كل ما تحتاج معرفته عن اختبارات القدرات 2025 لكليات الفنون التطبيقية (التواريخ الرسمية)    عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 9-7-2025 في مصر والعالم    التفاصيل الكاملة ل حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2025 رسميًا.. شروط سكن لكل المصريين 7    مئات الشهداء والجرحى في قصف إسرائيلي استهدف نازحي غزة    مجانا.. القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وباريس سان جيرمان بث مباشر.. والمعلق    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 وخطوات الاستعلام الإلكتروني    الإمارات تنفي صحة تقارير عن منحها الإقامة الذهبية مدى الحياة لبعض الجنسيات    روسيا تشن هجمات جوية على أوكرانيا وترامب يهاجم بوتين بعد استئناف تسليح كييف    مدبولي يترأس اجتماع مجلس الوزراء اليوم في أول لقاء بعد أزمة سنترال رمسيس ومؤتمر صحفي مرتقب    المسرح القومي ينشر فيديو تحية الجمهور في افتتاح «الملك لير»    بصوت لبناني يصل إلى غزة، ماجدة الرومي تفتتح "أعياد بيروت" بعد غياب أكثر من 15 عامًا (فيديو)    مواعيد صرف مرتبات يوليو وأغسطس وسبتمبر 2025.. وقائمة الأجور الجديدة وبدلات المعلمين    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات القبول لطلاب تجارة 3 سنوات وأهم الكليات والمعاهد المتاحة    بعد تجديد رونالدو.. عرض من النصر السعودي لضم وسام أبو علي (تفاصيل)    ليس بوبو.. الزمالك يستهدف ضم نجم جديد من بيراميدز (تفاصيل)    لا تضع الجبن أبدا في كيس بلاستيكي لهذا السبب    دعاء الفجر| اللهم ارزقني الرضا وراحة البال    في اللقاء ال4 بينهما حول غزة.. ترامب يضغط ونتنياهو يناور    البابا تواضروس الثاني يلتقي الدارسين وأعضاء هيئة تدريس الكلية الإكليريكية بالإسكندرية    الاتحاد المنستيري يرفض استعادة الجفالي.. والزمالك يتحرك لإعارته وتوفير مكان للاعب أجنبي    تخفيض 50% على رسوم الخدمات الإلكترونية بالمدن الجديدة    ولي العهد السعودي يلتقي وزير الخارجية الإيراني    بوشاية من طليقته، تنفيذ الأحكام يلاحق صالح جمعة في الساحل الشمالي    «كانوا في طريقهم للعمل».. إصابة 11 شخصًا بانقلاب سيارة بالبدرشين    مدبولي يعود إلى القاهرة بعد تمثيل مصر في قمة بريكس بالبرازيل.. ومباحثات دولية لتعزيز التعاون المشترك    إصابة فلسطينيين في هجوم للمستعمرين على صوريف بالخليل    مسن يُنهي حياته قفزًا من شرفة منزله بسبب ضائقة مالية في الفيوم    12 عامًا على مذبحة "الحرس الجمهوري": أحمد عاصم.. عين الحقيقة التي أسكتها رصاصات الجيش    بوصفات الطب الصيني.. نصائح لعلاج السكر في الدم    الأمن يحقق في إصابة طبيب بطعنة في الرقبة داخل مستشفى بني سويف    الخارجية الإيرانية: تلقينا رسائل من واشنطن للعودة إلى المفاوضات    انطلاق المؤتمر الصحفي لمهرجان المسرح القومي 15 يوليو.. والاحتفاء بأفضل النصوص المسرحية    بعد ترميمهما.. وزير السياحة ومحافظ القاهرة يفتتحان قبتين نادرتين بالفسطاط    البدوي: تعافي الاتصالات سريعًا بفضل «عقل الدولة الإلكتروني» بالعاصمة الإدارية    «الطقس× أسبوع».. شديد الحرارة رطب والأرصاد تحذر من نشاط الرياح على بعض الشواطئ والشبورة بالمحافظات    الجبهة الوطنية: قادرون على إحداث نقلة حقيقية في تاريخ الحياة الحزبية    مرشحو «العدل» ينتهون من الكشف الطبي استعدادًا للانتخابات.. والدريني: مفاجأة مرتقبة قريبًا    إلى عشاق البطيخ، هل الإفراط في تناول هذه الفاكهة الصيفية ضار؟    