التعليم: حملات تفتيش يومية على المدارس الخاصة والدولية للتأكد من تطبيق الضوابط المستحدثة    حماة الوطن: الأحزاب سند الدولة وصوت المواطن جاهزون لتقديم مشهد انتخابي يليق بمصر    وزير الري الأسبق: إثيوبيا تحب الاحتفاظ بأكبر قدر من المياه وتسبب مخاطر لدول المصب    كل ما تريد معرفته حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    تصديري الصناعات الغذائية: مصر تصدر غذاء ب11 مليار دولار سنويا    حريق محدود على متن رحلة جوية من هونج كونج إلى سنغافورة    البرهان ينفي انتقادات أمريكية بسيطرة الإخوان على الجيش السوداني    روبيو: المفاوضون في جنيف يعملون على إدخال تغييرات بخطة ترامب للسلام في أوكرانيا    مواجهة مثيرة| ريال مدريد يتعثر أمام إلتشي في الدوري الإسباني    صفحة الداخلية.. عالمية |ثانى أقوى حضور حكومى دولياً على الفيس بوك    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    خالد محمود يكتب: ثريا حبي.. الفيلم الذي أعاد قصة مارون وثريا إلى الواجهة    كل ما تحتاج معرفته عن فيروس ماربورج    التنسيقية تحث على المشاركة الفاعلة في المرحلة الثانية من انتخابات النواب    سنوات من الاختراق.. تحقيق عسكري إسرائيلي يكشف تفاصيل تجسس حماس على 100 ألف جندي وعتادهم    صلاح عبد الكريم.. فنان خارج التصنيفات    شاب يطارد لصوصا سرقوا محتويات شقته بمدينة 6 أكتوبر    محافظ سوهاج: انتهينا من حصر الأماكن المؤجرة وبدأنا التطبيق    الأرصاد: أمطار رعدية متفاوتة الشدة غدا على القاهرة والوجه البحري    النصر يهزم الخليج برباعية في الدوري السعودي    وزارة النقل تناشد المواطنين دعم جهود التوعية بمخاطر رشق القطارات بالحجارة    أحمد موسى: التجربة المصرية في مواجهة الإخوان تُدرس دوليًا.. والقرار الأمريكي ضربة للجماعة    أحمد شاكر عبد اللطيف: انزل وشارك فى الانتخابات واختر من يمثلك فى مجلس النواب    صندوق التنمية الحضرية يطرح محال ومقرات للحرفيين داخل درب اللبانة بالقاهرة    الإفتاء توضح حكم الشرع في الأخ الذي يحرم أخوته من الميراث    ضبط 130 طن أغذية فاسدة.. وتحصين 131 ألف رأس ماشية بالقليوبية    كتب له عمر جديد.. إنقاذ حياة طفل ببنها مصاب بقطع خطير فى الرقبة    واشنطن تستعد ل «عمليات عسكرية» ضد فنزويلا    هل يجوز جمع الصلاة مع أخرى بسبب الدروس؟.. أمين الفتوى يجيب    هل كان السبت الممتاز..حقًا؟    جامعة دمنهور تحصد 12 ميدالية في بارالمبياد الجامعات المصرية بالإسكندرية تحت شعار "أنت الحياة"    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    تأجيل محاكمة 17 متهما بخلية العجوزة    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    إنشاء محطة لتموين قاطرات قناة السويس بالغاز الطبيعي المسال    متحدثة الحكومة الإسرائيلية: غزة ستكون منزوعة السلاح.. ولن يكون لحماس مستقبل فيها    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    كلودين عون: المرأة اللبنانية ما زالت محرومة من حقوقها.. والنضال هو الطريق الوحيد للتغيير    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    قمة نارية في دوري روشن السعودي.. البث المباشر لمباراة النصر ضد الخليج اليوم    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    قمة لندن النارية.. البث المباشر لمباراة آرسنال ضد توتنهام في الدوري الإنجليزي    الزمالك يواجه زيسكو يونايتد الليلة في الكونفدرالية.. موعد المباراة والقناة الناقلة والمعلق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
مايوه.. بنت الأسطى محمود!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 11 - 08 - 2014

مايوه بنت الأسطى محمود.. هو قضية جيل.. وزمن وتحول اجتماعى.. ساد مرحلة التصنيع والتطوير.. والانتاج.. والحب!
