ننسي أن انتصارنا الوحيد في 6 اكتوبر لم نصنه كما يجب، ولم نعلمه لأبنائنا كما يستحق، ولم نستفد حتي من دروسه العظيمة في التخطيط والإدارة. لم تكن حرب السادس من أكتوبر مجرد حرب عادية خاضتها مصر، ولا نصراً عابراً يمكن أن يضاف لانتصارات قليلة عبر تاريخنا الذي نتباهي به دون أن نفعل شيئاً يستحق التباهي في حاضرنا، بل نموذجاً تم تدريسه في الكليات العسكرية علي مستوي العالم، حيث التكامل بين التخطيط الجيد وحسن الإدارة والخداع الاستراتيجي، والدور المخابراتي المذهل، وبراعة وبسالة وشجاعة الجندي المصري الذي حطم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، مستنداً إلي شعب انتظر انتصاره طويلاً ليحمله علي الأعناق.. لكن في كل عام نكتب كلاماً واحداً لا يقرأه أحد، أو ربما يقرأونه ويتجاهلونه، ولا أقصد هنا وزارة الدفاع فقط، والمجلس الأعلي للقوات المسلحة، بل عدة جهات بدءاً من مؤسسة الرئاسة، وليس انتهاء بوزارة الثقافة، بل بنا نحن أحياناً، ولو أصر الجميع علي التعامل الاحتفالي الملخص في إجازة وعرض كام فيلم أو أوبريت ستموت 6 أكتوبر داخل الجيل الجديد الذي لا يعرف عنها شيئاً. كل عام نتحدث نفس الحديث الماسخ المكرر عن أهمية (توثيق) حرب أكتوبر، بالصوت والصورة والكلمة المكتوبة، ونزيد، عبر وسائط جديدة أصبح العالم يتعامل معها بينما نحن نكتفي بعدة أفلام وثائقية صنعتها إدارة الشئون المعنوية، وتذاع في يوم واحد في العام، أو بعرض أفلام قليلة شحيحة عن الحرب أظهرت الفنان محمود ياسين كأكثر من حارب في حرب أكتوبر (شوف حاربها ف كام فيلم) ببذلته المكوية التي لم تتأثر، وبالرصاصة التي لاتزال في جيبه، ويستضيف التليفزيون نفس الوجوه من المراسلين الحربيين القدامي، وأبطال الحرب من القيادات التي لازالت علي قيد الحياة، بينما يتناسي الجميع أبطالاً آخرين لا نعرف عنهم شيئاً، وبعضهم يعاني الإهمال والنكران، قبل أن ندخل خناقة كل عام مع إسرائيل حول رفعت الجمال والذي عرفناه باسم رأفت الهجان وما إذا كان عميلاً مزدوجاً أم بطل مصريا خالصا تحاول إسرائيل مداراة خيبتها في كشفه بتشويهه، قبل أن ينفض مولد 6 اكتوبر بعد وضع أكاليل الزهور علي قبر الجندي المجهول وبطل الحرب والسلام أنور السادات الذي قتلته عناصر مارقة من الجيش نفسه يوم انتصاره، ثم لا شيء. يستمر الكل في حياته، وننسي أن انتصارنا الوحيد في 6 اكتوبر لم نصنه كما يجب، ولم نعلمه لأبنائنا كما يستحق، ولم نستفد حتي من دروسه العظيمة في التخطيط والإدارة. وثائق أكتوبر المتاحة هي الوثائق الإسرائيلية والأجنبية، ونسبة لابأس بها من وسائل إعلام العالم تتعامل مع الموضوع وكأن إسرائيل هي التي انتصرت، بينما نفرح بأن اليوم إجازة، ونحزن لأنه جاء هذا العام في العيد، رغم أن هذا اليوم تحديداً لا يجب أن يكون إجازة، وإنما يتم حضوره إجبارياً في المدارس التي يجب أن يكون طابورها عبارة عن تكريم لأحد الجنود الذين حاربوا في أكتوبر ويحضرون معهم في قلب المدرسة. صدمني والدي حين ذهب مع حفيده إلي بانوراما أكتوبر يوم السادس من أكتوبر فوجدها معطلة