ترددت كثيرا قبل تناول هذا الملف الشائك..إنه جرح أتمني أن يندمل.. وأعني تحديدا التعصب الكروي أو جنون كرة القدم الذي نزفنا بسببه الكثير من الدماء الغالية بعد مذبحة بورسعيد في أوائل العام الماضي.. فما هي حكاية التعصب الكروي الأعمى؟.. في عام 1971 اندلعت حرب بين هندوراس والسلفادور بسبب مباراة كرة قدم فأصيب العالم كله بالذهول! وعندما أعلن الإرجنتينيون في مونديال عام 1986 ان مباراتهم ضد الانجليز امتداد لحرب فوكلند اندهش الناس من ذلك! وخلال الحرب الأثيوبية الاريترية في التسعينيات أعلنت اريتريا أن مباراة فريقها في تصفيات كأس العالم ضد أثيوبيا امتداد للحرب بين البلدين! ولقد أثبتت الساحرة المستديرة انها الحب الأول في العالم كله على اختلاف القوميات والأعراق والأديان.. أتذكر خلال وجودي في العراق وكان الوضع مشتعلا أن مباريات فريق برشلونة تعيد الهدوء إلى البلاد حيث تمتلئ المقاهي عن آخرها بالمشاهدين من كل الطوائف والذين يجمعون على حب البارسا.. وهكذا انتشر جنون كرة القدم في كل مكان على كوكب الأرض باستثناء دولة واحدة في افريقيا لم تبد اهتماما بمونديال أقيم في أواخر التسعينيات فاعتقد الناس انه مازال بها بقية من عقل ليتضح فيما بعد أن التليفزيون لم يكون قد دخل إلى ذلك البلد بعد! ومن كل ذلك يتضح أن الأرض ليست فقط كروية تدور حول نفسها وإنما تحاور وتغزل وتدخل الشبكة أيضا فتخطف الأبصار وتخلع العقول وتذهب بالعقول! إن ما يحدث حولنا يكشف النقاب عن أننا نعيش في " عالم عيال" حبه الأول كرة القدم وكي نفهمه فاننا بحاجة إلى منظرين كرويين لوضع نظرية " التفسير الكروي للتاريخ" بدلا من نظريات ماركس وآدم سميث وفرويد.. ومن المحتمل أن يخرج لنا قريبا من يؤكد أن الانسان أصله كرة ظهرت لها ذراعان وساقان.. وإلى أن يحدث ذلك فانه من المؤكد أن الانسان حيوان كروي! ومن جانبه يقول الاخصائي النفسي الدكتور محمد إسماعيل إن التعصب الرياضي مرض نفسي حقيقي ناتج عن ضعف الوعي والفهم الحقيقي للرياضة والمنافسة الشريفة وانها مكسب وخسارة.. ويضيف ان المنافسة تتحول لدى البعض إلى حرب حقيقية ويصبح فيها المنافس عدوا يسعى المتعصب إلى تدميره بالعنف.. وتابع قائلا ان الضغط العصبي الذي يتعرض له المتعصب يجعله عرضة لأمراض عضوية مثل الضغط والسكر.. وأشار إلى أن علاج ذلك يكون بالتوعية السليمة وتوضيح الهدف الأساسي للرياضة وتعزيز الروح الرياضية بين الشباب..