عقب خمس سنوات من السياسة التقشفية الصعبة التي عاشها المواطن اليوناني نتيجة اتباع الحكومة لسياسة إصلاحية، ثار أليكسيس تسيبراس رئيس حزب سيريزا اليساري ورئيس الحكومة الجديد على تلك السياسة معلنا فتح صفحة جديدة مع شعبه بعد نجاحه في الانتخابات. حيث نجح حزب سيريزا في الحصول على 149 مقعدا من أصل 300 مقعد بالبرلمان، وعلى الرغم من أن هذا النجاح ليس ساحقا ولا تمثل تلك النتيجة رأي الأغلبية، إلا أن الرقم أيضا ليس بالقليل وهو يعبر عن رغبة الشعب في التخلص من سياسة التقشف التي عاشها لسنوات تحت رحمة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد مقابل تقديم مساعدات لتلك الدولة المنهكة تبلغ قيمتها 240 مليار يورو. ومثل هذا النجاح مفاجأة لأوروبا وخاصة ألمانيا، التي خرجت لتعلن عن احترامها لتلك الانتخابات التي كانت تراها "سيادية"، ومعلنة عن رغبتها في احترام الحكومة الجديدة لسياسة الدولة واصلاحاتها الإقتصادية والسير على النهج التقشفي حسب الاتفاق مع الإتحاد الأوروبي. إلا أن حكومة تسيبراس تتحيز للإرادة الشعبية الرافضة لسياسة التقشف، وتنوي البدء في إبرام اتفاق جديد وسريع بين الدولة والاتحاد الأوروبي لإنهاء تلك السياسة واحترام إرادة الشعب اليوناني. بالطبع سيحدث هذا عاصفة من الرفض في الاتحاد الأوروبي خاصة من ألمانيا التي ألمحت إلى زيادة برنامج المساعدات المقدم من الاتحاد الأوروبي في حالة التزامها بسياساتها التقشفية مستبعدة إلغاء الديون اليونانية الضخمة. قد يصل الأمر إلى خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي وهي في موقف لا يزال ضعيفا، فوقوف دولة ذات سياسة واقتصاد منهك أمام الاتحاد الأوروبي سيكون صعبا، ومواجهة اليورو ستكون غير متكافئة. يواجه تسيبراس تحديا كبيرا بالداخل والخارج، فهو أمام الالتزام ببنامجه الانتخابي الذي وعد به شعبه، من ويادة المرتبات والمعاشات وخلق فرص عمل جديدة وإنعاش الاقتصاد، وإيجاد مخرج لأزمة الديون المعضلة. يذكر أن اليونان تعاني من أزمة إقتصادية طاحنة منذ عام 2010، وطلبت حكومتها من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد تقديم قروض لمساعدتها على اجتياز أزمتها وإنقاذها من الإفلاس، ولكن تخلفها وعدم التزامها بالسداد أدى إلى ارتفاع فوائد تلك القروض وتصاعد حجم الدين العام، أدى ذلك إلى زعزعة استقرار منطقة اليورو وأعلنت اليونان مرارا رغبتها في الخروج من المنطقة الإقتصادية إلا أن الاتحاد الأوروبي رفض وفضل تقديم مساعدات مقابل التزامها بإجراء إصلاحات واتباع سياسة تقشفية، ولكن تلك السياسة كانت مرفوضة من الشعب الذي عانى طيلة الخمس سنوات تلك من أوضاع اقتصادية مريرة.