الفيفا يفتتح مكتبا داخل برج ترامب استعدادا لمونديال 2026    أيمن الرمادي عن اعتزال شيكابالا: قرار خاطئ    محافظ قنا يعتمد تنسيق القبول بالمدارس الثانوية للعام الدراسي 2026/2025    رئيس الوزراء الفلسطيني يأمل في أن تتكلل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بالنجاح سريعا    مجلس الكنائس العالمي يدعو لحماية حرية الدين في أرمينيا: "الكنيسة الرسولية الأرمينية تمثل إرثًا روحيًا لا يُمس"    الرمادي يكشف أفضل 2 مدافعين في مصر    مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة    عقب تداول الفيديو.. «الداخلية» تعلن القبض على طفل يقود سيارة في القليوبية    النيابة العامة تذيع مرافعتها فى قضية حادث الطريق الإقليمي (فيديو)    غالبًا ما تمر دون ملاحظتها.. 7 أعراض خفية لسرطان المعدة    جهاز تعمير مطروح: الانتهاء من تصميمات المنطقة السكنية بشرق مدينة مرسى مطروح    "إنستاباي شغال".. وزير الشئون النيابية يرد على نائب بشأن أزمة الخدمات بعد حريق سنترال رمسيس    معشوق القراء... سور الأزبكية يتصدر المشهد بمعرض الكتاب الدولي بمكتبة الإسكندرية    مينا رزق لإكسترا نيوز: الدعم العربى والأفريقي سببا فى فوزى برئاسة المجلس التنفيذى لمنظمة الفاو    وراءها رسائل متعددة.. الاحتلال يوسّع استهدافه بلبنان ويصفي مسؤولًا بحماس شمالًا    80 شهيدًا منذ الفجر.. قصف إسرائيلي عنيف يضرب غزة وأوامر إخلاء شاملة لخان يونس    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    الخميس.. الأوقاف تنظم 2963 مجلسا دعويا حول آداب دخول المسجد والخروج منه    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل الأقدار‮..‬يستجيب
ورقة وقلم
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 26 - 01 - 2014

أحسبه اتخذ قرارا نهائيا بخوض الانتخابات الرئاسية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي مشروع الدستور،‮ ‬والتي فاقت بكثير توقعات من أسرفوا في التفاؤل،‮ ‬وأظنه سيعلن القرار بعد إعادة ترتيب خارطة الطريق
كنا
في لقاء خاص‮. ‬مجموعة محدودة من الكُتاب والقادة العسكريين،‮ ‬نتحاور حول شئون الوطن وشجونه،‮ ‬وعلي رأسها انتخابات رئاسية علي الأبواب‮.‬
نقلت جلستي إلي جوار قائد بعينه‮. ‬أردت أن أسمعه،‮ ‬دون أن يستمع إلينا آخرون‮.‬
سألته‮:‬
‮- ‬كيف تري رئيس مصر المقبل؟
ابتسم،‮ ‬ورفع عينيه عاليا،‮ ‬ينظر إلي حيث لا أري،‮ ‬وهو يقول‮: ‬أراه رجلا،‮ ‬صادقا،‮ ‬أمينا مع شعبه،‮ ‬مخلصا لبلاده‮. ‬يقدر علي جرأة الحلم،‮ ‬ويستطيع الإنجاز‮. ‬أراه قائدا يحمل هموم شعبه،‮ ‬يسعي إلي تحقيق آماله،‮ ‬يعرف من أين يبدأ،‮ ‬وإلي أين يسير‮. ‬يدرك قدر التحديات والعقبات،‮ ‬ويمتلك جسارة المجابهة والتغلب‮.‬
دارت في رأسي أسماء ووجوه الشخصيات المرشحة للرئاسة،‮ ‬وأخذت أطابق ما أعرفه عنها،‮ ‬علي ما سمعته توا من صفات‮ .. ‬وسألته‮ :‬
‮- ‬هل أنت متأكد أن‮ ‬من بين المرشحين الرجل الذي تتحدث عنه؟
‮- ‬ابتسم مجددا‮.. ‬ثم قال باقتضاب‮: ‬
هذا ما أتمناه‮.‬
كان ذلك في أواخر أيام ربيع عام‮ ‬2012،‮ ‬وكان محادثي اللواء أركان حرب عبدالفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية‮.. ‬يومها،‮ ‬لم يكن السيسي يدري،‮ ‬أن ما يتمناه في شخص رئيس الجمهورية المقبل،‮ ‬سيصبح بعد أقل من عامين هو نفسه ما تراه الغالبية من جماهير الشعب في شخصه هو‮.‬
بالقطع‮.. ‬لم يكن الجنرال‮ -‬الشاب كما كنت أحب أن أسميه لحيويته البادية وأفكاره‮ ‬غير المقولبة‮- ‬يتحدث عن نفسه،‮ ‬فأسماء المرشحين كانت معلنة،‮ ‬وباب الترشح قد أغلق،‮ ‬والمجلس الأعلي للقوات المسلحة كان قد ألزم أعضاءه بعدم الترشح،‮ ‬وقرر أن ينأي بنفسه عن العملية الانتخابية برمتها‮.‬
ولعلي أذيع سرا،‮ ‬إذا قلت أن اللواء عبدالفتاح السيسي،‮ ‬كان يود كمواطن،‮ ‬لو اجتمعت القوي السياسية حينئذ علي شخصية مدنية شابة لم تبلغ‮ ‬سن الخمسين،‮ ‬تتمتع بالكفاءة والإخلاص،‮ ‬ودفعت بها إلي الترشح‮.
