منذ نعومة أظافري وأنا أعشق الشياطين الحمر.. هذا الفريق الساحر المبدع الذي أدخل السعادة في قلوب المصريين جميعا وعلي مدى سنوات عديدة.. وفي شبابي عرفت في هذا النادي العريق معنى الوطنية المصرية.. لم يكن ذلك مجرد طنطنة بل تاريخ يتحدث عن نفسه.. تاريخ مشرف للقلعة الحمراء.. ولكن يبدو أن قلعتنا الحمراء تعرضت للإختراق من جانب الإخوان الخوارج أعداء الوطن ووصل الأمر إلى ذروته بقيام اللاعب أحمد عبد الظاهر برفع إشارة رابعة في النهائي الإفريقي الأخير في القاهرة فيما اعتبره الشعب إهانة لمصر كلها.. وقد بادر النادي باتخاذ إجراءات عقابية ضد اللاعب في خطوة لاقت ترحيبا شعبيا.. وفي الواقع أنه لم يكن وحده الذي يستحق هذا الحسم في التعامل.. فقد رفض لاعب الفريق محمد أبو تريكة تلقي ميداليته حتى لا يصافح وزير الرياضة طاهر أبو زيد .. في تصرف يفتقد إلى اللياقة والإلتزام ويؤكد أنه يضع الجماعة المنحرفة على رأس أولوياته قبل الوطن والنادي الأهلي.. وبالقطع فان صدور مثل هذه الأفعال من جانب لاعبين ينتمون لقلعة الوطنية أمر يتعارض مع تاريخ النادي ويثير الصدمة والحزن لدى قطاعات كبيرة من أبناء الشعب وعشاق الفانلة الحمراء.. وفي كتابه "الأهلي 1907_1997" ..يحدثنا الأستاذ حسن المستكاوي عن تاريخ نادٍ مصري وطني حتى النخاع.. فقد تأسس النادي الأهلي في أبريل 1907 وكانت مصر تحت حكم الخديوي عباس حلمي الثاني، و تحت الاحتلال البريطاني أيضاً و هو أمر كان مثيراً للغضب في البلد بأكملها. و في 18 يوليو 1907 تقرر أن يكون سعد زغلول أول رئيس للجمعية العمومية بالنادي، و لن ينسى أحد الموقف الذي اتخذه سعد زغلول في ذلك الوقت باعتباره ناظر المعارف، إذ كان على مختار التتش أن يختار بين شهادة الكفاءة و بين السفر مع فريق الكرة لباريس للمشاركة في الأوليمبيات، و قال سعد زغلول في ذلك الوقت :" » لقد كنت أول رئيس للنادى الأهلى للرياضة البدنية، وأنا أريد لأبنائنا أن يمارسوا الرياضة، فهى غذاء للعقل والجسم والروح، ولهذا فإنى لا أقبل أن يضحى التلميذ بشهادته، ولا أقبل أن يحرم من رياضته، ولهذا، فإنى أوافق على سفر محمود مختار مع فريقه إلى باريس، وأن ترسل أوراق امتحانه إلى المفوضية المصرية لكى يمتحن هناك «. واستمد الأهلى لون فانلاته الحمراء من لون علم مصر ، وقد كان هو العلم العثمانى فى فترة حكم الخديوى عباس حلمى الثانى . ولأن النادى نشأ مصريا وطنيا ، وقع اختيار المؤسسين على اسم الأهلى ، وهو اسم فيه صبغة أسرية واجتماعية ، وصبغة وطنية ، وكان ذلك مقصودًا ، وتراه فى ترجمة المؤسسين لاسم النادى بالإنجليزية ، حيث جعلوه « ناشيونال » " National " أى الوطنى . فلم يحمل« الاسم المترجم » ،نفس الاسم العربى مثل الأندية التى كانت موجودة قبل الأهلى أو التى أتت بعد الأهلى . وللنادى الأهلى أيضًا نشيد ألفه فكرى أباظة ولحنه محمود الشريف .. والنشيد يقول:قوم يا أهلى شوف ولادك والبنود شوف كتايبك ، شوف جنودك ، والحشود شوف آيات النصر فى كل الجهود شوف وسجل بين أمجاد الخلودأنت دايما ، أنت دايما ، أنت دايمافى