 يناير الماضي، وهو نفسه رأي »‬كارنيجي» والمنتسبين لها وللإدارة الأمريكية، لكن الملفت هذه المرة هو محاولة الإيحاء في المقال، بأنه يقدم رؤية الإدارة السعودية الجديدة مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو بذلك يحمل المملكة مالم يتضح من مواقفها التي لاتزال داعمة لمصر باعتبارات الأمن القومي العربي، وباعتبارات الرؤية الجيواستراتيجية الناضجة للإدارة المصرية التي تري أمن الخليج جزءاً من أمنها القومي، والتي تأتي مقولة السيسي »‬مسافة السكة» في إطارها، ولم يسبق للسيسي أو لغيره من المصريين أن أنكر علي السعودية حقها في إدارة ملفاتها السياسية، وتعاملها في الإقليم وفق مصالحها الاستراتيجية التي يمكن أن تري فيها أهمية للتعاون مع تركيا درءاً أو تحجيماً للحضور الإيراني الذي يمتد نفوذه إلي الخليج في العراق واليمن وربما أيضاً سوريا ولبنان، وإن كنا نفضل أن يتم تجسير الفجوات السياسية مع إيران، ولعل مصر أقدر علي القيام بهذا الدور. وفي تقديري أن الرئيس المصري الذي زار السعودية في وجود أردوغان يعرف هذا جيداً ولاينكره علي المملكة وإلا لما قام بالزيارة في نفس التوقيت الذي كان فيه الرئيس التركي حاضراً. ولعل في هذا التزامن إشارة سعودية لاتغفلها الرؤية المصرية ولا مخططي سياساتها وواضعي استراتيجياتها أوأجهزة معلوماتها، بل كان اللواء خالد فوزي وزير المخابرات المصرية حاضراً ضمن الوفد المرافق للرئيس في زيارته للمملكة.
ولعل تصريحات السيسي بعد الزيارة ركزت علي أمن البحر الأحمر وباب المندب واليمن وسوريا أكثر مما ركزت علي أولويات مصر في سيناء وليبيا والقوة العربية المشتركة لمحاربة الإرهاب، التي نعرف أن الخليج ليس متحمساً لها بالقدر الكافي لإعتبارات جيواستراتيجية وربما أيضاً لضغوط أمريكية. ولعلنا نتفهم الأولويات الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً، وحاجتها لتأمين حدودها مع اليمن في عسير ونجران من أية أخطار محتملة، فصاعدة علي الحدود تتفاعل فيها الأطماع الإيرانية في المنطقة بوكلائهم الحوثيون الذين هم التهديد الأول للجغرافيا السعودية بحراً وأرضاً ومعهم في نفس السلة الملغومة تنظيمات القاعدة والإخوان وأنصار الله، ومن الناحية الأخري في العراق وسوريا خطر »‬داعش» و»النصرة» و»أنصار الشريعة» المدعوم من الولايات المتحدة وحلفائها و»الناتو» الذي تركيا عضو فيه ومعبر الإرهابيين من أوروبا وآسيا إلي حيث تمركزهم في الأراضي السورية. نتفهم هذا، ونفهم أيضاً دور الولايات المتحدة وبريطانيا والناتو في دعم الفوضي والإرهاب علي حدودنا الغربية مع ليبيا، وكيف أجهضوا ومعهم دول عربية شقيقة قراراً لمجلس الأمن بوقف منع تسليح الجيش الليبي، وكيف عملوا علي أن تظل الأوضاع الأمنية الليبية في سيولة تسمح لداعش بالتمركز في درنة والإنطلاق منها حيث حلفائهم من الإخوان وفجر ليبيا في طرابلس وبنغازي وبقية الأراضي الليبية تتنازعها حكومتان وبرلمانان وفصائل مسلحة، ليمتد خطرها إلي شمال إفريقيا، حيث مالي والنيجر والجزائر وموريتانيا، وحيث بوكو حرام والمحاكم الشرعية وبقية الكيانات الإرهابية المزروعة عمداً والمدعومة سلاحاً وتمويلاً من قطر وتركيا والولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، الذين هم أقرب من السعودية ودول الخليج إلي تهديدات داعش المتطلعة لعبور المتوسط إلي روما، لزرع الإرهاب الذي يقوض الأمن الإقليمي ويغذي أزمة مهاجرين متزايدة إلي شمال المتوسط الأوروبي.