طموح‬
اللواء السيسي كان منعقدا علي مساره العسكري الطبيعي دون سواه،‮ ‬بعد مشوار مشرف دام‮ ‬35‮ ‬عاما ضابطا،‮ ‬وقائدا،‮ ‬ثم مديرا لأكثر أجهزة القوات المسلحة حساسية‮.‬
وكان اعتزازه‮ -‬ولم يزل‮- ‬بالزي العسكري لا يدانيه شيء،‮ ‬منذ ارتداه لأول مرة وهو في الخامسة عشرة من عمره طالبا بالثانوية الجوية‮.‬
وأذكر في لقاء جمعني باللواء السيسي وقيادة عسكرية كبري قبل أسابيع من انتهاء المرحلة الانتقالية الأولي،‮ ‬وقبيل إجراء الانتخابات الرئاسية أن القائد الكبير وهو برتبة الفريق،‮ ‬سألني‮: ‬ماذا تتوقع للقوات المسلحة بعد انتخاب رئيس الجمهورية‮.‬
‮- ‬قلت‮: ‬لابد أن يتجدد شباب القيادة العامة ولابد أن يتم التجديد بقرار من المشير طنطاوي والمجلس الأعلي،‮ ‬مع تسليم السلطة للرئيس المنتخب؟
‮- ‬سألني القائد الكبير مجددا‮ :‬
وماذا عن قادة الأفرع الرئيسية؟
قلت‮: ‬ينبغي أن يشملهم التجديد‮.‬
قال القائد‮: ‬وكان واحدا من قادة الأفرع‮:‬
‮ ‬هذا رأيي أيضا،‮ ‬وقد أبلغته للمشير طنطاوي‮.‬
‮- ‬ثم سألني‮: ‬بحكم درايتك بالقوات المسلحة،‮ ‬ومعرفتك بقادتها،‮ ‬من تظن أن الاختيار سيقع عليهما لتولي منصبي القائد العام ورئيس الأركان؟
‮- ‬أشرت إلي اللواء السيسي وقلت‮ : ‬سيادة الجنرال هو القائد العام الجديد،‮ ‬أما رئيس الأركان فإما اللواء فلان أو اللواء فلان‮.‬
‮- ‬ضحك القائد الكبير ونظر إلي اللواء السيسي الذي أطرق مبتسما ولم يعلق‮.‬
‮ ‬
‮.. ‬جاء اللواء السيسي وزيرا للدفاع،‮ ‬وجاء رئيس الأركان من بين الأسمين‮.‬
لم أكن من ضاربي الودع حين أجبت علي أسئلة القائد الكبير،‮ ‬إنما كنت أتحدث عما أعرفه من اتجاهات وتفضيلات داخل القوات المسلحة،‮ ‬وما ألمسه من نبض القيادات في صفوفها‮.‬
وبالفعل،‮ ‬كان قرار تعيين الفريق أول السيسي والفريق صدقي صبحي متخذا سلفا داخل القوات المسلحة‮ ‬،‮ ‬وإن صدر ممهورا بتوقيع الرئيس السابق‮.‬
‮ ‬
أرعدت السماء المصرية،‮ ‬وأضاءتها صواعق الثورة الثانية،‮ ‬واستجاب الفريق أول السيسي لإرادة الجماهير مبكرا قبل النزول الكبير بأسبوع،‮ ‬حينما تحدث يوم‮ ‬23‮ ‬يونيو الماضي وأعطي مهلة الأيام السبعة لنظام مرسي وقال‮: «‬أي مروءة نعيش بها كضباط في الجيش،‮ ‬لما نحس أن الشعب خايف ومروع ونقعد ساكتين‮.. ‬إحنا نروح نموت أحسن‮».‬
مع ذلك ظل السيسي يحاول مع مرسي ويبذل قصاري جهده،‮ ‬حتي بعد خروج الجماهير بعشرات الملايين يوم‮ ‬30‮ ‬يونيو تنادي بسقوط حكم المرشد،‮ ‬بل إنه طرح عليه حتي صباح يوم‮ ‬3‮ ‬يوليو،‮ ‬وقبيل انتهاء مهلة الثماني والأربعين ساعة الثانية أن يقبل بإجراء استفتاء علي رئاسته،‮ ‬رغم أن مطالب الجماهير كانت قد تجاوزت مسألة الاستفتاء‮. ‬لكن مرسي وجماعته تملكهم عمي البصر والبصيرة‮.. ‬وحسنا فعلوا‮!‬
‮ ‬
في أكثر من مناسبة،‮ ‬وبأكثر من أسلوب،‮ ‬عبر السيسي عن عدم رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية‮.
وأذكر‬
إنني التقيت الفريق أول السيسي يوم‮ ‬21‮ ‬يوليو الماضي للمرة الأولي بعد ثورة‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬وتحدثت معه مطولا عن رؤيته لأوضاع البلد،‮ ‬وتصوره للمستقبل،‮ ‬وبالطبع عن تفاصيل الأيام الأخيرة لنظام الإخوان‮.‬
ثم سألته قبيل انتهاء اللقاء عن موقفه من الترشح لرئاسة الجمهورية،‮ ‬أو بالأحري كنت أدعوه كالملايين‮ ‬غيري إلي الترشح وعددت له أسبابي،‮ ‬وكلها تتعلق بالمصلحة الوطنية‮.‬
وفوجئت‮ ‬به يغادر الصالون الملحق بمكتبه في مقر وزارة الدفاع،‮ ‬إلي داخل المكتب،‮ ‬ويعود حاملا ورقة زرقاء،‮ ‬ثم ناولها لي مبتسما وهو يقول‮: ‬هذا هو موقفي من الترشح،‮ ‬وأفكر في إذاعته بعد ساعتين من الآن‮.
