قالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية إن ما شهده جنوب السودان من أحداث عنف أقرب إلي الحادث منه إلى المؤامرة. وأضافت المجلة في تقرير على موقعها الإلكتروني أن ظهور رئيس جنوب السودان سالفا كير المفاجئ على شاشات التليفزيون كان مثار قلق في شكله ومضمونه؛ حيث استبدل بذلته السوداء وقبعة رعاة البقر الشهيرة ببزة عسكرية معلنا إحباط محاولة انقلابية تزعمها خصمه السياسي ونائبه المعزول في يوليو الماضي رياك ماشار، ومؤكدا على أن حكومته لا تزال تسيطر على الأوضاع. + واعتبرت المجلة إلقاء الرئيس كير اللوم على خصمه ماشار بمثابة محاولة من جانب الأول لتبرير القمع تجاه أنصار الثاني. وكانت التوترات قد احتدت منذ يوليو الماضي على أثر عزل الرئيس كير للحكومة بأكملها وسط إشتباهات حول تخطيط نائبه للإطاحة به عبر وسائل سياسية. وأشارت المجلة إلى انحدار ماشار من ثاني أكبر جماعة عرقية في البلاد وهي قبيلة "النوير"، بينما ينحدر الرئيس كير من قبيلة "الدينكا" الأكثر تعدادًا، لافتة إلى أن تكوين الجيش يعكس السياسات التقسيمية للدولة الناشئة ذات الثلاث سنوات. ورصدت "الإيكونوميست" ما يواجهه الرئيس كير من اتهامات بالسعي لتوطيد حكم قبيلته وهو ما تستاء منه القبائل الأصغر حجما. ونقلت المجلة عن محلل أمني قريب من الجيش قوله إن تلك الاشتباكات لم تكن محاولة انقلاب حقيقية، إنما نتاج غيره من الأزمات السابقة محض حادث مبني على الشكوك والشائعات. واستبعدت "الإيكونوميست" تحقق المخاوف من انتشار سريع للصراع إلى مناطق أخرى من الدولة المستنزفة المنتجة للنفط، مشيرة إلى أن ماشار لا يتمتع بقاعدة دعم كافية في صفوف الجيش ولهذا يركن إلى الوسائل السياسية. وقالت المجلة إن المانحين الغربيين والأمم المتحدة لا يزالون قادرين على استخدام نفوذهم المتمثل في مليارات الدولارات في صورة مساعدات لإبرام تسوية بين الجانبين المتصارعين على السلطة. ونوهت المجلة عن تواتر حوادث التمرد والمصالحة في جنوب السودان، مشيرة إلى أن لدى كلا من الرئيس كير وخصمه ماشار تاريخا طويلا من المشاحنات التي تتلوها الصفقات، معتبرة أن مخالفة هذا المنوال من التاريخ في الوقت الراهن إنما يعكس حقيقة أن الرئيس كير بات أكثر تسلحا وطغيانا من ذي قبل.