الجمعة:
ارتفعت درجة حرارة الجو.. فتذكرت الأسطى محمود وزمانه.. وتساءلت: أين الأسطى محمود الآن؟
لاشك انه انتقل لرحمة الله.. ومن الواجب قراءة الفاتحة على روحه.. وروح عصره.. وزمانه.. وتذكرت مايوه ابنته الشابة سميرة.. وكدت أسمع صوتها وهى تقول لأمها هامسة فى دلال:
- انتى مش حاتقولى لبابا.. يشترى لى مايوه؟!
وترد عليها الأم فى دهشة صارخة:
- انتى يابت عايزة تلبسى مايوه!
كان مايوه بنت الأسطى محمود.. هو قضية جيل.. وزمن.. وتحول اجتماعى.. ساد مرحلة التصنيع.. والتطوير.. والانتاج.. وظهور طبقة جديدة من عمال القطاع العام.. واللجان النقابية.. وحصول العاملين على اجازات تتيح لهم الجلوس فوق رمال الشواطئ بعد صدور القانون الذى يمنع صرف بدل الاجازة للعاملين.. حتى لا يفقد العامل حقه فى الراحة.
لم يكن العامل فى القطاع العام يعرف الاجازة.. لأنه كان يفضل دائما الحصول على بدل الاجازة.. أما بعد صدور القانون فلم يعد أمام الأسطى محمود.. أى سبب ليحرم نفسه من الاجازة.
كان مايوه بنت الأسطى محمود.. على أيامنا قضية.. تناولها الأستاذ احسان عبدالقدوس فى رائعته مايوه بنت الأسطى محمود.. وتحولت بعد ذلك.. إلى فيلم سينمائى.
وقصة احسان.. هى أدق تاريخ وتسجيل.. لسنوات فارقة فى حياتنا.. وهى الفترة التى التحق فيها أبناء العمال والفلاحين.. بالمدارس الحكومية.. والجامعات المجانية.. وظهور طبقة جديدة.. تلتحق بالوظائف التى لم يكن من المتصور إلتحاق أبناء البسطاء بها.
المهم... ان مايوه بنت الأسطى محمود.. كانت الرمز للصراع بين جيل المايوه.. وجيل ما قبل المايوه.
جيل عصر الزراعة.. والطرق.. والجلابية الزرقاء.. وجيل عصر التصنيع والتحديث والتطوير.. والملابس العصرية التى تواكب الزمن.
وقبل أن تسرقنى السطور.. أود الاشارة بسرعة لقصة احسان كى يتسنى لى الإجابة على السؤال:
- أين الأسطى محمود الآن.. وأين سميرة؟
كانت المؤسسة التى يعمل بها الأسطى محمود قد استأجرت شقة مفروشة فى الإسكندرية لعائلات العمال.. كل عيلة تروح تقعد عشرة أيام.. وبالقرعة.. اللى تقع عليه القرعة يأخذ عيلته ويروح يصيف فيها.
وفاز الأسطى محمود بالقرعة.. وخرج من المصنع مذهولا.. وابتسامته على شفتيه.
وما كاد يقول الحكاية لزوجته.. حتى صرخت من الفرحة.. وقفزت ابنته سميرة إلى الشباك تقول لجارتها:
- سنية.. احنا مسافرين إسكندرية!
ثم قفزت إلى الشباك القبلى وصاحت:
- درية.. احنا مسافرين إسكندرية.
ومرت خمسة أيام.. وأسرة الأسطى محمود.. لا تنام. من فرط السعادة.
واقتربت سميرة من أمها وقالت لها همسا:
- انتى مش هاتقولى لبابا يشتريلى مايوه؟!
ونظرت دولت زوجة الأسطى محمود إلى ابنتها فى دهشة صارخة وقالت:
- انتى يابت عايزة تلبسى مايوه.
وردت سميرة وعيناها الجريئتان تلمعان:
- وماله.. كل البنات بيلبسوا مايوه.. وسنية جارتنا لبست مايوه لما راحت بورسعيد السنة اللى قبل اللى فاتت.. ورجعت متصورة بيه.. ولا عايزانى أمشى على البحر بملاية لف؟!
وفكرت دولت قليلا.. ثم قالت وذكاؤها الطيب الساذج يبرق فى عينيها:
- طيب اسمعى.. أصل احنا لو فتحنا الموضوع ده لأبوكى دلوقتى.. هايعقدها.. ويمكن ما نسافرش خالص.. استنى لما نوصل هناك بالسلامة.. ويبقى يحلها ربنا!