ليعود أدراجه محبطًا، وصدمني أكثر أن حرب أكتوبر في الكتب المدرسية لا تتعدي صفحتين في كتاب التاريخ، كما أن القصص العظيمة لبطولات أبناء هذا الشعب من جنود القوات المسلحة لا يتم تدريسها ولو في حصص التربية الوطنية التي نعرف جميعاً أنها تحصيل حاصل في المدارس. يصدمني أكثر أنني لم أسمع عن مجموعات عمل في القوات المسلحة تعمل من أجل تقديم حرب أكتوبر في وسائط مختلفة، وكشف اللثام عن أسرار تبعث علي الفخر بعد أكثر من 40 عاماً علي النصر العظيم، كما أتألم لأن الإمكانات التي يمكن إتاحتها لصناعة أعمال درامية ووثائقية جيدة عن النصر متاحة، لكن التصريحات تعطل كل شيء، والنسيان يحكم الجميع. أحلم باليوم الذي يحدثني فيه ابني الذي لم يكمل عامه العاشر بعد عن حرب أكتوبر، بعد أن لعب لعبة مليئة بالمعلومات عن الحرب علي الآيباد، وأن تحكي لي ابنتي عن فيلم الكارتون التي شاهدته عن أحد أبطال الحرب، وأن أصطحب زوجتي وكل من أحب إلي فيلم محترم يشارك فيه كل النجوم مجاناً وتشارك القوات المسلحة في ميزانيته لتخليد هذه الحرب، فليس معقولاً أبداً أن يختصر يوم النصر لدينا في مجرد تغريدات نكتبها لشتيمة إسرائيل ومتحدثها العسكري، بينما يكتب هو وبعض وسائل الإعلام الغربية معلومات تجعلنا نقف أمام المرآة لنسأل: ما صحة هذا الكلام، وللأسف لا يجيبنا أحد. نصر أكتوبر ملكنا جميعاً، فإما أن نحافظ عليه، ونغرسه في أبنائنا، ويتحول لثقافة وأسلوب حياة، وإما فإننا لا نستحقه، ولا أظن أن كل هذه الدماء جرت لكي لا نستحقه. ننسي أن انتصارنا الوحيد في 6 اكتوبر لم نصنه كما يجب، ولم نعلمه لأبنائنا كما يستحق، ولم نستفد حتي من دروسه العظيمة في التخطيط والإدارة. لم تكن حرب السادس من أكتوبر مجرد حرب عادية خاضتها مصر، ولا نصراً عابراً يمكن أن يضاف لانتصارات قليلة عبر تاريخنا الذي نتباهي به دون أن نفعل شيئاً يستحق التباهي في حاضرنا، بل نموذجاً تم تدريسه في الكليات العسكرية علي مستوي العالم، حيث التكامل بين التخطيط الجيد وحسن الإدارة والخداع الاستراتيجي، والدور المخابراتي المذهل، وبراعة وبسالة وشجاعة الجندي المصري الذي حطم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، مستنداً إلي شعب انتظر انتصاره طويلاً ليحمله علي الأعناق.. لكن في كل عام نكتب كلاماً واحداً لا يقرأه أحد، أو ربما يقرأونه ويتجاهلونه، ولا أقصد هنا وزارة الدفاع فقط، والمجلس الأعلي للقوات المسلحة، بل عدة جهات بدءاً من مؤسسة الرئاسة، وليس انتهاء بوزارة الثقافة، بل بنا نحن أحياناً، ولو أصر الجميع علي التعامل الاحتفالي الملخص في إجازة وعرض كام فيلم أو أوبريت ستموت 6 أكتوبر داخل الجيل الجديد الذي لا يعرف عنها شيئاً. كل عام نتحدث نفس الحديث الماسخ المكرر عن أهمية (توثيق) حرب أكتوبر، بالصوت والصورة والكلمة المكتوبة، ونزيد، عبر وسائط جديدة أصبح العالم يتعامل معها بينما نحن نكتفي بعدة أفلام وثائقية صنعتها إدارة الشئون المعنوية، وتذاع في يوم واحد في العام، أو بعرض أفلام قليلة شحيحة عن الحرب أظهرت الفنان محمود ياسين كأكثر