إعلام عبري: إطلاق سراح الرهائن في الثامنة صباحا من منطقة نتساريم    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الإثنين 13-10-2025    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    طريقة تحميل صحيفة أحوال المعلمين 2025 بصيغة PDF من موقع الوزارة (رابط مباشر)    ارتفاع جديد في أسعار الذهب داخل الأسواق المصرية اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025    سعر طن الحديد يقفز 2000 جنيه.. أسعار مواد البناء والأسمنت الإثنين 13 أكتوبر 2025    قطع المياه اليوم الإثنين عن 16 قرية لمدة 4 ساعات.. اعرف أسماء القرى المتأثرة    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    رئيس وزراء بريطانيا من القاهرة: مستعدون لدعم إعادة إعمار غزة    مظاهرات حاشدة فى مدن وعواصم عالمية دعمًا للفلسطينيين    الأمل فى شرم الشيخ    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    الدرندلي بعد فوز المنتخب: «أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي»    مجموعة الصعيد.. سيلا يواجه المنيا وقوص يصطدم ب الألومنيوم بدوري القسم الثاني «ب»    متى تصل الأمطار القاهرة؟ الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة    موعد ومقررات امتحانات شهر أكتوبر 2025.. أول اختبار رسمي في العام الدراسي الجديد    بعد 6 أشهر من الحادث.. التصريح بدفن شاب لقى مصرعه خلال حفل زفاف في البحيرة    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    تصريحات ترامب اللافتة بشأن غزة.. أتمنى أن تطأ قدماى أرضها الأبرز (فيديو)    ترامب: منحنا حماس موافقة مؤقتة لاستعادة النظام ونوكل لها مراقبة ألا تكون هناك جرائم ومشاكل في غزة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 13 أكتوبر    مصر تعلن قائمة الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ    بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر أكتوبر 2025    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب في عدد من المحافظات    مصرع سيدة وإصابة 10 آخرين.. تفاصيل انقلاب ميكروباص على الطريق الأوسطي    إعانة وسكن كريم للأطفال.. استجابة إنسانية من محافظ قنا لأسرة الزوجين المتوفيين    تعدي ولى أمر بالسب والضرب على مدير ووكيل ومعلم داخل مدرسة فى أسيوط    حضور إعلامي دولي واسع لنقل قمة شرم الشيخ للعالم.. 88 وسيلة إعلامية كبرى    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    سلوكيات تدمر أقوى الصداقات.. تجنبها قبل فوات الأوان    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاثنين 13102025    أخو صالح الجعفراوى يكشف وصية أخيه الأخيرة: لا تبكوا عليّ وأكملوا طريق الحرية    عاجل- رئيس هيئة الرعاية الصحية يراجع جاهزية المستشفيات والمخزون الدوائي لقمة السلام بشرم الشيخ    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض دماغية خطيرة    خبراء التغذية يحددون أفضل الأطعمة لصحة المفاصل والوقاية من الالتهابات    حسام حسن: صلاح مثل أخي الصغير أو ابني الكبير.. إنه نجم العالم    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    زيزو: التأهل للمونديال لحظة تاريخية.. وأتمنى تحقيق حلم المشاركة في كأس العالم    زيلينسكي يصرح بأن الرئيس الأمريكي لم يتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن صواريخ توماهوك    على أغانى أحمد سعد.. تريزيجيه يرقص مع ابنه فى احتفالية التأهل للمونديال    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    عاجل| بدء صرف حافز 1000 جنيه شهريًا للمعلمين بعد أيام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم باسم المصحف

وقد ضل الخوارج في أول العهد بالإسلام، كان نبع النبوة لا يزال صافيا قريبا، وكان بوسع من يريد الهداية أن يفعل، لكن فقر التأويل صنع ظاهرة الخوارج، والنقل بلا عقل انتهي بهم إلي تعصب الجاهلين
كم من الجرائم ترتكب باسمك أيها المصحف ؟, كان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول أن القرآن حمال أوجه, وأن القرآن ينطق بالرجال, وكان يقصد قابلية نصوص قرآنية للتأويل, وأولوية العقل في صحيح الإيمان, والإمام علي هو من هو, فهو الفتي الذي نام في فراش ابن عمه النبي ليلة الهجرة, وكان النبي عليه أفضل الصلاة والسلام يقول عن نفسه »‬أنا مدينة العلم», ثم يضيف »‬وعلي بابها», فقد وصل الإمام علي إلي ذروة مقامات التكريم عند نبي الإسلام, وأصبح »‬بابا» لمدينة العلم النبوي والقرآني.