ولوت سميرة شفتيها!

اختصار الكلام.. ان الأسطى محمود استسلم للأمر الواقع واشترت سميرة المايوه.. وهو يشعر بالقلق والضيق.. ووقفت سميرة.. فصرخ فيها.. صراخا خافتا:
- رايحة فين بابت؟
وقالت سميرة:
- أتمشى شوية!
وقال الأسطى محمود فى حزم:
- خليكى قاعدة فى حتتك!
وقالت دولت فى مسكنة:
- ما تسيبها يا خويا تمشى رجليها شوية!
المهم.. ان سميرة ارتدت المايوه وسارت على الشاطئ مع العشرات من بنات جنسها.. اللاتى يرتدين المايوهات فى ستينيات القرن الماضى.
فى ستينيات القرن الماضى وقعت أحداث هذه القصة إلى ان دارت الأيام.. ووقعت البلاد فى براثن جماعة.. تصدر الفتاوى الجامحة فى محاولة لإعادة الأمة.. لما كانت عليه الأحوال فى مجتمعات الصحراء.. فما معنى هذا الكلام؟
أجاب ابن خلدون على هذا السؤال فى القرن الخامس عشر..
يقول ابن خلدون (1332 1406) ان الامبراطورية الإسلامية التى بدأت منذ عهد الخلافة والدولة الأموية امتدت من اسبانيا إلى الهند ووسط آسيا.. بسبب التقدم الاقتصادى الذى ألقى بآثاره الايجابية على الحياة الاجتماعية للمسلمين ووحدت صفوفهم.. وحققت هذه الرفاهية طفرة كبيرة فى مجالات الابداع والفكر والثقافة.. والارتقاء بالعقول.. وان التراجع الاقتصادى وانتشار النزاعات الفكرية هو الذى أدى لسقوط بغداد تحت جحافل المغول سنة 1258م وانتشار الفقر والتخلف الذى أدى بدوره لسقوط الامبراطورية الإسلامية.. وتمزقها.
ويقول ابن خلدون ان صعود وسقوط المجتمعات الإسلامية.. ارتبط إلى حد بعيد بقوة الدولة الاجتماعية. واحترام القوة السياسية التى تضع أسس النظام العام.
ومفهوم طبعا أن الدراسات السياسية الحديثة أكدت هذه الحقيقة التى أشارت إليها فلسفة ابن خلدون فى القرن الخامس عشر.. ولكن الجديد فى الموضوع.. ان لنا فى مصر.. تجربة تستحق التأمل.. وهى ان الفترة التى استمر فيها حكم تيار الإسلام السياسى.. هى أكثر فترات تاريخنا القديم والحديث التى شهدت فيها البلاد انتشارا غير مسبوق للفتاوى الجامحة.
وفى هذا العام الذى سادت فيه كل ألوان التدمير والاحباط احتلت الفتاوى الخاصة بالمرأة النصيب الأوفر.. وتركزت حول فتاوى الجنس والاثارة.. وكارثة تبرج النساء وسفورهن وعدم تحجبهن عن الرجال.. وابداء الكثير من زينته - التى كما تقول الفتوي - حرم الله عليهن ابداءها.
أما المايوه والعياذ بالله.. فقد ضرب الأرقام القياسية.. فى التحريم.. (حتى لا يطمع فى مرتديات المايوه.. كل من فى قلبه مرض شهوة الزنا.
وأمثلة الفتاوى الجنسية التى خرجت من عقالها.. طوال عام التخلف العقلى والشعوذة واثارة الغرائز.. لا تقع تحت عصر.. ولكنها تشير إلى حقيقة جاءت فى كتابات ابن خلدون.. وتتلخص فى الارتباط بين التخلف الاقتصادى.. وبين تدهور الأمم.. وتراجع القيم.. وانتشار الأفكار الجامحة التى تثير الانقسام والفرقة.. وتصرف الناس عن قضاياهم المعاصرة ومواكبة الزمن.
أيام الأسطى محمود.. كانت مصر.. تجتاز مرحلة مهمة فى تاريخها الحديث.. وبداية عصر التصنيع الذى بدأته بلادنا قبل كوريا وقبل الصين.. كان المايوه.. هو لباس البحر على شواطئنا المترامية الأطراف.
