لم يحدث في تاريخنا المعاصر ظهور مؤثر، نقي، بعيد عن كل شائبة، مثل حركة تمرد، إنها البذرة المصرية التي حوت كل خصائص هذا الشعب النبيل، أدت إلي ما أدت إليه في الثلاثين من يونيو، تولد عن تمرد طاقة هائلة تجاوزت كل مثالب الخامس والعشرين من يناير وما نتج عنها من هدم للدولة وليس النظام، وظهور شخصيات مريبة بارتباطاتها، لم يتبق منها إلا ملامح شهداء أبرار، وذكريات نقية لمن خاضوا أحداثها ببراءة، ونبل، غير أن الطاقة الهائلة بدأت تتبخر وتتعثر وتؤدي إلي عكس ما استهدفته الثورة وهذا ما جري عندما استولت التيارات التي تعمل باسم الدين علي الدولة، إلي أن جرت معجزة الثلاثين من يونيو. أخشي الآن ما يجري لتمرد والحركات الشبابية النقية، أزعجني مشهد ميدان التحرير صباح عيد الفطر، كان خاوياً، لم يلب الشعب دعوة تمرد، في الوقت الذي تتسع فيه رقعة الاعتصام في رابعة والنهضة، وتتدفق المؤن والأموال والسلاح بينما أثمر جهد محمد البرادعي عن تدويل القضية مما أدي إلي خلق وضع صعب للدولة المصرية ولثورة الثلاثين من يونيو التي لا يؤمن بها سيادته مما أدي إلي تسليم كل الأوراق إلي القوي المتخلفة في الغرب، وهكذا لم يجد ماكين إلا السيد النائب شخصياً يمكن التعامل معه، ماكين / البرادعي، هذا ما وقعت بينهما مصر بينما التمدد الإخواني يتزايد، والطاقة التي تولدت عن تمرد تتبخر. المطلوب الآن تحويل حركة تمرد إلي تنظيم. يعلمنا درس التاريخ أن أنبل الأفكار يمكن أن تذوي إذا لم تتجسد في حركة منظمة، ومن خلال تجربتي الشخصية تعلمت ذلك، في مستهل حياتي انضممت إلي تنظيم ماركسي كان يقف علي يسار التنظيمات الكبري، ورغم قلة عدده إلا أن تأثيره كان قوياً، لأنه كان تنظيمياً أشد وأدق مع صحة الرؤية السياسية، بل إن أحد أسباب قوة الإخوان رغم تخلفهم هو قوة تنظيمهم وإن كانت الأسباب التي تقف وراءه متعددة، من مصادر تمويل، وأبعاد دولية تمتد إلي الانجليز الذي كانوا وراء تأسيس حركة الإخوان عام 8291، وصولاً إلي نجاح جهود السيد النائب التي أدت إلي تدويل اعتصام الأخوة والذي كان في حجم مشاجرة عادية في مدينة مثل القاهرة، الآن يقع في اهتمامات القوي العظمي وربما تؤدي أحداثه إلي تطوير التدخل من حظر طيران ونزول قوات وتدمير ما تبقي من الدولة المصرية، بينما مطالب المصالحة تطرح عند أقدامهم في رابعة وهم يرفضون، الأمل في الشعب المصري وفي شبابه المتمثل في تمرد تحديداً وفي الجيش، مطلوب ظهور تنظيم شبابي من خلال تمرد، ولجان شعبية تحول الشعب إلي تنظيم في إطار الدولة، إن خلو التحرير صباح العيد نذير، بينما أجراس الخطر تدق.