لقد سطر التاريخ أن للفروسية رجالاً وخصالاً، يرتبط كل منهما بالآخر ارتباطاً وثيقاً، فإذا تخلي أحدهما عن الآخر سقطت الصفة عن الموصوف. فالفروسية لا تقتصر على مهارة الفارس في ثباته على ظهر الحصان، بل تشمل جانباً آخر معنويا يتمثل في روح الفروسية بكل ما يحمله هذا المفهوم من قيم وأخلاق، وقد ارتبطت الفروسية بالحرب منذ أن وعى الإنسان دور الخيل فيها. وكان الفارس مكرمة من مكارم قومه ومفخرة لهم يعتزون به ويشيدون ببطولته. والفارس الكامل هو من يحمي الضعيف من القوي، وينتصر للمظلوم من الظالم، ولا يحجم عن إزالة المظالم أياً كان مرتكبها، وهو من يفتح صدره للبائسين، ويمد ذراعيه لخدمة الضعيف، ويتطوع لمحاربة الشر. ومن تقاليد الفروسية: عدم محاربة الشيخ العجوز ولا المرأة أو الطفل أو الأعزل، ومعاملة الأسير بالحسنى.. وهذا يصور مدى الشهامة والسمو الإنساني. أما ما نشاهده الآن من تجرد وتخلٍّ عن أدنى صفات الفروسية، فلا تصنيف له. كأن يظهر أحد قادة القوات العسكرية شاهراً سلاحه الميري في وجه طالب أعزل كل سلاحه هو كاميرا هاتفه، وأين...؟ أمام النصب التذكاري لرمز الفروسية والجندية فتلك جريمة شروع في القتل وتحريض لمرؤوسيه وعدم ضبط النفس أمام أعزل يعبر عن رأيه، فإن لم يعاقبه القانون عليها فالأولى أن يعزل ويجرد من رتبته وقيادته و.. وهذا مجرد مثل لما ظهر على السطح في الفترة الماضية من تجرد وتخلٍّ عن مبادئ الفروسية وخصائصها، كاقتحام المساجد ودور العبادة وضرب العزل من شبان وشابات وأطفال وشيوخ.. لذا يجب أن يعاد تأهيل القادة الفرسان والنظر في تلك المادة التي تدرس نظرياً دون أدنى مراعاة لتطبيقها، كما أن تأهيلهم النفسي في حاجة إلى إعادة نظر، حتى يكونوا قدوة صالحين للجنود المغلوب على أمرهم بعد أن أصبحوا آلة لتنفيذ الأوامر فقط كضغطة زر سلاح أو آلة حربية. عمر آدم [email protected] !