كانت سميرة ترتدى المايوه مع الآلاف من الفتيات بنات جنسها من الطبقة العاملة.. الكادحة.. التى تبنى ولا تهدم.. تعمر ولا تخرب.. ولا تحرق الجامعات.. أو تلقى بأجهزة الكمبيوتر من نوافذ جامعة الأزهر.
فى هذا الزمن لم تكن مصر.. تعرف ظاهرة التحرش.. ولا ظاهرة التدهور الأخلاقى المروع.. ولا اختفاء الدور التربوى الذى كانت تقوم به الأسرة المصرية.. المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا.. لسبب بسيط هو أننا كنا فى مرحلة صعود ومواكبة الزمن.. يحدونا الأمل فى مستقبل أفضل يسوده الابداع والابتكار.. وتقديم الصورة الصحيحة من الإسلام فى ربوع العالم.
الآن نحن أمام أمل جديد يجسده مشروع.. قناة السويس الجديد.. وتحويل مجرى القناة الجديدة مابين الاسماعيلية جنوبا والقنطرة شمالا إلى منطقة حرة تتضمن خدمات متعددة للسياحة والتسوق.. والتجارة بالعملة الصعبة.. أى أننا أمام نهضة حقيقية لا تسيطر علينا خلالها عصابات النصب والاحتيال.. التى تتاجر بالإسلام من أجل تحقيق أهداف دنيوية رخيصة.
وأمامنا العديد من العلامات التى تشير إلى أننا نسير فى الطريق الصحيح.. وأننا نشمر عن سواعدنا لإعادة بناء بلدنا.. وتوحيد صفوفنا.. وقد رأيت فى الاجازة القصيرة التى أمضيتها بإحدى قرى الساحل الشمالى.. أحفاد الأسطى محمود.. ممن باتوا يتولون المواقع.. ويملكون الشاليهات الفاخرة.. يتمددون على الشاطئ.. تحت الشماسى فى استرخاء رائع.. يتأملون بناتهن بملابس البحر وعلى شفاه كل واحد منهم.. ابتسامة!
أطفالنا.. والجنس!
السبت:
الفتوى التى خرج علينا بها.. أحد أرباب العمائم الصغيرة منذ أيام.. حول حق الرجل فى أن ينفرد بخطيبته وهى تستحم كى يراها عارية أو شبه عارية.. من باب معاينة البضاعة قبل التعاقد.. ليست جديدة ولا عجيبة.
انها واحدة من آلاف الفتاوى التى يتفكه بها العامة.. وتصرفهم عن النهوض بالعواطف.. واتقان العمل.. وجمع القمامة.. والتخلى عن المفردات الساقطة أثناء الحديث.. واحترام المال العام .. الخ.
الفتوى.. اذن ليست جديدة.. وتتركز كلها حول أدق تفاصيل العلاقة بين البشر.. وعلى أمور الجنس بصفة خاصة.
المثير فى الموضوع ان مراكز الأبحاث الاجتماعية.. المنتشرة فى ربوع بلادنا الإسلامية.. لم تقم بواجبها فى دراسة تأثير هذه الفتاوى الجامحة على الأطفال.. الذين ينتمون للإسلام.. وتسرى بينهم هذه الفتاوى مسرى القمل والبراغيث.. فى حلقات الزار.
الذى أعلمه أن احدى الدول الأوروبية الكبرى.. أجرت أكثر من مائة دراسة فى عدد كبير من دور الحضانة.. حول ادراك الأطفال لواقع الاثارة فى جسد المرأة. وتبين من هذه الدراسات ان الطفل المسلم أكثر ادراكا لأماكن الاثارة فى جسد المرأة عمن هم فى مثل سنه.
وفى أسباب هذا الادراك المبكر.. كشفت الدراسات.. ان الطفل المسلم أشار فى الرسوم التى قدمت له عن الأماكن التى يتعين على المرأة عدم كشفها للغرباء.. إلى مواقع لم تخطر ببال من هم فى مثل سنه وينتمون لثقافات دينية أخرى.. وأعادت الدراسات أسباب هذه الظاهرة الفريدة إلى الملابس التى ترتديها الأم.. وتصل فى بعض الأحيان إلى الوجه بأكمله بحيث لا تظهر منه سوى العيون.. أو عين واحدة فى بعض الحالات.