الأمام كل نعمة فى رحابك عندنادى مشيئة وإرادة ربنامن شيوخك اكتسبنا مجدناوبشبابك احتفظنا باسمناأنت دايما ، أنت دايما ، أنت دايمافى الأمامالرياضة دى غريزة فى طبعنامن زمان جرتها جرى فى دمناوالبطولة منبتها فى أرضناأهديناها للجميع من عندناأنت دايما ، أنت دايما ، أنت دايمافى الأمام.. على مدى تاريخه الطويل استقرت مقولة أن الأهلى قلعة للوطنية فى أذهان الناس وجماهيره وأجياله . وقد ربط الجميع بين كون أن النادى تأسس للمصريين عام 1907 وبين وطنيته ، وبين رئاسة سعد زغلول للجمعية العمومية وبين الوطنية. ويوم 17 يناير 1956 أعلن الرئيس جمال عبد الناصر قبوله رئاسة شرف النادى الأهلى تقديرًا للدور الوطنى الذى لعبه فى مساندة الثورة وتدريب الفدائيين . وكان مجلس الإدارة برئاسة أحمد عبود باشا قد وافق على منح الرئاسة الشرفية للبكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر رئيس مجلس الوزراء ، وذلك فى جلسة 4 نوفمبر 1955. وأيام حرب النكسة في يونيو 1967 توقف النشاط الرياضى فى كل الأندية المصرية ، وكانت مرارة الهزيمة ووقعها شديدين على شعب مصر ، الذى لم يعرف طعم اليأس ، وخاصة بعد معركة رأس العش التى كانت إعلانا من جنود مصر البواسل أن الحرب مستمرة ، وبدأ النادى يوم 5 أغسطس 1967 تدريب أعضائه عسكريًا. وفى يوم 11 أكتوبر عام 1967 اتخذ مجلس إدارة الأهلى القرارات الآتية: « فرض التدريب العسكرى على جميع الأعضاء الرياضيين بالنادى وضرورة تطوعهم فى أعمال المقاومة الشعبية التى تتولاها الجهات المسئولة فى البلاد ، وإن كل عضو رياضى يتخلف عن هذا الواجب الوطنى يشطب اسمه من عضوية النادى . وكذلك الا^نسات من حيث ضرورة تطوعهن فى أعمال التمريض وغيرها من الأعمال التى يمكن أن يقمن بها فى هذه المناسبة الوطنية وذلك بالنسبة للعضوات الرياضيات من سن 20 سنة إلى 40 سنة . جمع تبرعات باسم النادى من أعضاء النادى وجمهور المشجعين لصالح المجهود الحربى ، والاتصال بالجهات المسئولة لتنظيم هذه العملية » ومارس الأهلى دوره الوطنى ، خلال حرب أكتوبر المجيدة ، بما يمكن أن يقدمه ، وعندما طلب من أعضاء النادى التبرع بالدم فى بداية المعركة ، تقدم ثمانية ا^لاف عضو فى 24 ساعة . التاريخ الحقيقى لكرة القدم فى مصر بدأ حين دخلت اللعبة الأهلى عام 1909 ، ثم حين تأسس الزمالك بعد ذلك بعامين . وكان طلبة المدارس العليا والابتدائية يمارسون الكرة فى الحوش الترابى بالأهلى ، وكانت تنظم به مباريات ودية داخلية بين الطلبة والأعضاء وبين منتخبى القاهرة والجيزة . وفى سنة 1911 كون النادى أول فريق كرة قدم فى تاريخه من طلبة المدارس والتى كانت عامرة بالمواهب فى ذلك الوقت ، وتكون هذا الفريق من : حسين فوزى ، إبراهيم عثمان ، محمد بكرى، سليمان فائق ، حسن محمد ، حسين حجازى ، أحمد فؤاد ، حسين منصور ، إبراهيم فهمى ، فؤاد درويش ، عبد الفتاح طاهر . وقد كان صالح سليم « المايسترو » أشهر لاعبى جيله ، وفى وقت من الأوقات وصل الأمر إلى ترديد المصريين لمقولة طريفة ، وهى أن مصر يحكمها ثلاثة ، جمال عبد الناصر . وأم كلثوم ، وصالح سليم . الذى كان أول لاعب مصرى فى العصر الحديث للكرة المصرية يلعب فى أوروبا كمحترف ، وذلك عندما استعان به مدربه وصديقه فريتز للأخذ بيد نادى « جراتز » فى النمسا ، وقد أصبح حديث الصحف الرياضية النمسوية. و يعد أشهر لاعبي الكرة بالنادي الأهلي في التاريخ هو محمود الخطيب ، وألقابه كانت عديدة ، منها الخطير ، والكوبرا ، وبيبو ، وقد التحق بالفريق الأول عام 1971 ، واستمر فى الملاعب حتى اعتزل عام 1987 وأمتع جماهير الأهلى والكرة المصرية بموهبته الفذة ، فكان فى أدائه جمال وفن رفيع ، وأهدافه كانت تطرب المدرجات ، وهو أحد خمسة لاعبين فقط فى تاريخ الكرة المصرية تجاوزوا حاجز المائة هدف ، وهم بالترتيب : حسن الشاذلى لاعب الترسانة ، وزميله مصطفى رياض ، ثم الخطيب ، والضظوى و حسام حسن، و قد سجل الخطيب 106 هدفاً في مشواره. وقد ظل الخطيب هدافا للأهلى ولمنتخب مصر لسنوات ، وحصل على ألقاب أحسن لاعب وأحسن هداف وأحسن أخلاق عدة مرات ، بجانب أنه اللاعب المصرى الوحيد الذى فاز بجائزة الكرة الذهبية عام 1983 ، والتى تمنحها مجلة فرانس فوتبول الفرنسية سنويا لأحسن لاعب فى أفريقيا . وقد كتبت عن الخطيب مقالات وموضوعات لا تعد ولا تحصى ، ووصفته مجلة « الصقر القطرية » ، بأنه مثل « أبو الهول » فى الكرة المصرية، وفرعون من فراعنة اللعبة، وقالت:«إن خوفو يفخر بلاعب مثل الخطيب!». وعندما اعتزل هذا النجم بكى جمهوره ، فقد كان اعتزاله ، يعنى غياب الفن النبيل من ملاعب الكرة المصرية . وكانت سنوات الثمانينات هى حقبة الأهلى الأفريقى ، حيث فاز الفريق ببطولة القارة للأندية أبطال الدورى فى عامى 1982 ، 1987 ، وببطولة القارة للأندية حاملة الكوؤس فى أعوام 1985 ، 1986 ، 1987 ، و 1993 ، وقد احتفظ بهذه الكأس مدى الحياة ، كما فاز بالبطولة الأفروأسيوية عام 1989 . و تاريخ الأهلي بشكل عام لا يمكن مقارنته بأي تاريخ لأي نادي داخل القارة الأفريقية، إذ حصل الأهلي على 32 لقب دوري عام، و 35 لقب كأس مصر، و خمس ألقاب لكأس الأندية الأفريقية أبطال الدوري، و هم أرقام قياسية في تلك البطولات الثلاث. بخلاف ذلك فقد حصل الأهلي أيضاً على 4 بطولات أفريقية للأندية أبطال الكئوس، كأس السوبر الأفريقي ثلاث مرات، كأس السوبر المصري 4 مرات، و لقب البطولة العربية للأندية أبطال الدوري مرة واحدة، و بالبطولة العربية للأندية أبطال الكئوس مرة واحدة، بطولة النخبة العربية مرتين، كأس الأفروآسيوية مرة واحدة ، كأس الاتحاد التنشيطية مرة واحدة، كأس الجمهورية العربية المتحدة مرة واحدة، دوري منطقة القاهرة خمس مرات، سبع بطولات كأس السلطان ليصبح إجمالي عدد البطولات 102 بطولة. و قد حقق الأهلي بطولته رقم مئة في عام مئويته و هو 1907، و كانت تلك البطولة هي بطولة الدوري العام، أتبعها بكأس مصر بعد الفوز على الزمالك في مباراة نهائية تاريخية 4-3 في الوقت الإضافي، ثم كأس السوبر بفوز على الإسماعيلي. هكذا حدثنا الأستاذ حسن المستكاوي عن الأهلي الذي لن يسمح أبدا لذوات الأربع بتدمير تاريخه وأمجاده..