وعلي ذكر أوروبا، فقد تزامن أن طالعت يوم الأحد ايضا تصريحات »‬فولفجانج شيوبله» وزير مالية ألمانيا، الدائن الرئيسي لليونان التي يتجاوز دعم الإتحاد الأوروبي لها 320 مليار يورو، وصدق البوندستاج »‬البرلمان الألماني» علي منحها 21 مليار يورو في 2015. اليونان التي انتخبت علي غير توجهات أوروبا وألمانيا، حكومة يسارية برئاسة »‬ أليكسيس تسيبراس» زعيم إئتلاف اليسار المتطرف »‬سيريزا»، تدعمها ألمانيا حتي لاينفرط عقد الإتحاد الأوروبي، وحتي لاتسقط إحدي دوله في دوائر الفشل، أو تسبب خطراً ديموجرافيا وسياسياً لأوروبا بالهجرة واللاجئين، هكذا هي المسئولية التضامنية بين الأمم، التي لايعاير فيها أحد بأنه يريد دعماً أو شيكاً علي بياض.
من هنا نري أن تركز مصر في محاربة الإرهاب في سيناء، وأن تستمر بالتنسيق الفعال مع الحكومة الليبية ومؤسساتها لضرب مراكز الإرهاب علي حدودنا الغربية، ويكفينا في هذه المرحلة الدعم السياسي واللوجستي من السعودية والخليج، ولانحرجهم بالإنضمام للقوة العربية المشتركة، لما نتفهمه من ترتيب الأولويات الجيواستراتيجية والضغوط الدولية، ولما نراه من عدم توسيع العمليات في المرحلة الحالية، التي ينبغي أن نمهد فيها جسوراً لتوازنات القوي الإقليمية، ولا يتصور أحد أن التقارب السعودي التركي يمكن أن يزعجنا، وحتي لايدعي أحد بالتحول السعودي ولا القلق المصري.
يكفينا في هذه المرحلة الدعم السياسي واللوجستي من السعودية والخليج، ولانحرجهم بالإنضمام للقوة العربية المشتركة، لما نتفهمه من ترتيب الأولويات الجيواستراتيجية والضغوط الدولية
للوهلة الأولي قد يحيلك عنوان المقال إلي ماكتبه د. خالد الدخيلفي »‬الحياة» الأحد 1 مارس الجاري »‬ التحول السعودي والقلق المصري» فتحسبني أكتب رداً عليه، لكن واقع الأمر أني أتجاوز ماكتبه إلي ماهو أهم وأبقي، وإن كان بعضاً مما انتهي إليه مقاله يصلح مدخلاً لما ننتوي عرضه، لا لأهميته ولكن لما أشيع عن قربه من دوائر صنع القرار بالمملكة، ولكونه أستاذاً مساعداً للاجتماع السياسي بجامعة الملك سعود، وأستاذ زائر في مؤسسة كارنيجي للسلام بواشنطن، إذ اعتبر أن علاقات السعودية بمصر ليست »‬شيكا علي بياض أو منحة ملكية لاترد» كما يراها البعض في مصر، وأن تورط بعض وسائل الإعلام المصري »‬في الإساءة النابية لقطر وفي الضرب تحت الحزام بطريقة واضحة في النظام السعودي نفسه»، بما يعكس »‬أن بعض الإعلام المصري علي الأقل لا يزال رهينة خطاب خمسينات القرن الماضي وستيناته، آنذاك كانت اللغة النابية، والتهديد المبطن، والضرب تحت الحزام وسيلة يقصد بها الضغط والابتزاز،
ويستبطن شعوراً عميقاً بأن الخيار الذي اتخذته الدولة المصرية بعد انقلاب 30 يونيو ربما هو أكثر هشاشة مما يبدو عليه». ثم هو يري »‬أن جماعة الإخوان تحولت في مصر إلي نوع من العقدة الفكرية والسياسية، وأن علاقات السعودية ومصر لا يجب أن تكون مرتهنة لا للموقف من الإخوان، ولا للموقف من تركيا التي تتعاطف مع الإخوان. فإذا كان استقرار مصر هو مصلحة استراتيجية سعودية،فإن واجب السعودية أن تتعامل مع قضية الإخوان كمسألة محلية مصرية في الأساس»،وهو يري أيضاً »‬أن استمرار السعودية في الابتعاد عن تركيا، كما يريد البعض في مصر، لا يخدم التوازنات الإقليمية في هذه المرحلة، فتركيا هي إحدي أهم الدول الكبيرة في المنطقة بقدراتها الاقتصادية والعسكرية، ودورها السياسي، إلي جانب كونها عضواً في الناتو وفي مجموعة العشرين الدولية».