وكانت مفارقة التاريخ الإسلامي الدامية, أن الإمام علي نفسه كان أول ضحية لرفع المصحف في وجهه, حين فارقه الخوارج, وانفضوا عنه في حرب الخلافة ضد معاوية, ورفضوا الصلاة خلف الإمام, وأشعلوا ثورة المصاحف, ورددوا صيحة »‬إن الحكم إلا لله», وكفروه, وأخرجوه من ملة الدين كلها, وأثاروا فتنة غشوم انتهت بقتل الإمام علي (!).
كانت تلك أول جريمة كبري ترتكب باسم المصحف, فقد استخدموا كتاب الله لقتل علي, وهو الرجل الذي زكاه رسول الله بأعظم الأوصاف العلمية والدينية, كان الجهل يقتل العقل, وهو ما تكرر كثيرا في دورات تاريخنا الشقي, ليس من الخوارج وحدهم, بل من المشعوذين وشذاذ الآفاق والكذابين وتجار الدين, ومن السلفيين أيضا, وعلي طريقة الدعوة الهزلية إلي ما أسموه »‬ثورة رفع المصاحف» في مصر اليوم.
هل يمكن لسلفي أن يصبح في جهل الخوارج ؟, الجواب نعم, ولسبب ظاهر, هو أن يكون السلفي ليس سلفيا من الأصل, أو أن يقوده إنكار العقل إلي حرفية النقل الأعمي, وكل المسلمين سلفيون علي طريقتهم المتزنة العاقلة, أي أنهم يقتدون بالسلف الصالح دون تقديس, وفي أول السلف خلفاء العهد الراشد الأربعة الكبار, وهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والإمام علي, وقد قتل ثلاثة منهم غيلة وغدرا, وادعي القتلة أنهم يتبركون بدمائهم, ويقدمونها قربانا لكسب رضا الله, وتماما كما تفعل »‬داعش» وأخواتها الآن, وباسم سلفية قطع الرءوس ونكاح السبايا, وباسم خلافة »‬إسلامية» هي مجرد خرافة, وتخريب للدنيا والدين, وتحطيم للإسلام, وسفح للتراب علي السيرة الوضيئة للنبي الكريم, وادعاء أن الرسول كان مثلهم »‬سفاكا للدماء» (!), حاشا لله, فهم يخونون الله ونبيه, ويدوسون مصحف الإسلام الذي يرفعونه راية فوق رءوسهم النتنة, ويتنكرون لتعاليم النبي عن حرمة الدم التي هي أشد عند الله من حرمة الكعبة.
وكل جماعات قتل المسلمين تعتبر نفسها من السلفيين, فالقاعدة وأخواتها تدعي السلفية, وكذلك »‬داعش» وخليفتها البغدادي, كان إبراهيم عواض المكني بالبغدادي سلفيا مسالما إلي بضع سنين مضت, وتحول إلي سلوك الخوارج في لمحة عين, وانزلق إلي جهالات المتنطعين, وإلي خلق دين خاص مفارق لدين المسلمين, وفي سيرة قبلت التكرار من قبل ومن بعد في حياتنا المرئية, فقد يبدأ المرء في صورة السلفي المحافظ جدا, والذي يختصر الدين في مظاهر وطقوس وذقون وجلابيب و»عنعنات», ثم يتحول إلي »‬إخواني», ثم إلي »‬تكفيري» علي طريقة الخوارج قتلة الإمام علي, ويرفع المصحف في حضن السيفين, ثم ينسي المصحف, ويستبقي سيفا, يفزع به خلق الله, ثم يصير هو وحده الإسلام والنبي والقرآن والشريعة والفقه, وغيره من الضالين المستحقين لقطع الرءوس, والتعجيل بذهابهم إلي نار الآخرة التي يملك مفاتيحها, وفي تحول نفسي عصابي يجري علي طريقة »‬الباب الدوار» عند مداخل الفنادق, ومع فوارق النوع في فنادق الموت وإسلام المقابر الجماعية.
وقد ضل الخوارج في أول العهد بالإسلام, كان نبع النبوة لا يزال صافيا قريبا, وكان بوسع من يريد الهداية أن يفعل, لكن فقر التأويل صنع ظاهرة الخوارج, والنقل بلا عقل انتهي بهم إلي تعصب الجاهلين, والأخذ الحرفي بالنص القرآني دون فهم وتدبر قادهم إلي سوء العاقبة, وتصوروا أن ترك الحكم لله يعني قتل الإمام علي, تماما كما يتصور خوارج هذه الأيام, والسلفيون الذين ينتقلون آليا إلي مقام الخوارج, فالحكم لله عندهم يعني قتل المسلمين, والانتصار للإسلام يعني لعب »‬ماتش كورة» بالرءوس المذبوحة, والعدو القريب من المسلمين أولي بالقتل, بينما العدو البعيد إسرائيل مثلا يؤجل حسابه, وإلي أن يفني المسلمون والعرب, ويهلك حرثهم ونسلهم, وتكون الكلمة العليا لإسرائيل وإمارات الخوارج الجدد.