وعند مناقشة كل طفل على حدة.. فى كل مكان حدده بقلمه الرصاص عن أماكن الاثارة.. تبين ان وعى الطفل بهذه الأماكن.. يترسب فى وجدانه.. دون أن يعرف سببا لذلك.. وان الكشف عن هذه الأماكن حرام.
أريد أن أقول ان قضية تأثير الفتاوى الدينية الجامحة على الأطفال فى سن الحضانة.. ليست جديدة فى عالمنا الإسلامى الذى تحاول فيه جماعات الإسلام السياسى استقطاب أكبر عدد من الأنصار والمؤيدين الذين يعيشون فى أجواء الشقاء والبلاء الراسخين فى غياهب الفقر والجهل والأمية وفى بيوت أشبه بأوكار الأفاعى.. التى لم تدخلها المراحيض.. ولا المياه.
نحن إذن أمام ظاهرة.. لا علاقة لها بالإسلام.. وتحركها جماعات الإسلام السياسى بالفتاوى الجامحة تارة.. وبالزوايا الصغيرة التى يعتلى المنابر فيها عدد من أرباب العمائم الصغيرة الذين تخصصوا فى سرقة قطع الغسيل التى ينشرها أصحابها فى الأزقة الضيقة.. وتصدر منها روائح كريهة تجتذب أئمة الزوايا.. الذين يسرقون الغسيل من فوق الحبال.. ويصدرون الفتاوى التى تبيح بقاء المطلقين فى غرفة واحدة بعد إلمامهما ومعرفتهما بأحكام الشرع فى حدود العلاقة بينهما.. فإذا التزما بها.. فهذا أفضل من عيش كل منهما فى غرفة مستقلة.. ناهيكم عن فتوى عدم وقوع الطلاق عبر رسائل الموبايل.. أو الزواج فى سن التاسعة.. الخ.
هذه الفتاوى تترسخ فى وجدان الأطفال بصفة خاصة.. وتتحول فى سن الشباب إلى تفاقم ظاهرة التحرش.. التى بدأت تكابدها المجتمعات الأوروبية التى تضم جاليات كبيرة من المسلمين.
مايوه بنت الأسطى محمود.. هو قضية جيل.. وزمن وتحول اجتماعى.. ساد مرحلة التصنيع والتطوير.. والانتاج.. والحب!
الجمعة:
ارتفعت درجة حرارة الجو.. فتذكرت الأسطى محمود وزمانه.. وتساءلت: أين الأسطى محمود الآن؟
لاشك انه انتقل لرحمة الله.. ومن الواجب قراءة الفاتحة على روحه.. وروح عصره.. وزمانه.. وتذكرت مايوه ابنته الشابة سميرة.. وكدت أسمع صوتها وهى تقول لأمها هامسة فى دلال:
- انتى مش حاتقولى لبابا.. يشترى لى مايوه؟!
وترد عليها الأم فى دهشة صارخة:
- انتى يابت عايزة تلبسى مايوه!
كان مايوه بنت الأسطى محمود.. هو قضية جيل.. وزمن.. وتحول اجتماعى.. ساد مرحلة التصنيع.. والتطوير.. والانتاج.. وظهور طبقة جديدة من عمال القطاع العام.. واللجان النقابية.. وحصول العاملين على اجازات تتيح لهم الجلوس فوق رمال الشواطئ بعد صدور القانون الذى يمنع صرف بدل الاجازة للعاملين.. حتى لا يفقد العامل حقه فى الراحة.
لم يكن العامل فى القطاع العام يعرف الاجازة.. لأنه كان يفضل دائما الحصول على بدل الاجازة.. أما بعد صدور القانون فلم يعد أمام الأسطى محمود.. أى سبب ليحرم نفسه من الاجازة.
كان مايوه بنت الأسطى محمود.. على أيامنا قضية.. تناولها الأستاذ احسان عبدالقدوس فى رائعته مايوه بنت الأسطى محمود.. وتحولت بعد ذلك.. إلى فيلم سينمائى.
وقصة احسان.. هى أدق تاريخ وتسجيل.. لسنوات فارقة فى حياتنا.. وهى الفترة التى التحق فيها أبناء العمال والفلاحين.. بالمدارس الحكومية.. والجامعات المجانية.. وظهور طبقة جديدة.. تلتحق بالوظائف التى لم يكن من المتصور إلتحاق أبناء البسطاء بها.
