انتفضت الأم على صوت الهاتف المحمول وبأيد مرتعشة ونظرات زائغة لتجد ابنها يخبرها بإصابته في رقبته بجرح قطعي كاد أن يودي بحياته لولا أن تدخلت العناية الإلهية. وقبل أن يكمل مكالمته انهارت الأم وأطلقت صرخة مدوية ترج أرجاء المنزل طالبة الاستغاثة والذهاب إلى المستشفي للاطمئنان على ابنها الوحيد والذي يعمل مهندسًا. توجهت على الفور إلى المستشفى وما أن شاهدته غمرت الدموع عينيها مرددة كلمات الدعاء والشكر لله وتتحسس جسده بلهفة وخوف ورعب. بينما وقفت الشقيقة الصغرى ترقب الموقف عن كثب وبدموع أيضا تحتضن شقيقها. البداية عندما توجه المهندس إلى إحدى شركات البترول الشهيرة بطريق "القطامية" وأثناء سيره بسيارته فوجئ بثلاثة أشخاص يستقلون سيارة "جيب" تعترض طريقه وترجل أحدهم حاملًا سكينًا كاد ضوء نصله أن يصيبه بالعمى المؤقت ويضعه فوق رقبته طالبًا منه النزول وعدم الحركة مما بث الرعب في قلبه وما أن نزل من السيارة ارتعدت أطرافه وتملكت القشعريرة من جسده ، ليشاهده أحد سائقي سيارات النصف النقل على الجانب الآخر ليقوم بإطلاق آلة التنبيه عدة مرات في محاولة لإنقاذه أو أن يتدخل أي من قائدي السيارات على الطريق لكن دون جدوى. وبحركة لا إرادية دفع المهندس السكين من فوق رقبته وهرول مسرعا وعلى بعد خطوات يقع في بركة من الدماء بعد أن انفجرت الدماء من رقبته وفقدانه لأصبعه السبابة، لم يرحمه البلطجي وأخذ في وخزه بالسكين في أماكن متفرقة من جسده وتوجه إلى السيارة التي كانت بانتظاره تاركًا المهندس الشاب لمصيره المجهول، تحامل المهندس على نفسه رغم النزيف الحاد الذي أصابه والدماء التي تتدفق من أجزاء مختلفة من جسده إلا أن حزنه وألأمه التي شعر بها ليس من السكين وإنما من اللامبالاة حيث لم يتقدم أحد لمساعدته رغم مشاهدتهم الواقعة من بدايتها ، تحامل علي نفسه واستقل سيارته متوجها إلي المستشفي في محاولة لإنقاذه. رفض المهندس تحرير محضر بالواقعة لاقتناعه بأنه سيقيد ضد مجهول، وخرج مع شقيقته ووالدته وبلسان حال يقول " الحمد لله".