أمسكت‬
بالورقة،‮ ‬وطالعتها مرة واثنتين،‮ ‬وسلمتها له‮. ‬وأنا أقول‮: »‬مع كامل احترامي‮.. ‬اختلف مع سيادتك في هذا الموقف،‮ ‬وأرجوك ألا تعلنه علي الأقل في هذا التوقيت‮«.‬
فحوي الورقة كان بيانا قصيرا بخط يد الفريق أول السيسي،‮ ‬يعلن فيه موقفه بأنه لا يفكر في مسألة الترشح لانتخابات الرئاسة ويؤكد أن توليه مسئولية قيادة الجيش المصري هو مصدر فخره وقمة أمله وطموحه،‮ ‬ويعبر عن سعادته بخدمة شعب مصر العظيم بكل إخلاص من خلال موقعه كقائد عام للقوات المسلحة،‮ ‬متمنيا أن يقابل الله حاملا كتابه بيمينه‮.‬
ظللت قلقا من صدور بيان يغلق الباب ويجعل من إعادة فتحه عسيرا،‮ ‬أمام رجل يعتبر صدق الكلمة أغلي رصيد في بنكه الشخصي‮. ‬وكنت أري أن المطالبة بترشحه التي تجري باضطراد تحت جسور النيل،‮ ‬سوف تتحول إلي شلال هادر حين نقترب من المصب،‮ ‬وكنت أقدر أن توليه الرئاسة ضرورة لا‮ ‬غني عنها لصون المصلحة العليا للبلاد،‮ ‬وكنت بشكل شخصي،‮ ‬أحسبه رجل الأقدار الذي هيأته لنا ثورتان تضلان الطريق نحو تحقيق أهداف تكاد تضيع وإحياء أحلام توشك أن تخبو وتنطفئ‮.‬
لم يتبدد القلق،‮ ‬إلا بعدما عرفت أن قادة كبار مخلصين،‮ ‬رجوه أن يلغي إذاعة البيان ولو إلي حين‮.‬
‮ ‬
وبرغم الحشود‮ ‬غير المسبوقة التي خرجت بعشرات الملايين يوم‮ ‬26‮ ‬يوليو،‮ ‬تفوضه فيما طلب من جماهير الشعب قبلها بيومين،‮ ‬لم ينظر السيسي الي تلك التلبية الهائلة من جانب جموع خرجت ترفع صوره مع صور الزعيم عبدالناصر،‮ ‬علي أنها تعبير عن رغبة شعبية في خوضه الانتخابات،‮ ‬بقدر ما هي تداع جماهيري من أجل الحفاظ علي الوطن والدولة‮.
لهذا‬
‮.. ‬تحدث السيسي يوم‮ ‬18‮ ‬اغسطس الماضي،‮ ‬مبديا رأيه الخاص،‮ ‬بأن شرف حماية الوطن أغلي عنده من شرف الحكم‮. ‬وكان لتصريحه هذا أثر محبط في نفوس ملايين تتطلع إليه كبطل شعبي،‮ ‬ومنقذ،‮ ‬وزعيم‮.‬
تحت تأثير ضغوط‮ ‬غلابة،‮ ‬مال السيسي إلي عدم إغلاق الباب أمام احتمال ترشحه للرئاسة،‮ ‬وبدا الرجل في‮ ‬غضون الأسابيع الماضية،‮ ‬محاصرا بين نفسه وبين الشعب‮.‬
هو يري أنه لم يقصر في أداء واجبه تجاه وطنه،‮ ‬ولا يريد منصبا قد يقال أنه سعي إليه،‮ ‬ويحسب أنه يستطيع أن يخدم بلاده من موقعه كقائد للجيش‮. ‬هو أيضا يدرك حجم التحديات التي تجابهها البلاد وقدر الآمال التي يعلقها عليه الشعب،‮ ‬ومن حقه أن يحرص علي بقاء صورته ناصعة في أذهان الجماهير،‮ ‬دون أن تخدشها ظنون بوجود عصا سحرية في يده،‮ ‬يزيل بها مشكلات تراكمت عقودا،‮ ‬في اليوم التالي لتوليه السلطة‮.‬
علي الجانب الآخر،‮ ‬هو يلمس رغبة الشعب،‮ ‬ويستشعر نبضه،‮ ‬ويأبي علي نفسه أن يعصي أمرا للجماهير‮.‬
مع مطلع العام الجديد أظن السيسي حسم بينه وبين نفسه قراره‮. ‬وأحسبه اتخذ قرارا نهائيا بخوض الانتخابات الرئاسية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي مشروع الدستور،‮ ‬والتي فاقت بكثير توقعات من أسرفوا في التفاؤل‮.‬
سوف يعلن السيسي قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة في‮ ‬غضون أيام،‮ ‬من صدور قرار بقانون لرئيس الجمهورية ينص علي إجراء انتخابات الرئاسة قبيل الانتخابات البرلمانية،‮ ‬وربما يسبق الإعلان صدور القرار الجمهوري الخاص بموعد فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية‮.