وعلي مافي هذا الكلام من خروج علي مقتضي اللياقة بالتطاول والسب، وتجاوز الأكاديمية بعدم الموضوعية في الحكم والتحليل، والإدعاء بالقول وسوء التأويل،فهو لم يأت بجديد،وهي أفكارسبق أن كتبها قبله جمال خاشقجي في مقاله »‬ لكل زمان دولة ورجال وسياسة خارجية»في نفس الجريدة31 يناير الماضي، وهو نفسه رأي »‬كارنيجي» والمنتسبين لها وللإدارة الأمريكية، لكن الملفت هذه المرة هو محاولة الإيحاء في المقال، بأنه يقدم رؤية الإدارة السعودية الجديدة مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو بذلك يحمل المملكة مالم يتضح من مواقفها التي لاتزال داعمة لمصر باعتبارات الأمن القومي العربي، وباعتبارات الرؤية الجيواستراتيجية الناضجة للإدارة المصرية التي تري أمن الخليج جزءاً من أمنها القومي، والتي تأتي مقولة السيسي »‬مسافة السكة» في إطارها، ولم يسبق للسيسي أو لغيره من المصريين أن أنكر علي السعودية حقها في إدارة ملفاتها السياسية، وتعاملها في الإقليم وفق مصالحها الاستراتيجية التي يمكن أن تري فيها أهمية للتعاون مع تركيا درءاً أو تحجيماً للحضور الإيراني الذي يمتد نفوذه إلي الخليج في العراق واليمن وربما أيضاً سوريا ولبنان، وإن كنا نفضل أن يتم تجسير الفجوات السياسية مع إيران، ولعل مصر أقدر علي القيام بهذا الدور. وفي تقديري أن الرئيس المصري الذي زار السعودية في وجود أردوغان يعرف هذا جيداً ولاينكره علي المملكة وإلا لما قام بالزيارة في نفس التوقيت الذي كان فيه الرئيس التركي حاضراً. ولعل في هذا التزامن إشارة سعودية لاتغفلها الرؤية المصرية ولا مخططي سياساتها وواضعي استراتيجياتها أوأجهزة معلوماتها، بل كان اللواء خالد فوزي وزير المخابرات المصرية حاضراً ضمن الوفد المرافق للرئيس في زيارته للمملكة.