المهم... ان مايوه بنت الأسطى محمود.. كانت الرمز للصراع بين جيل المايوه.. وجيل ما قبل المايوه.
جيل عصر الزراعة.. والطرق.. والجلابية الزرقاء.. وجيل عصر التصنيع والتحديث والتطوير.. والملابس العصرية التى تواكب الزمن.
وقبل أن تسرقنى السطور.. أود الاشارة بسرعة لقصة احسان كى يتسنى لى الإجابة على السؤال:
- أين الأسطى محمود الآن.. وأين سميرة؟
كانت المؤسسة التى يعمل بها الأسطى محمود قد استأجرت شقة مفروشة فى الإسكندرية لعائلات العمال.. كل عيلة تروح تقعد عشرة أيام.. وبالقرعة.. اللى تقع عليه القرعة يأخذ عيلته ويروح يصيف فيها.
وفاز الأسطى محمود بالقرعة.. وخرج من المصنع مذهولا.. وابتسامته على شفتيه.
وما كاد يقول الحكاية لزوجته.. حتى صرخت من الفرحة.. وقفزت ابنته سميرة إلى الشباك تقول لجارتها:
- سنية.. احنا مسافرين إسكندرية!
ثم قفزت إلى الشباك القبلى وصاحت:
- درية.. احنا مسافرين إسكندرية.
ومرت خمسة أيام.. وأسرة الأسطى محمود.. لا تنام. من فرط السعادة.
واقتربت سميرة من أمها وقالت لها همسا:
- انتى مش هاتقولى لبابا يشتريلى مايوه؟!
ونظرت دولت زوجة الأسطى محمود إلى ابنتها فى دهشة صارخة وقالت:
- انتى يابت عايزة تلبسى مايوه.
وردت سميرة وعيناها الجريئتان تلمعان:
- وماله.. كل البنات بيلبسوا مايوه.. وسنية جارتنا لبست مايوه لما راحت بورسعيد السنة اللى قبل اللى فاتت.. ورجعت متصورة بيه.. ولا عايزانى أمشى على البحر بملاية لف؟!
وفكرت دولت قليلا.. ثم قالت وذكاؤها الطيب الساذج يبرق فى عينيها:
- طيب اسمعى.. أصل احنا لو فتحنا الموضوع ده لأبوكى دلوقتى.. هايعقدها.. ويمكن ما نسافرش خالص.. استنى لما نوصل هناك بالسلامة.. ويبقى يحلها ربنا!
ولوت سميرة شفتيها!

اختصار الكلام.. ان الأسطى محمود استسلم للأمر الواقع واشترت سميرة المايوه.. وهو يشعر بالقلق والضيق.. ووقفت سميرة.. فصرخ فيها.. صراخا خافتا:
- رايحة فين بابت؟
وقالت سميرة:
- أتمشى شوية!
وقال الأسطى محمود فى حزم:
- خليكى قاعدة فى حتتك!
وقالت دولت فى مسكنة:
- ما تسيبها يا خويا تمشى رجليها شوية!
المهم.. ان سميرة ارتدت المايوه وسارت على الشاطئ مع العشرات من بنات جنسها.. اللاتى يرتدين المايوهات فى ستينيات القرن الماضى.
فى ستينيات القرن الماضى وقعت أحداث هذه القصة إلى ان دارت الأيام.. ووقعت البلاد فى براثن جماعة.. تصدر الفتاوى الجامحة فى محاولة لإعادة الأمة.. لما كانت عليه الأحوال فى مجتمعات الصحراء.. فما معنى هذا الكلام؟
أجاب ابن خلدون على هذا السؤال فى القرن الخامس عشر..
يقول ابن خلدون (1332 1406) ان الامبراطورية الإسلامية التى بدأت منذ عهد الخلافة والدولة الأموية امتدت من اسبانيا إلى الهند ووسط آسيا.. بسبب التقدم الاقتصادى الذى ألقى بآثاره الايجابية على الحياة الاجتماعية للمسلمين ووحدت صفوفهم.. وحققت هذه الرفاهية طفرة كبيرة فى مجالات الابداع والفكر والثقافة.. والارتقاء بالعقول.. وان التراجع الاقتصادى وانتشار النزاعات الفكرية هو الذى أدى لسقوط بغداد تحت جحافل المغول سنة 1258م وانتشار الفقر والتخلف الذى أدى بدوره لسقوط الامبراطورية الإسلامية.. وتمزقها.