من حارب في حرب أكتوبر (شوف حاربها ف كام فيلم) ببذلته المكوية التي لم تتأثر، وبالرصاصة التي لاتزال في جيبه، ويستضيف التليفزيون نفس الوجوه من المراسلين الحربيين القدامي، وأبطال الحرب من القيادات التي لازالت علي قيد الحياة، بينما يتناسي الجميع أبطالاً آخرين لا نعرف عنهم شيئاً، وبعضهم يعاني الإهمال والنكران، قبل أن ندخل خناقة كل عام مع إسرائيل حول رفعت الجمال والذي عرفناه باسم رأفت الهجان وما إذا كان عميلاً مزدوجاً أم بطل مصريا خالصا تحاول إسرائيل مداراة خيبتها في كشفه بتشويهه، قبل أن ينفض مولد 6 اكتوبر بعد وضع أكاليل الزهور علي قبر الجندي المجهول وبطل الحرب والسلام أنور السادات الذي قتلته عناصر مارقة من الجيش نفسه يوم انتصاره، ثم لا شيء. يستمر الكل في حياته، وننسي أن انتصارنا الوحيد في 6 اكتوبر لم نصنه كما يجب، ولم نعلمه لأبنائنا كما يستحق، ولم نستفد حتي من دروسه العظيمة في التخطيط والإدارة. وثائق أكتوبر المتاحة هي الوثائق الإسرائيلية والأجنبية، ونسبة لابأس بها من وسائل إعلام العالم تتعامل مع الموضوع وكأن إسرائيل هي التي انتصرت، بينما نفرح بأن اليوم إجازة، ونحزن لأنه جاء هذا العام في العيد، رغم أن هذا اليوم تحديداً لا يجب أن يكون إجازة، وإنما يتم حضوره إجبارياً في المدارس التي يجب أن يكون طابورها عبارة عن تكريم لأحد الجنود الذين حاربوا في أكتوبر ويحضرون معهم في قلب المدرسة. صدمني والدي حين ذهب مع حفيده إلي بانوراما أكتوبر يوم السادس من أكتوبر فوجدها معطلة ليعود أدراجه محبطًا، وصدمني أكثر أن حرب أكتوبر في الكتب المدرسية لا تتعدي صفحتين في كتاب التاريخ، كما أن القصص العظيمة لبطولات أبناء هذا الشعب من جنود القوات المسلحة لا يتم تدريسها ولو في حصص التربية الوطنية التي نعرف جميعاً أنها تحصيل حاصل في المدارس. يصدمني أكثر أنني لم أسمع عن مجموعات عمل في القوات المسلحة تعمل من أجل تقديم حرب أكتوبر في وسائط مختلفة، وكشف اللثام عن أسرار تبعث علي الفخر بعد أكثر من 40 عاماً علي النصر العظيم، كما أتألم لأن الإمكانات التي يمكن إتاحتها لصناعة أعمال درامية ووثائقية جيدة عن النصر متاحة، لكن التصريحات تعطل كل شيء، والنسيان يحكم الجميع. أحلم باليوم الذي يحدثني فيه ابني الذي لم يكمل عامه العاشر بعد عن حرب أكتوبر، بعد أن لعب لعبة مليئة بالمعلومات عن الحرب علي الآيباد، وأن تحكي لي ابنتي عن فيلم الكارتون التي شاهدته عن أحد أبطال الحرب، وأن أصطحب زوجتي وكل من أحب إلي فيلم محترم يشارك فيه كل النجوم مجاناً وتشارك القوات المسلحة في ميزانيته لتخليد هذه الحرب، فليس معقولاً أبداً أن يختصر يوم النصر لدينا في مجرد تغريدات نكتبها لشتيمة إسرائيل ومتحدثها العسكري، بينما يكتب هو وبعض وسائل الإعلام الغربية معلومات تجعلنا نقف أمام المرآة لنسأل: ما صحة هذا الكلام، وللأسف لا يجيبنا أحد. نصر أكتوبر ملكنا جميعاً، فإما أن نحافظ عليه، ونغرسه في أبنائنا، ويتحول لثقافة وأسلوب حياة، وإما فإننا لا نستحقه، ولا أظن أن كل هذه الدماء جرت لكي لا نستحقه.