لا يريد‬
السيسي أن يرهق جماهير الشعب بالنزول للإعراب عن رغبتها في خوضه الانتخابات،‮ ‬ولم يكن السيسي ينتظر قبل حسم قراره،‮ ‬ضوءا أخضر أو إعلان عدم ممانعة يأتيه من الخارج‮.. ‬هذه ليست شخصيته،‮ ‬ولا هذا ما تتحدث به مواقفه أو تاريخه‮.‬
فالرجل الذي يأبي أن يستشير‮ ‬غير المصريين في قرار يتعلق بإرادة شعب ومصير أمة‮ ‬،‮ ‬يأبي علي نفسه أن ينتظر إشارة من أجنبي في قرار يتعلق باختياره الشخصي‮.‬
فاستقلال القرار الوطني،‮ ‬أحد أهم أوراق اعتماد عبدالفتاح السيسي في قلوب المصريين
‮ ‬
لا أعرف بم كان يشعر السيسي وهو يشاهد صور عبدالناصر تملأ شاشة مسرح الجلاء يوم الخميس الماضي في احتفال القوات المسلحة بذكري ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬ولا ما الذي دار في ذهنه وهو يستمع إلي كلمات أغنية‮ »‬عاش الجيل الصاعد‮«: »‬حرمونا سنين وسنين،‮ ‬وافتكروا الناس نايمين،‮ ‬وطلعنا عليهم يوم،‮ ‬خلصنا حقوق ملايين‮«‬،‮ ‬التي كتبها حسين السيد قبل ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير بنصف قرن،‮ ‬وكأنه كان يتنبأ بها‮.‬
لكن أحسبني أعرف شعوره،‮ ‬والقاعة تهتف له‮: »‬تكليف‮.. ‬تكليف‮«‬،‮ ‬والحضور يطالبه بالترشح للانتخابات‮. ‬كانت عيناه تقولان‮: ‬يارب أكون علي قدر الثقة‮.‬
لم يكن السيسي‮ ‬يرتدي نظارته السوداء التي لا يريد منها أن تضفي عليه‮ ‬غموضا لا يحبه ولا يعرفه،‮ ‬وإنما يستعين بها ليداري مشاعر تأثر لا يستطيع إخفاءها أو يحجب بها نظرات عزم وتصميم وإصرار يعتمل في صدره‮.‬
مع تباشير الربيع المقبل،‮ ‬سوف يكون لمصر رئيس جديد منتخب بأغلبية كاسحة،‮ ‬هو‮ - ‬بإذن الله‮ - ‬عبدالفتاح السيسي‮. ‬وأتوقع‮- ‬وعندي أسبابي‮- ‬أنه سيكون القائد الذي تمناه السيسي لمصر منذ‮ ‬20‮ ‬شهرا مضت‮.‬
أحسبه اتخذ قرارا نهائيا بخوض الانتخابات الرئاسية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي مشروع الدستور،‮ ‬والتي فاقت بكثير توقعات من أسرفوا في التفاؤل،‮ ‬وأظنه سيعلن القرار بعد إعادة ترتيب خارطة الطريق
كنا
في لقاء خاص‮. ‬مجموعة محدودة من الكُتاب والقادة العسكريين،‮ ‬نتحاور حول شئون الوطن وشجونه،‮ ‬وعلي رأسها انتخابات رئاسية علي الأبواب‮.‬
نقلت جلستي إلي جوار قائد بعينه‮. ‬أردت أن أسمعه،‮ ‬دون أن يستمع إلينا آخرون‮.‬
سألته‮:‬
‮- ‬كيف تري رئيس مصر المقبل؟
ابتسم،‮ ‬ورفع عينيه عاليا،‮ ‬ينظر إلي حيث لا أري،‮ ‬وهو يقول‮: ‬أراه رجلا،‮ ‬صادقا،‮ ‬أمينا مع شعبه،‮ ‬مخلصا لبلاده‮. ‬يقدر علي جرأة الحلم،‮ ‬ويستطيع الإنجاز‮. ‬أراه قائدا يحمل هموم شعبه،‮ ‬يسعي إلي تحقيق آماله،‮ ‬يعرف من أين يبدأ،‮ ‬وإلي أين يسير‮. ‬يدرك قدر التحديات والعقبات،‮ ‬ويمتلك جسارة المجابهة والتغلب‮.‬
دارت في رأسي أسماء ووجوه الشخصيات المرشحة للرئاسة،‮ ‬وأخذت أطابق ما أعرفه عنها،‮ ‬علي ما سمعته توا من صفات‮ .. ‬وسألته‮ :‬
‮- ‬هل أنت متأكد أن‮ ‬من بين المرشحين الرجل الذي تتحدث عنه؟
‮- ‬ابتسم مجددا‮.. ‬ثم قال باقتضاب‮: ‬
هذا ما أتمناه‮.‬
كان ذلك في أواخر أيام ربيع عام‮ ‬2012،‮ ‬وكان محادثي اللواء أركان حرب عبدالفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية‮.. ‬يومها،‮ ‬لم يكن السيسي يدري،‮ ‬أن ما يتمناه في شخص رئيس الجمهورية المقبل،‮ ‬سيصبح بعد أقل من عامين هو نفسه ما تراه الغالبية من جماهير الشعب في شخصه هو‮.‬