ويقول ابن خلدون ان صعود وسقوط المجتمعات الإسلامية.. ارتبط إلى حد بعيد بقوة الدولة الاجتماعية. واحترام القوة السياسية التى تضع أسس النظام العام.
ومفهوم طبعا أن الدراسات السياسية الحديثة أكدت هذه الحقيقة التى أشارت إليها فلسفة ابن خلدون فى القرن الخامس عشر.. ولكن الجديد فى الموضوع.. ان لنا فى مصر.. تجربة تستحق التأمل.. وهى ان الفترة التى استمر فيها حكم تيار الإسلام السياسى.. هى أكثر فترات تاريخنا القديم والحديث التى شهدت فيها البلاد انتشارا غير مسبوق للفتاوى الجامحة.
وفى هذا العام الذى سادت فيه كل ألوان التدمير والاحباط احتلت الفتاوى الخاصة بالمرأة النصيب الأوفر.. وتركزت حول فتاوى الجنس والاثارة.. وكارثة تبرج النساء وسفورهن وعدم تحجبهن عن الرجال.. وابداء الكثير من زينته - التى كما تقول الفتوي - حرم الله عليهن ابداءها.
أما المايوه والعياذ بالله.. فقد ضرب الأرقام القياسية.. فى التحريم.. (حتى لا يطمع فى مرتديات المايوه.. كل من فى قلبه مرض شهوة الزنا.
وأمثلة الفتاوى الجنسية التى خرجت من عقالها.. طوال عام التخلف العقلى والشعوذة واثارة الغرائز.. لا تقع تحت عصر.. ولكنها تشير إلى حقيقة جاءت فى كتابات ابن خلدون.. وتتلخص فى الارتباط بين التخلف الاقتصادى.. وبين تدهور الأمم.. وتراجع القيم.. وانتشار الأفكار الجامحة التى تثير الانقسام والفرقة.. وتصرف الناس عن قضاياهم المعاصرة ومواكبة الزمن.
أيام الأسطى محمود.. كانت مصر.. تجتاز مرحلة مهمة فى تاريخها الحديث.. وبداية عصر التصنيع الذى بدأته بلادنا قبل كوريا وقبل الصين.. كان المايوه.. هو لباس البحر على شواطئنا المترامية الأطراف.
كانت سميرة ترتدى المايوه مع الآلاف من الفتيات بنات جنسها من الطبقة العاملة.. الكادحة.. التى تبنى ولا تهدم.. تعمر ولا تخرب.. ولا تحرق الجامعات.. أو تلقى بأجهزة الكمبيوتر من نوافذ جامعة الأزهر.
فى هذا الزمن لم تكن مصر.. تعرف ظاهرة التحرش.. ولا ظاهرة التدهور الأخلاقى المروع.. ولا اختفاء الدور التربوى الذى كانت تقوم به الأسرة المصرية.. المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا.. لسبب بسيط هو أننا كنا فى مرحلة صعود ومواكبة الزمن.. يحدونا الأمل فى مستقبل أفضل يسوده الابداع والابتكار.. وتقديم الصورة الصحيحة من الإسلام فى ربوع العالم.
الآن نحن أمام أمل جديد يجسده مشروع.. قناة السويس الجديد.. وتحويل مجرى القناة الجديدة مابين الاسماعيلية جنوبا والقنطرة شمالا إلى منطقة حرة تتضمن خدمات متعددة للسياحة والتسوق.. والتجارة بالعملة الصعبة.. أى أننا أمام نهضة حقيقية لا تسيطر علينا خلالها عصابات النصب والاحتيال.. التى تتاجر بالإسلام من أجل تحقيق أهداف دنيوية رخيصة.
وأمامنا العديد من العلامات التى تشير إلى أننا نسير فى الطريق الصحيح.. وأننا نشمر عن سواعدنا لإعادة بناء بلدنا.. وتوحيد صفوفنا.. وقد رأيت فى الاجازة القصيرة التى أمضيتها بإحدى قرى الساحل الشمالى.. أحفاد الأسطى محمود.. ممن باتوا يتولون المواقع.. ويملكون الشاليهات الفاخرة.. يتمددون على الشاطئ.. تحت الشماسى فى استرخاء رائع.. يتأملون بناتهن بملابس البحر وعلى شفاه كل واحد منهم.. ابتسامة!
