"محمد محمود" لنا.. والناس التانيين دول مش مننا.. تذهلني دعوة الإخوان للتظاهر في 19 نوفمبر الجاري الذي يوافق الذكري الثانية لاندلاع أحداث شارع محمد محمود.. نعم تذهلني البجاحة والصفاقة.. ألم يكن الإخوان هم الذين قالوا في ذلك الوقت إن القوي الثورية تفسد العرس الديموقراطي.. والشرعية للبرلمان وليست للميدان..؟ .. وإذا كانت بجاحة الإخوان تذهلني فان فجور نشطاء السبوبة والطابور الخامس لم يعد يصدمني فهؤلاء لا تهمهم مصر من قريب أو بعيد.. وما يهمهم فقط هو رصيدهم بالحساب الدولاري.. لذلك لا أستغرب مساندتهم للإخوان في الدعوة لإثارة الاضطرابات والقلاقل في ذكري محمد محمود.. تعود بي الذاكرة إلي تلك الفترة من تاريخ الوطن عندما وقعت مناوشات بين المعتصمين في الميدان وقوات الأمن تطورت إلى اشتباكات شرسة سقط فيها العديد من الشهداء.. في ذلك الوقت كنت متأثرا بالخدعة الكبرى والمؤامرة التي حيكت بحنكة بهدف الوقيعة بين الشعب من جانب والجيش والشرطة من جانب آخر.. والتي خلفت جرحا لم يندمل إلا باندلاع ثورة 30 يونيو المجيدة التي أعادت الجيش والشرطة إلى قلوب أبناء الشعب المصري.. ولكن انكشفت المؤامرة لذلك يختلف 19 نوفمبر 2011 تماماً عن 19 نوفمبر 2013.. ولاشك أن المصريين المحبين لبلادهم والذين نزلوا بنوايا صافية منذ عامين قد فطنوا للخدعة التي تورط فيها الاخوان ونشطاء السبوبة مع أمريكا وإسرائيل وتركيا وقطر والجزيرة والقرضاوي.. بهدف تدمير مصر.. لقد سقط شهداء وعرضنا أنفسنا للموت..و رددنا للأسف الهتاف الاخواني البغيض " يسقط يسقط حكم العسكر"..وكان المستفيد هم الإخوان ونشطاء السبوبة ومن يقف وراءهم.. ولم ينقذنا سوى انحياز الجيش لشعبه " فتسلم الأيادي".. أطالع مذكراتي عن تلك الفترة والتي سطرتها تحت عنوان " الحب والموت.. في محمد محمود".. وفيها أقول عن هذا اليوم: من هوة سحيقة كنت أعود.. أو كمن يتسلق جبلا شاهقا لا نهاية له .. تتسارع أنفاسي.. وتقاتل رئتي باستماتة من أجل نسمة هواء.. ووسط هذا الصراع في خضم الموت لمحت عينين ملهوفتين رائعتين.. كانتا قشة النجاة فتعلقت بهما منذ تلك اللحظة وحتى الآن.. قبلها بدقائق كنت اهتف في شارع محمد محمود " يسقط يسقط حكم العسكر" ..طلقات الرصاص الحي تدوي عاليا .. والقنابل المسيلة للدموع تستهدف المتظاهرين.. لم أعد أرى .. أشعر باختناق.. وتغيب الدنيا.. في صباح ذلك اليوم ذهبت معها إلى محمد محمود .. مجرد صديقة وسط بحر من الصديقات اللائي أكن لهن كل احترام وتقدير .. ولكن أعجبني فيها على نحو خاص شجاعة وشهامة وكرم.. انها مخلوق من المادة الخام للانسانية.. بين أحضان الموت ينكشف المستور وتتضح الحقائق.. بين أحضان الموت رأيت في عينيها حبا ولهفة .. بين أحضان الموت شعرت بنبضة غريبة لم أعهدها من قبل رغم أنني ظننت وقوعي في الحب مرات عديدة .. كلا لم ينبض قلبي بهذا اللحن من قبل.. احساس غريب بالرضا لوجودها الى جانبي بل لقد شعرت بالسعادة لانني لو مت فستكون عيناها آخر ما تزودت به من هذا العالم و السفينة التي تقلني في رحلتي الاخيرة.. سافرت الدنيا شرقا وغربا.. وقلبي كان عابرا للقارات عرف موانئ عديدة في مختلف أنحاء العالم.. وأخيرا استقر في ميناء عينيها.. تلك المصرية الحسناء.. خفيفة الدم.. حلوة المعشر .. الذكية اللطيفة .. المعطاءة الحنون.. الحب الحقيقي والوحيد في حياتي والذي ولد من رحم الموت في محمد محمود.. انتهت كلماتي التي سطرتها في ذلك اليوم التاريخي.. والذي تكشفت فيه أمور كثيرة فأصبح محمد محمود بالنسبة لي هو ذكرى الحقيقة.. ذكرى الحب .. وذكرى سقوط القناع عن خيانة الإخوان للثورة والثوار من أجل السلطة.. فلا يجب أن نلدغ من الإخوان ثانية.. دعونا نلزم بيوتنا وأعمالنا وندعم شرطتنا وجيشنا في التصدي لخوارج العصر " الإخوان" الذين لا يريدون خيرا لهذا الوطن..