بالقطع‮.. ‬لم يكن الجنرال‮ -‬الشاب كما كنت أحب أن أسميه لحيويته البادية وأفكاره‮ ‬غير المقولبة‮- ‬يتحدث عن نفسه،‮ ‬فأسماء المرشحين كانت معلنة،‮ ‬وباب الترشح قد أغلق،‮ ‬والمجلس الأعلي للقوات المسلحة كان قد ألزم أعضاءه بعدم الترشح،‮ ‬وقرر أن ينأي بنفسه عن العملية الانتخابية برمتها‮.‬
ولعلي أذيع سرا،‮ ‬إذا قلت أن اللواء عبدالفتاح السيسي،‮ ‬كان يود كمواطن،‮ ‬لو اجتمعت القوي السياسية حينئذ علي شخصية مدنية شابة لم تبلغ‮ ‬سن الخمسين،‮ ‬تتمتع بالكفاءة والإخلاص،‮ ‬ودفعت بها إلي الترشح‮.
طموح‬
اللواء السيسي كان منعقدا علي مساره العسكري الطبيعي دون سواه،‮ ‬بعد مشوار مشرف دام‮ ‬35‮ ‬عاما ضابطا،‮ ‬وقائدا،‮ ‬ثم مديرا لأكثر أجهزة القوات المسلحة حساسية‮.‬
وكان اعتزازه‮ -‬ولم يزل‮- ‬بالزي العسكري لا يدانيه شيء،‮ ‬منذ ارتداه لأول مرة وهو في الخامسة عشرة من عمره طالبا بالثانوية الجوية‮.‬
وأذكر في لقاء جمعني باللواء السيسي وقيادة عسكرية كبري قبل أسابيع من انتهاء المرحلة الانتقالية الأولي،‮ ‬وقبيل إجراء الانتخابات الرئاسية أن القائد الكبير وهو برتبة الفريق،‮ ‬سألني‮: ‬ماذا تتوقع للقوات المسلحة بعد انتخاب رئيس الجمهورية‮.‬
‮- ‬قلت‮: ‬لابد أن يتجدد شباب القيادة العامة ولابد أن يتم التجديد بقرار من المشير طنطاوي والمجلس الأعلي،‮ ‬مع تسليم السلطة للرئيس المنتخب؟
‮- ‬سألني القائد الكبير مجددا‮ :‬
وماذا عن قادة الأفرع الرئيسية؟
قلت‮: ‬ينبغي أن يشملهم التجديد‮.‬
قال القائد‮: ‬وكان واحدا من قادة الأفرع‮:‬
‮ ‬هذا رأيي أيضا،‮ ‬وقد أبلغته للمشير طنطاوي‮.‬
‮- ‬ثم سألني‮: ‬بحكم درايتك بالقوات المسلحة،‮ ‬ومعرفتك بقادتها،‮ ‬من تظن أن الاختيار سيقع عليهما لتولي منصبي القائد العام ورئيس الأركان؟
‮- ‬أشرت إلي اللواء السيسي وقلت‮ : ‬سيادة الجنرال هو القائد العام الجديد،‮ ‬أما رئيس الأركان فإما اللواء فلان أو اللواء فلان‮.‬
‮- ‬ضحك القائد الكبير ونظر إلي اللواء السيسي الذي أطرق مبتسما ولم يعلق‮.‬
‮ ‬
‮.. ‬جاء اللواء السيسي وزيرا للدفاع،‮ ‬وجاء رئيس الأركان من بين الأسمين‮.‬
لم أكن من ضاربي الودع حين أجبت علي أسئلة القائد الكبير،‮ ‬إنما كنت أتحدث عما أعرفه من اتجاهات وتفضيلات داخل القوات المسلحة،‮ ‬وما ألمسه من نبض القيادات في صفوفها‮.‬
وبالفعل،‮ ‬كان قرار تعيين الفريق أول السيسي والفريق صدقي صبحي متخذا سلفا داخل القوات المسلحة‮ ‬،‮ ‬وإن صدر ممهورا بتوقيع الرئيس السابق‮.‬
‮ ‬
أرعدت السماء المصرية،‮ ‬وأضاءتها صواعق الثورة الثانية،‮ ‬واستجاب الفريق أول السيسي لإرادة الجماهير مبكرا قبل النزول الكبير بأسبوع،‮ ‬حينما تحدث يوم‮ ‬23‮ ‬يونيو الماضي وأعطي مهلة الأيام السبعة لنظام مرسي وقال‮: «‬أي مروءة نعيش بها كضباط في الجيش،‮ ‬لما نحس أن الشعب خايف ومروع ونقعد ساكتين‮.. ‬إحنا نروح نموت أحسن‮».‬
مع ذلك ظل السيسي يحاول مع مرسي ويبذل قصاري جهده،‮ ‬حتي بعد خروج الجماهير بعشرات الملايين يوم‮ ‬30‮ ‬يونيو تنادي بسقوط حكم المرشد،‮ ‬بل إنه طرح عليه حتي صباح يوم‮ ‬3‮ ‬يوليو،‮ ‬وقبيل انتهاء مهلة الثماني والأربعين ساعة الثانية أن يقبل بإجراء استفتاء علي رئاسته،‮ ‬رغم أن مطالب الجماهير كانت قد تجاوزت مسألة الاستفتاء‮. ‬لكن مرسي وجماعته تملكهم عمي البصر والبصيرة‮.. ‬وحسنا فعلوا‮!‬
‮ ‬
في أكثر من مناسبة،‮ ‬وبأكثر من أسلوب،‮ ‬عبر السيسي عن عدم رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية‮.