أطفالنا.. والجنس!
السبت:
الفتوى التى خرج علينا بها.. أحد أرباب العمائم الصغيرة منذ أيام.. حول حق الرجل فى أن ينفرد بخطيبته وهى تستحم كى يراها عارية أو شبه عارية.. من باب معاينة البضاعة قبل التعاقد.. ليست جديدة ولا عجيبة.
انها واحدة من آلاف الفتاوى التى يتفكه بها العامة.. وتصرفهم عن النهوض بالعواطف.. واتقان العمل.. وجمع القمامة.. والتخلى عن المفردات الساقطة أثناء الحديث.. واحترام المال العام .. الخ.
الفتوى.. اذن ليست جديدة.. وتتركز كلها حول أدق تفاصيل العلاقة بين البشر.. وعلى أمور الجنس بصفة خاصة.
المثير فى الموضوع ان مراكز الأبحاث الاجتماعية.. المنتشرة فى ربوع بلادنا الإسلامية.. لم تقم بواجبها فى دراسة تأثير هذه الفتاوى الجامحة على الأطفال.. الذين ينتمون للإسلام.. وتسرى بينهم هذه الفتاوى مسرى القمل والبراغيث.. فى حلقات الزار.
الذى أعلمه أن احدى الدول الأوروبية الكبرى.. أجرت أكثر من مائة دراسة فى عدد كبير من دور الحضانة.. حول ادراك الأطفال لواقع الاثارة فى جسد المرأة. وتبين من هذه الدراسات ان الطفل المسلم أكثر ادراكا لأماكن الاثارة فى جسد المرأة عمن هم فى مثل سنه.
وفى أسباب هذا الادراك المبكر.. كشفت الدراسات.. ان الطفل المسلم أشار فى الرسوم التى قدمت له عن الأماكن التى يتعين على المرأة عدم كشفها للغرباء.. إلى مواقع لم تخطر ببال من هم فى مثل سنه وينتمون لثقافات دينية أخرى.. وأعادت الدراسات أسباب هذه الظاهرة الفريدة إلى الملابس التى ترتديها الأم.. وتصل فى بعض الأحيان إلى الوجه بأكمله بحيث لا تظهر منه سوى العيون.. أو عين واحدة فى بعض الحالات.
وعند مناقشة كل طفل على حدة.. فى كل مكان حدده بقلمه الرصاص عن أماكن الاثارة.. تبين ان وعى الطفل بهذه الأماكن.. يترسب فى وجدانه.. دون أن يعرف سببا لذلك.. وان الكشف عن هذه الأماكن حرام.
أريد أن أقول ان قضية تأثير الفتاوى الدينية الجامحة على الأطفال فى سن الحضانة.. ليست جديدة فى عالمنا الإسلامى الذى تحاول فيه جماعات الإسلام السياسى استقطاب أكبر عدد من الأنصار والمؤيدين الذين يعيشون فى أجواء الشقاء والبلاء الراسخين فى غياهب الفقر والجهل والأمية وفى بيوت أشبه بأوكار الأفاعى.. التى لم تدخلها المراحيض.. ولا المياه.
نحن إذن أمام ظاهرة.. لا علاقة لها بالإسلام.. وتحركها جماعات الإسلام السياسى بالفتاوى الجامحة تارة.. وبالزوايا الصغيرة التى يعتلى المنابر فيها عدد من أرباب العمائم الصغيرة الذين تخصصوا فى سرقة قطع الغسيل التى ينشرها أصحابها فى الأزقة الضيقة.. وتصدر منها روائح كريهة تجتذب أئمة الزوايا.. الذين يسرقون الغسيل من فوق الحبال.. ويصدرون الفتاوى التى تبيح بقاء المطلقين فى غرفة واحدة بعد إلمامهما ومعرفتهما بأحكام الشرع فى حدود العلاقة بينهما.. فإذا التزما بها.. فهذا أفضل من عيش كل منهما فى غرفة مستقلة.. ناهيكم عن فتوى عدم وقوع الطلاق عبر رسائل الموبايل.. أو الزواج فى سن التاسعة.. الخ.
هذه الفتاوى تترسخ فى وجدان الأطفال بصفة خاصة.. وتتحول فى سن الشباب إلى تفاقم ظاهرة التحرش.. التى بدأت تكابدها المجتمعات الأوروبية التى تضم جاليات كبيرة من المسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.