يحتار الكثيرون في السر وراء قوة تنظيم "داعش" الذي بات اسمه عاملاً مشتركاً في نشرات الاخبار اليومية، ووسائل الاعلام المحلية والغربية بمختلف نوافذها. فالتنظيم رغم انه المولود الأحدث في قائمة التنظيمات الارهابية حول العالم، حيث تم الاعلان عنه رسمياً تحت اسم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" في 29 يونيو2014، الا انه بات في تلك الفترة القصيرة الأخطر والأقوي والأعنف والأكثر ثراء بين قائمة تكتظ بأسماء المنظمات الارهابية المماثلة. بل انه تفوق حتي علي "القاعدة"، الرحم الذي خرج منه تحت ستار مكافحة الاحتلال الامريكي للعراق. هذا التنظيم، الذي يحاربه تحالف دولي لاكثر من 40 دولة ويتلقي عشرات الضربات الجوية يومياً بخلاف ما يخوضه من معارك علي الأرض مع جيش العراق وقوات البشمرجة، يحيطه الكثير من الغموض حول عدد مقاتليه الذي تتأرجح تقديراتها بين 30 الي 200 الف، ومقدار ما يسيطر عليه من أراض، حيث يقدّرها البعض ب40 ألف كم2 فيما يقّدر آخرون أنها 90 ألف كم2 . لكن الشيء الأكيد، ان هذا التنظيم يقدم وجهاً جديداً للارهاب مخيفاً ومرعباً، فأهدافه واضحة وهويقوم بتحقيقها بسرعة عجيبة منتهجاً أساليب غير مسبوقة ومعتمداً علي أدوات وآليات متقدمة وتكتيكات حديثة أقرب لفكر الدولة منها لفكر المليشيات. حالة الهوس التي خلقها هذا التنظيم والتي دفعت الآلاف للانضمام لصفوفه والسرعة القصوي التي يتمدد بها وينمولابد وان تدفع العالم لمجابهته بشكل سريع وبطرق مبتكرة تختلف عن تلك الطرق التقليدية التي دأب علي استخدامها منذ التسعينيات، وأي تقاعس أو تباطؤ في ذلك لن يزيده الا قوة وتوحشاً حتي يصبح القضاء عليه أمراً غير قابل للتحقيق. داعش هو التنظيم الإرهابي الأكثر خطورة في العالم لأنه يجمع بين القدرات القتالية لتنظيم القاعدة و القدرات الإدارية لحزب الله"، هكذا وصف الخبير الامريكي في مكافحة الارهاب ديفيد كيلكولين داعش الذي يري انه يفكر كدولة . والحقيقة ان اصرار داعش علي توظيف مصطلح "الدولة" في اسمها (الدولة الاسلامية) لم يكن عشوائياً ، فانشاء دولة الخلافة هو هدفها من البداية ، وبالرغم من انه كان هدف القاعدة ايضاً ، الا انه لم يتجاوز نطاق الحلم بالنسبة لها ، فيما انطلقت داعش لتحقيق هذا الهدف علي الأرض من خلال انتهاجها لمسار مختلف عن أقرانها ، يعتمد علي التوسع الجغرافي في محيطها واكتساب أكبر مساحة ممكنة من الأراضي من خلال القتال البري بتحركات وتكتيكات أقرب للجيوش. زبحسب تقرير لسي ان ان، فان داعش اكتسب من الاراضي والمدن ما لم يكسبه اي تنظيم ارهابي آخر، واتخذ مما اكتسبه من أراضي موضع قدم لاعلان دولة الخلافة والبدء سريعاً في ارساء دعائم هذه الدولة من خلال العمل علي كل المحاور: الادارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتي القانونية. البداية كانت مع تقسيم الاراضي التي احتلها الي ولايات و تعيين وزراء لمباشرة أعمال كل ولاية ، وذلك لتحفيف عبء مركزية الإدارة ، كما تقول مجلة "نيوز ويك" الامريكية. ثم بدأ في تشكيل تحالفات مع زعماء قبائل السنة و فلول حزب البعث الموالي