وأذكر‬
إنني التقيت الفريق أول السيسي يوم‮ ‬21‮ ‬يوليو الماضي للمرة الأولي بعد ثورة‮ ‬30‮ ‬يونيو،‮ ‬وتحدثت معه مطولا عن رؤيته لأوضاع البلد،‮ ‬وتصوره للمستقبل،‮ ‬وبالطبع عن تفاصيل الأيام الأخيرة لنظام الإخوان‮.‬
ثم سألته قبيل انتهاء اللقاء عن موقفه من الترشح لرئاسة الجمهورية،‮ ‬أو بالأحري كنت أدعوه كالملايين‮ ‬غيري إلي الترشح وعددت له أسبابي،‮ ‬وكلها تتعلق بالمصلحة الوطنية‮.‬
وفوجئت‮ ‬به يغادر الصالون الملحق بمكتبه في مقر وزارة الدفاع،‮ ‬إلي داخل المكتب،‮ ‬ويعود حاملا ورقة زرقاء،‮ ‬ثم ناولها لي مبتسما وهو يقول‮: ‬هذا هو موقفي من الترشح،‮ ‬وأفكر في إذاعته بعد ساعتين من الآن‮.
أمسكت‬
بالورقة،‮ ‬وطالعتها مرة واثنتين،‮ ‬وسلمتها له‮. ‬وأنا أقول‮: »‬مع كامل احترامي‮.. ‬اختلف مع سيادتك في هذا الموقف،‮ ‬وأرجوك ألا تعلنه علي الأقل في هذا التوقيت‮«.‬
فحوي الورقة كان بيانا قصيرا بخط يد الفريق أول السيسي،‮ ‬يعلن فيه موقفه بأنه لا يفكر في مسألة الترشح لانتخابات الرئاسة ويؤكد أن توليه مسئولية قيادة الجيش المصري هو مصدر فخره وقمة أمله وطموحه،‮ ‬ويعبر عن سعادته بخدمة شعب مصر العظيم بكل إخلاص من خلال موقعه كقائد عام للقوات المسلحة،‮ ‬متمنيا أن يقابل الله حاملا كتابه بيمينه‮.‬
ظللت قلقا من صدور بيان يغلق الباب ويجعل من إعادة فتحه عسيرا،‮ ‬أمام رجل يعتبر صدق الكلمة أغلي رصيد في بنكه الشخصي‮. ‬وكنت أري أن المطالبة بترشحه التي تجري باضطراد تحت جسور النيل،‮ ‬سوف تتحول إلي شلال هادر حين نقترب من المصب،‮ ‬وكنت أقدر أن توليه الرئاسة ضرورة لا‮ ‬غني عنها لصون المصلحة العليا للبلاد،‮ ‬وكنت بشكل شخصي،‮ ‬أحسبه رجل الأقدار الذي هيأته لنا ثورتان تضلان الطريق نحو تحقيق أهداف تكاد تضيع وإحياء أحلام توشك أن تخبو وتنطفئ‮.‬
لم يتبدد القلق،‮ ‬إلا بعدما عرفت أن قادة كبار مخلصين،‮ ‬رجوه أن يلغي إذاعة البيان ولو إلي حين‮.‬
‮ ‬
وبرغم الحشود‮ ‬غير المسبوقة التي خرجت بعشرات الملايين يوم‮ ‬26‮ ‬يوليو،‮ ‬تفوضه فيما طلب من جماهير الشعب قبلها بيومين،‮ ‬لم ينظر السيسي الي تلك التلبية الهائلة من جانب جموع خرجت ترفع صوره مع صور الزعيم عبدالناصر،‮ ‬علي أنها تعبير عن رغبة شعبية في خوضه الانتخابات،‮ ‬بقدر ما هي تداع جماهيري من أجل الحفاظ علي الوطن والدولة‮.