ولا يخدعنك اختلاف الرايات, فالتكفير ملة واحدة, وإن اختلفت طرق الوصول إليها, ثم أن هذه الطرق لولبية, ويفضي بعضها إلي بعض في متاهة الباب الدوار, وهو ما يفسر تعاظم إغراء »‬السلفية التكفيرية» لجماعات مثل »‬الجبهة السلفية», ثم لشباب »‬الدعوة السلفية», ومن قبلها لقواعد جماعة الإخوان, وأصل العلة هو النقل بلا عقل, والتفسيرات البدائية للدين, والخلط بين معاني الاعتقاد والشريعة والفقه, فعقيدة الإسلام واحدة بلا خلاف, وهي التوحيد بلا شبهة, والشريعة أمر إلهي وارد بنصه وحرفه القطعي في القرآن والسنة, والفقه أفهام لرجال ومذاهب, لا تلزم المسلم في شيء إلا أن يكون قد اقتنع بها, وصحيح الإسلام لا يلغي العقل, بل يفسح له ولاختلاف البشر أوسع مجال, فليس من شئ ملزم نقلا سوي الشريعة المقررة بنصها في مائتي آية من القرآن الكريم, تكون الدائرة المحددة للالتزام الدنيوي في حياة المسلمين, وتتداخل معها دائرة تتسع مع تطور المجتمعات وجريان الزمن, لا تحكمها نصوص مسلم بها, بل قيم إسلامية عامة مجردة كالتوحيد والعدالة والحرية, ومدارها العقل لا النقل, وهو ما لم يفهمه خوارج صدر الإسلام الذين قتلوا الإمام علي, ولا خوارج العصر الذين يرفعون المصحف في وجوهنا, ويرتكبون باسمه أبشع الجرائم
وقد ضل الخوارج في أول العهد بالإسلام، كان نبع النبوة لا يزال صافيا قريبا، وكان بوسع من يريد الهداية أن يفعل، لكن فقر التأويل صنع ظاهرة الخوارج، والنقل بلا عقل انتهي بهم إلي تعصب الجاهلين
كم من الجرائم ترتكب باسمك أيها المصحف ؟, كان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول أن القرآن حمال أوجه, وأن القرآن ينطق بالرجال, وكان يقصد قابلية نصوص قرآنية للتأويل, وأولوية العقل في صحيح الإيمان, والإمام علي هو من هو, فهو الفتي الذي نام في فراش ابن عمه النبي ليلة الهجرة, وكان النبي عليه أفضل الصلاة والسلام يقول عن نفسه »‬أنا مدينة العلم», ثم يضيف »‬وعلي بابها», فقد وصل الإمام علي إلي ذروة مقامات التكريم عند نبي الإسلام, وأصبح »‬بابا» لمدينة العلم النبوي والقرآني.
وكانت مفارقة التاريخ الإسلامي الدامية, أن الإمام علي نفسه كان أول ضحية لرفع المصحف في وجهه, حين فارقه الخوارج, وانفضوا عنه في حرب الخلافة ضد معاوية, ورفضوا الصلاة خلف الإمام, وأشعلوا ثورة المصاحف, ورددوا صيحة »‬إن الحكم إلا لله», وكفروه, وأخرجوه من ملة الدين كلها, وأثاروا فتنة غشوم انتهت بقتل الإمام علي (!).
كانت تلك أول جريمة كبري ترتكب باسم المصحف, فقد استخدموا كتاب الله لقتل علي, وهو الرجل الذي زكاه رسول الله بأعظم الأوصاف العلمية والدينية, كان الجهل يقتل العقل, وهو ما تكرر كثيرا في دورات تاريخنا الشقي, ليس من الخوارج وحدهم, بل من المشعوذين وشذاذ الآفاق والكذابين وتجار الدين, ومن السلفيين أيضا, وعلي طريقة الدعوة الهزلية إلي ما أسموه »‬ثورة رفع المصاحف» في مصر اليوم.
هل يمكن لسلفي أن يصبح في جهل الخوارج ؟, الجواب نعم, ولسبب ظاهر, هو أن يكون السلفي ليس سلفيا من الأصل, أو أن يقوده إنكار العقل إلي حرفية النقل الأعمي, وكل المسلمين سلفيون علي طريقتهم المتزنة العاقلة, أي أنهم يقتدون بالسلف الصالح دون تقديس, وفي أول السلف خلفاء العهد الراشد الأربعة الكبار, وهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والإمام علي, وقد قتل ثلاثة منهم غيلة وغدرا, وادعي القتلة أنهم يتبركون بدمائهم, ويقدمونها قربانا لكسب رضا الله, وتماما كما تفعل »‬داعش» وأخواتها الآن, وباسم سلفية قطع الرءوس ونكاح السبايا, وباسم خلافة »‬إسلامية» هي مجرد خرافة, وتخريب للدنيا والدين, وتحطيم للإسلام, وسفح للتراب علي السيرة الوضيئة للنبي الكريم, وادعاء أن الرسول كان مثلهم »‬سفاكا للدماء» (!), حاشا لله, فهم يخونون الله ونبيه, ويدوسون مصحف الإسلام الذي يرفعونه راية فوق رءوسهم النتنة, ويتنكرون لتعاليم النبي عن حرمة الدم التي هي أشد عند الله من حرمة الكعبة.