للرئيس العراقي الراحل صدام حسين في العراق، وكبار معارضي الأسد في سوريا ، وذلك لتأمين الاستقرار السياسي في المناطق الداخلة في نفوذه. لكن لأن تأمين الدخل المادي هو صلب بناء الدولة ، عمدت داعش لتأمين المال الكافي لادارة دولتها وتمويل عملياتها القتالية . ورغم اعتمادها بشكل كبير علي بيع النفط والاثار المسروقة والتمويل الذي يأتيها من بعض الأنظمة الداعمة لها بالاضافة الي ما نهبته من البنوك في المناطق التي استولت عليها ، الا انه بحكم تفكير الدولة كان لابد للتنظيم من البحث عن وسائل أخري للتمويل الذاتي تكون أكثر ديمومة ومنهجية. في البداية، اعتمد علي استخدام العنف والتهديد لجمع المال من المواطنين. لكنه طور من طريقة استجلاب المال مع الوقت حيث قام بفرض الضرائب علي مجموعة متنوعة من الأنشطة التجارية، كما فرض الجزية في مقابل الحماية".وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فقد تحول بنك الرقة الي مصلحة للضرائب ، حيث يجمع الموظفون المال من أصحاب الأعمال في مقابل الحصول علي الكهرباء، والمياه، والأمن ، ثم يعطونهم إيصالات رسمية مختومة بشعار داعش. واستكمالاً للمنظومة الاقتصادية أنشأ التنظيم بنكا مركزيا، وبيتا للتمويل الاسلامي يقوم من خلالهما بإدارة اقتصاد الخلافة ، فيما يستعد لاطلاق عملته الخاصة "الدينار" قريباً. بالتوازي مع ذلك ، عمل التنظيم علي اختراق النسيج الاجتماعي للمناطق الخاضعة لسيطرته، فيما أسمته "النيوز ويك" بمحاولة كسب العقول والقلوب، فقام بفتح المستشفيات، وبناء الطرق الجديدة، وإطلاق خدمات النقل بالحافلات وإعادة تأهيل المدارس وإطلاق برامج للأعمال الصغيرة، وتطوير برامج صحية وفتح مراكز لرعاية الأيتام. ومخيمات لتدريب الأشبال ، الذين يعدّهم للانضمام لصفوفه بعد ان يقوم بغسل أدمغتهم في مدارسه. بالتوازي مع ذلك، شن التنظيم حملات لاغلاق المتاجر التي تبيع البضائع الفاسدة والمتدنية الجودة واتخذ مسئولية سبل الاعاشة ، ففي سوريا مثلاً، حيث الخبز هو العنصر الرئيسي ، كان هناك تركيز علي إدارة مطاحن القمح المحلية والمخابز لضمان استمرار الإمدادات بما يكفي لإطعام السكان. ولم يغفل داعش عن سن قوانينه الخاصة التي يستقيها من احكام الشريعة كما حدث في الموصل التي وضع فيها ما يسمي ب "وثيقة المدينة" التي تقر بقطع يد السارق واعدام المرتد والزام المرأة بالنقاب وتحريم الخمر والمخدرات والسجائر وحمل الأسلحة ولاعلام غير التابعة لداعش، وتدمير المزارات والتماثيل وغيرها. كما أنشأ نظام جديد للتقاضي. بهذا الشكل العجيب ، تمزج داعش بين فوضي الارهاب وبناء الدولة ، كما تقول مجلة "الفورين بوليسي". والمخيف هنا ليس فقط السرعة التي تمكن بها التنظيم من الانتقال من فكرة المليشيا الي فكرة الدولة ، والتي وصفها الكاتب الأردني رائد عمري باسرع عملية انتقالية في العصر الحديث، ولكن تزايد صعوبة ازاحتهم من مناطق نفوذهم بعد ان أسسوا لنظام متكامل يرتبط بوجودهم واستمرارهم. وكما يقول ثاناسيس كامبانيس ، الباحث في مؤسسة القرن ، وضعت داعش ما فعلته داعش هو وضع مخطط لدولة قابلة للحياة والاستمرار. يحتار