لهذا‬
‮.. ‬تحدث السيسي يوم‮ ‬18‮ ‬اغسطس الماضي،‮ ‬مبديا رأيه الخاص،‮ ‬بأن شرف حماية الوطن أغلي عنده من شرف الحكم‮. ‬وكان لتصريحه هذا أثر محبط في نفوس ملايين تتطلع إليه كبطل شعبي،‮ ‬ومنقذ،‮ ‬وزعيم‮.‬
تحت تأثير ضغوط‮ ‬غلابة،‮ ‬مال السيسي إلي عدم إغلاق الباب أمام احتمال ترشحه للرئاسة،‮ ‬وبدا الرجل في‮ ‬غضون الأسابيع الماضية،‮ ‬محاصرا بين نفسه وبين الشعب‮.‬
هو يري أنه لم يقصر في أداء واجبه تجاه وطنه،‮ ‬ولا يريد منصبا قد يقال أنه سعي إليه،‮ ‬ويحسب أنه يستطيع أن يخدم بلاده من موقعه كقائد للجيش‮. ‬هو أيضا يدرك حجم التحديات التي تجابهها البلاد وقدر الآمال التي يعلقها عليه الشعب،‮ ‬ومن حقه أن يحرص علي بقاء صورته ناصعة في أذهان الجماهير،‮ ‬دون أن تخدشها ظنون بوجود عصا سحرية في يده،‮ ‬يزيل بها مشكلات تراكمت عقودا،‮ ‬في اليوم التالي لتوليه السلطة‮.‬
علي الجانب الآخر،‮ ‬هو يلمس رغبة الشعب،‮ ‬ويستشعر نبضه،‮ ‬ويأبي علي نفسه أن يعصي أمرا للجماهير‮.‬
مع مطلع العام الجديد أظن السيسي حسم بينه وبين نفسه قراره‮. ‬وأحسبه اتخذ قرارا نهائيا بخوض الانتخابات الرئاسية بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي مشروع الدستور،‮ ‬والتي فاقت بكثير توقعات من أسرفوا في التفاؤل‮.‬
سوف يعلن السيسي قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة في‮ ‬غضون أيام،‮ ‬من صدور قرار بقانون لرئيس الجمهورية ينص علي إجراء انتخابات الرئاسة قبيل الانتخابات البرلمانية،‮ ‬وربما يسبق الإعلان صدور القرار الجمهوري الخاص بموعد فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية‮.
لا يريد‬
السيسي أن يرهق جماهير الشعب بالنزول للإعراب عن رغبتها في خوضه الانتخابات،‮ ‬ولم يكن السيسي ينتظر قبل حسم قراره،‮ ‬ضوءا أخضر أو إعلان عدم ممانعة يأتيه من الخارج‮.. ‬هذه ليست شخصيته،‮ ‬ولا هذا ما تتحدث به مواقفه أو تاريخه‮.‬
فالرجل الذي يأبي أن يستشير‮ ‬غير المصريين في قرار يتعلق بإرادة شعب ومصير أمة‮ ‬،‮ ‬يأبي علي نفسه أن ينتظر إشارة من أجنبي في قرار يتعلق باختياره الشخصي‮.‬
فاستقلال القرار الوطني،‮ ‬أحد أهم أوراق اعتماد عبدالفتاح السيسي في قلوب المصريين
‮ ‬
لا أعرف بم كان يشعر السيسي وهو يشاهد صور عبدالناصر تملأ شاشة مسرح الجلاء يوم الخميس الماضي في احتفال القوات المسلحة بذكري ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬ولا ما الذي دار في ذهنه وهو يستمع إلي كلمات أغنية‮ »‬عاش الجيل الصاعد‮«: »‬حرمونا سنين وسنين،‮ ‬وافتكروا الناس نايمين،‮ ‬وطلعنا عليهم يوم،‮ ‬خلصنا حقوق ملايين‮«‬،‮ ‬التي كتبها حسين السيد قبل ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير بنصف قرن،‮ ‬وكأنه كان يتنبأ بها‮.‬
لكن أحسبني أعرف شعوره،‮ ‬والقاعة تهتف له‮: »‬تكليف‮.. ‬تكليف‮«‬،‮ ‬والحضور يطالبه بالترشح للانتخابات‮. ‬كانت عيناه تقولان‮: ‬يارب أكون علي قدر الثقة‮.‬
لم يكن السيسي‮ ‬يرتدي نظارته السوداء التي لا يريد منها أن تضفي عليه‮ ‬غموضا لا يحبه ولا يعرفه،‮ ‬وإنما يستعين بها ليداري مشاعر تأثر لا يستطيع إخفاءها أو يحجب بها نظرات عزم وتصميم وإصرار يعتمل في صدره‮.‬
مع تباشير الربيع المقبل،‮ ‬سوف يكون لمصر رئيس جديد منتخب بأغلبية كاسحة،‮ ‬هو‮ - ‬بإذن الله‮ - ‬عبدالفتاح السيسي‮. ‬وأتوقع‮- ‬وعندي أسبابي‮- ‬أنه سيكون القائد الذي تمناه السيسي لمصر منذ‮ ‬20‮ ‬شهرا مضت‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.