دافع الشاعر المصري الكبير فاروق شوشة، أمين عام مجمع اللغة العربية في القاهرة عن الإعلام ونأى به عن الاتهام بكونه شريك فيما تتعرض له اللغة العربية من تحديات تعاظمت في رأي البعض إلى حد وصفها ب "مذبحة لغة الضاد". وقال إنه على العكس فإن الإعلام العربي المعاصر يقدم لنا "ثروة لغوية" عصرية قد ربما تحتاج أحيانا إلى تصويب في بعض جوانبها، مدافعًا عن الإعلاميين العرب، وقال إنهم وحدهم دون غيرهم يحاسبون على ما يقترفون من أخطاء لغوية، بينما يخطيء الجميع في قواعد اللغة ومفرداتها بما في ذلك المسؤولون العرب أنفسهم، وقال حتي أساتذة النحو في الجامعة يدروسنه بالعامية، مؤكدا أن الإعلامي هو عنصر من عناصر إنقاذ اللغة وليس شريك في "المذبحة". وأوضح إن اللغة العربية العصرية، هي اللغة التي واكبت حياتنا في كل مجال في السياسة، والأدب والثقافة العلمية حيث قدم لنا الإعلاميون العرب معجما جديدا للغة العربية يمتلئ بعشرات الألوف من الألفاظ والمصطلحات والتراكيب والتعابير، مثل "العولمة"، و"المائدة المستديرة"، و"دموع التماسيح" هي لغة إعلامية صنعها إعلاميون الذين يتلقون الخبر والحدث والموضوع بلغات أجنبية يكون عليهم وهم في صالة التحرير أن يحولوا هذا الأجنبي لغة إلي لغة عربية مقروءة ومفهومة في دقائق قليلة لا ينتظرون رأيا لمجمع يصدر بعد عام أو دارسين لغويين يشتقون مفردة بعد سنوات، هذا الإعلام هو صانع القاطرة التي تجر المجامع اللغوية العربية وراءها والتي تقدم للقارئ والمشاهد والمستخدم العربي للغة جديدا في كل يوم غير موجود في معاجم اللغة العربية وينحتون ويشتقون ويبتكرون ويعربون ويترجمون لأن هذه هي مهمتهم الأساسية. جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية الصباحية الأولي لليوم الثاني من أيام منتدى الإعلام العربي في دبي والتي حملت عنوان: "مذبحة الضاد .. الإعلام شريكاً!". وشارك فيها كل من الكاتب الصحافي المعروف سمير عطاالله، الكاتب في صحيفة الشرق الأوسط، والأستاذ زياد الدريس، الكاتب في صحيفة الحياة، نائب رئيس المجلس التنفيذي في منظمة اليونسكو، والدكتورة فاطمة البريكي، رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الإمارات، والأستاذ ياسر سليمان، أستاذ كرسي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد للغة العربية المعاصرة بجامعة كامبردج، وأدارتها بروين حبيب، الإعلامية في مؤسسة دبي للإعلام. وطالب فاروق شوشة بالاهتمام بالنظام التعليمي كأول خطوة في التصدي للتحديات التي تواجهها اللغة العربية، مؤكدا لولا هذا الإعلام لكنا حتى اليوم نكتب بلغة الجاحظ والفراهيدي وابن المقفع وابن العميد والقاضي الفاضل وغيرهم. الصحافة العربية بدأت منذ قرنين عصرا لغوياً جديدا عندما نقلت مستوى الكتابة العربية التي كانت قائمة على الاسترسال والانشاء، لغة المنفلوطي وجيله إلى لغة الخبر والتعليق والرأي والحوار والسؤال والاثارة والاعتراض جعلت هناك مستوى لغويا ليس منفصلا عن اللغة التراثية التي اعتدناها منذ ألف و600 عام. وأكد أمين عام مجمع اللغة العربية في القاهرة أو اللغة هي في واقع الأمر وسيلة وغاية في آن، وهي وبكافة صورها المنطوقة والمقروءة وعبر مختلف القنوات تعتبر وسيلة الاتصال الأولى في المجتمع، وقال لا نريد أن نضع سقفا للغة العربية أو نربطها بإطار زمني أو مكاني، في حين تتحول اللغة إلى غاية عندما تتحول إلى أيقونة جمالية في صورة رواية أو قصيدة أو مسرحية أو حتى "تغريدة" عبر "التويتر". وعن وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي الجديد، قال فاروق شوشة إن التعليم أمامه فرصة رائعة للاستفادة من تلك المستجدات وربما أهمها "التويتر" كعنصر مساعد في حفز الإبداع اللغوي، حيث أن التغريدات ما هي إلا تعبير عن فكر في كلمات مقتضبة، معتبرا التويتر بيئة مواتية للتدريب على الكتابة وبصفة يومية، في حين تكون التغريدات أيضا وسيلة للبوح عن مكنونات الصدور والعقول. وتناولت الجلسة دور الإعلام في النهوض باللغة، والطرق التي استطاع بها غيرنا النهوض بلغات كادت تندثر، لتصبح لغات علوم وبحوث، ودور الإعلام في تعزيز الوعي بأهميتها، خاصة وأنها باتت تحتل المرتبة السابعة في ترتيب اللغات في بيئة الانترنت، لكنه حضور في غالبيته باللهجات المحلية.