وكل جماعات قتل المسلمين تعتبر نفسها من السلفيين, فالقاعدة وأخواتها تدعي السلفية, وكذلك »‬داعش» وخليفتها البغدادي, كان إبراهيم عواض المكني بالبغدادي سلفيا مسالما إلي بضع سنين مضت, وتحول إلي سلوك الخوارج في لمحة عين, وانزلق إلي جهالات المتنطعين, وإلي خلق دين خاص مفارق لدين المسلمين, وفي سيرة قبلت التكرار من قبل ومن بعد في حياتنا المرئية, فقد يبدأ المرء في صورة السلفي المحافظ جدا, والذي يختصر الدين في مظاهر وطقوس وذقون وجلابيب و»عنعنات», ثم يتحول إلي »‬إخواني», ثم إلي »‬تكفيري» علي طريقة الخوارج قتلة الإمام علي, ويرفع المصحف في حضن السيفين, ثم ينسي المصحف, ويستبقي سيفا, يفزع به خلق الله, ثم يصير هو وحده الإسلام والنبي والقرآن والشريعة والفقه, وغيره من الضالين المستحقين لقطع الرءوس, والتعجيل بذهابهم إلي نار الآخرة التي يملك مفاتيحها, وفي تحول نفسي عصابي يجري علي طريقة »‬الباب الدوار» عند مداخل الفنادق, ومع فوارق النوع في فنادق الموت وإسلام المقابر الجماعية.
وقد ضل الخوارج في أول العهد بالإسلام, كان نبع النبوة لا يزال صافيا قريبا, وكان بوسع من يريد الهداية أن يفعل, لكن فقر التأويل صنع ظاهرة الخوارج, والنقل بلا عقل انتهي بهم إلي تعصب الجاهلين, والأخذ الحرفي بالنص القرآني دون فهم وتدبر قادهم إلي سوء العاقبة, وتصوروا أن ترك الحكم لله يعني قتل الإمام علي, تماما كما يتصور خوارج هذه الأيام, والسلفيون الذين ينتقلون آليا إلي مقام الخوارج, فالحكم لله عندهم يعني قتل المسلمين, والانتصار للإسلام يعني لعب »‬ماتش كورة» بالرءوس المذبوحة, والعدو القريب من المسلمين أولي بالقتل, بينما العدو البعيد إسرائيل مثلا يؤجل حسابه, وإلي أن يفني المسلمون والعرب, ويهلك حرثهم ونسلهم, وتكون الكلمة العليا لإسرائيل وإمارات الخوارج الجدد.
ولا يخدعنك اختلاف الرايات, فالتكفير ملة واحدة, وإن اختلفت طرق الوصول إليها, ثم أن هذه الطرق لولبية, ويفضي بعضها إلي بعض في متاهة الباب الدوار, وهو ما يفسر تعاظم إغراء »‬السلفية التكفيرية» لجماعات مثل »‬الجبهة السلفية», ثم لشباب »‬الدعوة السلفية», ومن قبلها لقواعد جماعة الإخوان, وأصل العلة هو النقل بلا عقل, والتفسيرات البدائية للدين, والخلط بين معاني الاعتقاد والشريعة والفقه, فعقيدة الإسلام واحدة بلا خلاف, وهي التوحيد بلا شبهة, والشريعة أمر إلهي وارد بنصه وحرفه القطعي في القرآن والسنة, والفقه أفهام لرجال ومذاهب, لا تلزم المسلم في شيء إلا أن يكون قد اقتنع بها, وصحيح الإسلام لا يلغي العقل, بل يفسح له ولاختلاف البشر أوسع مجال, فليس من شئ ملزم نقلا سوي الشريعة المقررة بنصها في مائتي آية من القرآن الكريم, تكون الدائرة المحددة للالتزام الدنيوي في حياة المسلمين, وتتداخل معها دائرة تتسع مع تطور المجتمعات وجريان الزمن, لا تحكمها نصوص مسلم بها, بل قيم إسلامية عامة مجردة كالتوحيد والعدالة والحرية, ومدارها العقل لا النقل, وهو ما لم يفهمه خوارج صدر الإسلام الذين قتلوا الإمام علي, ولا خوارج العصر الذين يرفعون المصحف في وجوهنا, ويرتكبون باسمه أبشع الجرائم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.