ولعل تصريحات السيسي بعد الزيارة ركزت علي أمن البحر الأحمر وباب المندب واليمن وسوريا أكثر مما ركزت علي أولويات مصر في سيناء وليبيا والقوة العربية المشتركة لمحاربة الإرهاب، التي نعرف أن الخليج ليس متحمساً لها بالقدر الكافي لإعتبارات جيواستراتيجية وربما أيضاً لضغوط أمريكية. ولعلنا نتفهم الأولويات الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً، وحاجتها لتأمين حدودها مع اليمن في عسير ونجران من أية أخطار محتملة، فصاعدة علي الحدود تتفاعل فيها الأطماع الإيرانية في المنطقة بوكلائهم الحوثيون الذين هم التهديد الأول للجغرافيا السعودية بحراً وأرضاً ومعهم في نفس السلة الملغومة تنظيمات القاعدة والإخوان وأنصار الله، ومن الناحية الأخري في العراق وسوريا خطر »‬داعش» و»النصرة» و»أنصار الشريعة» المدعوم من الولايات المتحدة وحلفائها و»الناتو» الذي تركيا عضو فيه ومعبر الإرهابيين من أوروبا وآسيا إلي حيث تمركزهم في الأراضي السورية. نتفهم هذا، ونفهم أيضاً دور الولايات المتحدة وبريطانيا والناتو في دعم الفوضي والإرهاب علي حدودنا الغربية مع ليبيا، وكيف أجهضوا ومعهم دول عربية شقيقة قراراً لمجلس الأمن بوقف منع تسليح الجيش الليبي، وكيف عملوا علي أن تظل الأوضاع الأمنية الليبية في سيولة تسمح لداعش بالتمركز في درنة والإنطلاق منها حيث حلفائهم من الإخوان وفجر ليبيا في طرابلس وبنغازي وبقية الأراضي الليبية تتنازعها حكومتان وبرلمانان وفصائل مسلحة، ليمتد خطرها إلي شمال إفريقيا، حيث مالي والنيجر والجزائر وموريتانيا، وحيث بوكو حرام والمحاكم الشرعية وبقية الكيانات الإرهابية المزروعة عمداً والمدعومة سلاحاً وتمويلاً من قطر وتركيا والولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، الذين هم أقرب من السعودية ودول الخليج إلي تهديدات داعش المتطلعة لعبور المتوسط إلي روما، لزرع الإرهاب الذي يقوض الأمن الإقليمي ويغذي أزمة مهاجرين متزايدة إلي شمال المتوسط الأوروبي.
وعلي ذكر أوروبا، فقد تزامن أن طالعت يوم الأحد ايضا تصريحات »‬فولفجانج شيوبله» وزير مالية ألمانيا، الدائن الرئيسي لليونان التي يتجاوز دعم الإتحاد الأوروبي لها 320 مليار يورو، وصدق البوندستاج »‬البرلمان الألماني» علي منحها 21 مليار يورو في 2015. اليونان التي انتخبت علي غير توجهات أوروبا وألمانيا، حكومة يسارية برئاسة »‬ أليكسيس تسيبراس» زعيم إئتلاف اليسار المتطرف »‬سيريزا»، تدعمها ألمانيا حتي لاينفرط عقد الإتحاد الأوروبي، وحتي لاتسقط إحدي دوله في دوائر الفشل، أو تسبب خطراً ديموجرافيا وسياسياً لأوروبا بالهجرة واللاجئين، هكذا هي المسئولية التضامنية بين الأمم، التي لايعاير فيها أحد بأنه يريد دعماً أو شيكاً علي بياض.
من هنا نري أن تركز مصر في محاربة الإرهاب في سيناء، وأن تستمر بالتنسيق الفعال مع الحكومة الليبية ومؤسساتها لضرب مراكز الإرهاب علي حدودنا الغربية، ويكفينا في هذه المرحلة الدعم السياسي واللوجستي من السعودية والخليج، ولانحرجهم بالإنضمام للقوة العربية المشتركة، لما نتفهمه من ترتيب الأولويات الجيواستراتيجية والضغوط الدولية، ولما نراه من عدم توسيع العمليات في المرحلة الحالية، التي ينبغي أن نمهد فيها جسوراً لتوازنات القوي الإقليمية، ولا يتصور أحد أن التقارب السعودي التركي يمكن أن يزعجنا، وحتي لايدعي أحد بالتحول السعودي ولا القلق المصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.