شهدت قاعة الفكر، ضمن الفعاليات الثقافية للدورة 33 من معرض الشارقة الدولي للكتاب وقائع الندوة الحوارية "الإعلام الجاد ومسؤولياته"، بمشاركة نخبة من الإعلاميين المعروفين. وتضمنت كلاً من الإعلامي المصري حمدي قنديل، والإعلامي والشاعر اللبناني عبده وازن، والمراسل الإعلامي البريطاني فرانك غاردنر، وتمت أدارة الندوة من قبل سارة المرزوقي. استهل الإعلامي المصري المعروف أحمد قنديل حديثه بتعريف معنى الإعلام الجاد، مبيناً أنه يخالف المعنى السائد في أنه ذلك الإعلام المستند فقط إلى تناول موضوعات سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها، بالنمط العادي المألوف مبيناً أن الرسالة الأساسية للإعلام الجاد تنطلق من ثلاثة مجالات، هي "الإخبار، والتثقيف، والترفيه"، وأن لكل منها أصولاً وأدوات مهمة يحصل عليها الإعلامي الناجح من خلال الخبرة والمهارة والإحتكاك، والتطوير المهني المستمر. وبين قنديل أن "الإخبار" بمفهومه الشامل هو إطلاع الجمهور على الحقائق أولاً بأول، والتمييز في تقديم المحتوى الإعلامي بين المواد ذات الإخبار الحيادي المجرد، والأخبار ذات التحليلات الخاضعة للآراء وذلك لتكوين صورة واضحة للمتلقي، مع القدرة على طرح صميم المشكلات التي ترافق المادة المنقولة بعيداً عن التهويل والمبالغات، وتقدير الحلول الناجحة التي تضمن تكافل الجمهور في ضوء اطلاعه المسبق على الحقائق المجردة. وبين قنديل أن "التثقيف" خطوة مهمة أخرى يقوم بها الإعلام الجاد لتنفيذ مسؤولياته أمام الرأي العام، وفي جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وأن مجالات التثقيف لا تقف عند حد، فهي تتجاوز مجرد التلقين وترتقي إلى مجالات أكثر سعة في استعراض آفاق الثقافة والفكر والأدب والأخلاق والتربية والفنون والتواصل الإنساني ومعرفة ما يدور في العالم من حولنا، أما "الترفيه" فمن المهم في نقله للجمهور- حسب قنديل- أن يكون بشكل متميز وأخلاقي ولا ينطلق على أسس متحللة أو قائمة على الاستدرار المادي من خلال الإعلانات الانتهازية. وناقش قنديل العديد من المجالات الأخرى بضمنها: المشكلات التي أثارها دخول المال الخاص إلى الإعلام من خلال القنوات الفضائية، وأهمية إيجاد قنوات إعلامية ممولة من قبل الجمهور على غرار تجارب عالمية إعلامية تتيح التحرر من القيود على حرية الإعلام، إضافة الى مسألة ومفهوم الحريات الإعلامية، وأهمية التدريب المستمر الذي لا يجب أن يستثني جميع العاملين في الحقل الإعلامي مهما بلغت مهاراتهم وجدارتهم ولمعت اسماؤهم في عالم الصحافة الإعلام. من جهته أكد الإعلامي والشاعر اللبناني عبده وازن الفائز بجائزة الشيخ زايد عن رواية "الفتى الذي ابصر لون الهواء"، أن الإعلام لكي يكون جاداً يجب أن لا يسئ إلى جمهوره، وألا يزوق الإحقاق، وألا يشوه الرأي العام، "وأعتقد أن علينا أن نقرن عبارة الإعلام الجاد بالديموقراطية والنقد والحقيقة والثقافة، حتى تتولد لدى الجمهور قناعات ثابتة حول الواقع، ولا يقع فريسة لأنواع التضليل الإعلامي الذي أصبحت له وسائل هائلة في قلب الحقائق والموازين وتشتيت الأفكار وإلغاء الذاكرة، وبناء أخرى لا تمت إلى الواقع بصلة". في الإطار ذاته، تحدث فرانك غاردنر المراسل المتخصص بالشؤون الأمنية لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي في الشرق الأوسط- الذي سبق له التعرض إلى اعتداء خلال عمله وأقعده عن المشي، وأودى بحياة زميله المصور سايمون كامبرز- عن تجربته في العمل الميداني الخليجي لاسيما السعودية ودولة الإمارات، وسجل خلالها العديد من المشاهدات، مبيناً أن الإعلام الجاد يقوم على نقل الحقيقة في الاساس، وأن الإعلامي الجاد لن يتوقف من أجل نقل وبيان الحقيقة حتى لو كلفه ذلك الكثير من التضحيات، لأن بناء كل شئ يتوقف عليها، وان الخراب الحالي الموجود في العالم لم يأت نتيجة فراغ، وإنما جاء بناء على أكاذيب كثيرة فحملت إلينا كل انواع الخراب والإضطرابات التي تعصف بالعالم. وحول التعامل مع الآراء المخالفة لزملاء المهنة وتعلق هذا بالإعلام الجاد، أكد غاردنر أن المسؤولية الإعلامية تقتضي أن تذكر جميع الآراء التي قيلت أو وجدت حول موضوع تعمل على نقله للجمهور لكي تترك لك مساحات واسعة من الإختيار، مؤكداً " أن النجاح ليس بالضرورة أن يكون بالتوافق مع رأي الإعلامي الناقل، وإنما من خلال نقله المجرد للحقائق بعيداً عن كل صور التشويه المقصودة.