تمر علينا الذكرى الثانية والثمانون على ميلاد الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور الذى كان من أهم رواد حركة الشعر الحر العربي ومن رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي ، كما أنه من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة في التأليف المسرحي . ولد صلاح عبد الصبور في 3 مايو عام 1931 بمدينة الزقازيق في محافظة الشرقة في أسرة مصرية تنتمي للطبقة الوسطى و كان كما قال عن نفسه محباً للمدرسة و ما ينهل فيها من علوم و آداب و كان نموذجا للطالب المتفوق الذي لا يكتفي بما يقدم له بين طيات كتب الدراسة فقط ، فكان محباً لمكتبة المدرسة و ضيفا دائماُ على ما فيها من كتب متنوعة . كانت لوالدته السيدة إعتدال عثمان الباجورى أبلغ الأثر في تشكيل شخصية صلاح عبد الصبور المثقفة المحبة للأدب ، حيث كانت من النساء القلائل في مصر وقتها من المتعلمات وكانت تتمتع بحديث عذب وحنان جارف وحب شديد للشعر و الأدب ، وكانت هى النافذة الأولى التى أطل منها صلاح على جنة الشعر . التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية عام1947 وفيها تتلمذ علي يد الشيخ "أمين الخولي" الذي ضمه إلى جماعة " الأمناء" التي كوّنها والتي كان لها تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر. وعلى مقهى الطلبة في الزقازيق تعرف على أصدقاء الشباب مرسى جميل عزيز وعبد الحليم حافظ، حيث طلب منه عبد الحليم حافظ أغنية يتقدم بها للإذاعة فكانت قصيدة " لقاء " التى غناها حليم في بدايته وهى القصيدة التى لحنها له الموسيقار كمال الطويل. وذاعت شهرة صلاح عبد الصبور بعد نشره قصيدته " شنق زهران" وخاصة بعد صدور ديوانه الأول "الناس في بلادي" إذ كرسه هذا بين رواد الشعر الحر ، وسرعان ما وظف صلاح عبد الصبور هذا النمط الشعري الجديد في المسرح فأعاد الروح وبقوة في المسرح الشعري الذي خفت وهجه في العالم العربي منذ وفاة أحمد شوقي عام 1932 . وتميز مشروعه المسرحي بنبرة سياسية ناقدة لكنها لم تسقط في الأنحيازات والأنتماءات الحزبية ، كما كان لعبد الصبور إسهامات في التنظير للشعر خاصة في عمله النثري "حياتي في الشعر" ، وكانت أهم السمات في أثره الأدبي استلهامه للتراث العربي وتأثره البارز بالأدب الإنجليزي. وتنوعت المصادر التي تأثر بها إبداع صلاح عبد الصبور من شعر الصعاليك إلى شعر الحكمة العربي، مروراً بسيَر وأفكار بعض أعلام الصوفيين العرب مثل الحلاج وبشر الحافي، الذين استخدمهما كأقنعة لأفكاره وتصوراته في بعض القصائد والمسرحيات. كما استفاد عبد الصبور من منجزات الشعر الرمزي الفرنسي والألماني "عند بودلير وريلكه" والشعر الفلسفي الإنكليزي عند " جون دون وييتس" "وإليوت " بصفة خاصة . في عام 1957 صدر له ديوان “الناس في بلادي" ، وهو أول مجموعات عبدالصبور الشعرية، كما كان أيضاً أول ديوان للشعر الحديث أو الشعر الحر يهزّ الحياة الأدبية المصرية في ذلك الوقت ، حيث كان ثورة حقيقية و مؤثره على شكل الشعر التقليدي و جعلت من الشعر العربي وسيلة نقل للمشاعر و الأحاسيس و طريقة علاج و نقاش لمشاكل المجتمع بأشكال واقعيه تخاطب الجميع . من أهم مؤلفاته الشعرية أيضاً هى " أقول لكم " " تأملات في زمن الجريح " ، " وأحلام الفارس القديم " ، ومن مؤلفاته المسرحية أيضاً " الأميرة تنتظر " مأساة الحلاج " ، حصل على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الشعرية "مأساة الحلاج" عام 1966 ، وحصل بعد وفاته على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1982 ، والدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة المنيا في نفس العام.