الكثيرون في السر وراء قوة تنظيم "داعش" الذي بات اسمه عاملاً مشتركاً في نشرات الاخبار اليومية، ووسائل الاعلام المحلية والغربية بمختلف نوافذها. فالتنظيم رغم انه المولود الأحدث في قائمة التنظيمات الارهابية حول العالم، حيث تم الاعلان عنه رسمياً تحت اسم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" في 29 يونيو2014، الا انه بات في تلك الفترة القصيرة الأخطر والأقوي والأعنف والأكثر ثراء بين قائمة تكتظ بأسماء المنظمات الارهابية المماثلة. بل انه تفوق حتي علي "القاعدة"، الرحم الذي خرج منه تحت ستار مكافحة الاحتلال الامريكي للعراق. هذا التنظيم، الذي يحاربه تحالف دولي لاكثر من 40 دولة ويتلقي عشرات الضربات الجوية يومياً بخلاف ما يخوضه من معارك علي الأرض مع جيش العراق وقوات البشمرجة، يحيطه الكثير من الغموض حول عدد مقاتليه الذي تتأرجح تقديراتها بين 30 الي 200 الف، ومقدار ما يسيطر عليه من أراض، حيث يقدّرها البعض ب40 ألف كم2 فيما يقّدر آخرون أنها 90 ألف كم2 . لكن الشيء الأكيد، ان هذا التنظيم يقدم وجهاً جديداً للارهاب مخيفاً ومرعباً، فأهدافه واضحة وهويقوم بتحقيقها بسرعة عجيبة منتهجاً أساليب غير مسبوقة ومعتمداً علي أدوات وآليات متقدمة وتكتيكات حديثة أقرب لفكر الدولة منها لفكر المليشيات. حالة الهوس التي خلقها هذا التنظيم والتي دفعت الآلاف للانضمام لصفوفه والسرعة القصوي التي يتمدد بها وينمولابد وان تدفع العالم لمجابهته بشكل سريع وبطرق مبتكرة تختلف عن تلك الطرق التقليدية التي دأب علي استخدامها منذ التسعينيات، وأي تقاعس أو تباطؤ في ذلك لن يزيده الا قوة وتوحشاً حتي يصبح القضاء عليه أمراً غير قابل للتحقيق. داعش هو التنظيم الإرهابي الأكثر خطورة في العالم لأنه يجمع بين القدرات القتالية لتنظيم القاعدة و القدرات الإدارية لحزب الله"، هكذا وصف الخبير الامريكي في مكافحة الارهاب ديفيد كيلكولين داعش الذي يري انه يفكر كدولة . والحقيقة ان اصرار داعش علي توظيف مصطلح "الدولة" في اسمها (الدولة الاسلامية) لم يكن عشوائياً ، فانشاء دولة الخلافة هو هدفها من البداية ، وبالرغم من انه كان هدف القاعدة ايضاً ، الا انه لم يتجاوز نطاق الحلم بالنسبة لها ، فيما انطلقت داعش لتحقيق هذا الهدف علي الأرض من خلال انتهاجها لمسار مختلف عن أقرانها ، يعتمد علي التوسع الجغرافي في محيطها واكتساب أكبر مساحة ممكنة من الأراضي من خلال القتال البري بتحركات وتكتيكات أقرب للجيوش. زبحسب تقرير لسي ان ان، فان داعش اكتسب من الاراضي والمدن ما لم يكسبه اي تنظيم ارهابي آخر، واتخذ مما اكتسبه من أراضي موضع قدم لاعلان دولة الخلافة والبدء سريعاً في ارساء دعائم هذه الدولة من خلال العمل علي كل المحاور: الادارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتي القانونية. البداية كانت مع تقسيم الاراضي التي احتلها الي ولايات و تعيين وزراء لمباشرة أعمال كل ولاية ، وذلك لتحفيف عبء مركزية الإدارة ، كما تقول مجلة "نيوز ويك" الامريكية. ثم بدأ في تشكيل تحالفات مع زعماء قبائل السنة و فلول حزب البعث الموالي للرئيس العراقي الراحل صدام حسين في العراق، وكبار معارضي الأسد في سوريا ، وذلك لتأمين الاستقرار السياسي في المناطق الداخلة في نفوذه. لكن لأن تأمين الدخل المادي هو صلب بناء الدولة ، عمدت داعش لتأمين المال الكافي لادارة دولتها وتمويل عملياتها القتالية . ورغم اعتمادها بشكل كبير علي بيع النفط والاثار المسروقة والتمويل الذي يأتيها من بعض الأنظمة الداعمة لها بالاضافة الي ما نهبته من البنوك في المناطق التي استولت عليها ، الا انه بحكم تفكير الدولة كان لابد للتنظيم من البحث عن وسائل أخري للتمويل الذاتي تكون أكثر ديمومة ومنهجية. في البداية، اعتمد علي استخدام العنف والتهديد لجمع المال من المواطنين. لكنه طور من طريقة استجلاب المال مع الوقت حيث قام بفرض الضرائب علي مجموعة متنوعة من الأنشطة التجارية، كما فرض الجزية في مقابل الحماية".وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فقد تحول بنك الرقة الي مصلحة للضرائب ، حيث يجمع الموظفون المال من أصحاب الأعمال في مقابل الحصول علي الكهرباء، والمياه، والأمن ، ثم يعطونهم إيصالات رسمية مختومة بشعار داعش. واستكمالاً للمنظومة الاقتصادية أنشأ التنظيم بنكا مركزيا، وبيتا للتمويل الاسلامي يقوم من خلالهما بإدارة اقتصاد الخلافة ، فيما يستعد لاطلاق عملته الخاصة "الدينار" قريباً. بالتوازي مع ذلك ، عمل التنظيم علي اختراق النسيج الاجتماعي للمناطق الخاضعة لسيطرته، فيما أسمته "النيوز ويك" بمحاولة كسب العقول والقلوب، فقام بفتح المستشفيات، وبناء الطرق الجديدة، وإطلاق خدمات النقل بالحافلات وإعادة تأهيل المدارس وإطلاق برامج للأعمال الصغيرة، وتطوير برامج صحية وفتح مراكز لرعاية الأيتام. ومخيمات لتدريب الأشبال ، الذين يعدّهم للانضمام لصفوفه بعد ان يقوم بغسل أدمغتهم في مدارسه. بالتوازي مع ذلك، شن التنظيم حملات لاغلاق المتاجر التي تبيع البضائع الفاسدة والمتدنية الجودة واتخذ مسئولية سبل الاعاشة ، ففي سوريا مثلاً، حيث الخبز هو العنصر الرئيسي ، كان هناك تركيز علي إدارة مطاحن القمح المحلية والمخابز لضمان استمرار الإمدادات بما يكفي لإطعام السكان. ولم يغفل داعش عن سن قوانينه الخاصة التي يستقيها من احكام الشريعة كما حدث في الموصل التي وضع فيها ما يسمي ب "وثيقة المدينة" التي تقر بقطع يد السارق واعدام المرتد والزام المرأة بالنقاب وتحريم الخمر والمخدرات والسجائر وحمل الأسلحة ولاعلام غير التابعة لداعش، وتدمير المزارات والتماثيل وغيرها. كما أنشأ نظام جديد للتقاضي. بهذا الشكل العجيب ، تمزج داعش بين فوضي الارهاب وبناء الدولة ، كما تقول مجلة "الفورين بوليسي". والمخيف هنا ليس فقط السرعة التي تمكن بها التنظيم من الانتقال من فكرة المليشيا الي فكرة الدولة ، والتي وصفها الكاتب الأردني رائد عمري باسرع عملية انتقالية في العصر الحديث، ولكن تزايد صعوبة ازاحتهم من مناطق نفوذهم بعد ان أسسوا لنظام متكامل يرتبط بوجودهم واستمرارهم. وكما يقول ثاناسيس كامبانيس ، الباحث في مؤسسة القرن ، وضعت داعش ما فعلته داعش هو وضع مخطط لدولة قابلة للحياة والاستمرار.