تراجعت الرومانسية بنسبة كبيرة في العشر أعوام الأخيرة بشكل يؤثر علي نفسية النساء ، مما يثير الدهشة لماذا قل تعبير الرجل عن حبه ورومانسيته؟ وأصبح المسلسل التركي هو بطل الحياة المصرية في حين اختفى إظهار الرجل مشاعره ، كما تهربت بعض النساء من الرومانسية متقمصة دور البرود وكأن لا شيئاً يعنيها. وأوضح بعض الرجال أن الظروف الاقتصادية التي يمر بها الرجال هي ما تؤثر كثيراً ، وتجعل الرومانسية ليست بالسهولة التي كانت عليه في الأعوام السابقة ، فالمرتب بالكاد يكفي لإكمال الشهر ، وليس من الطبيعي اقتناء هدايا أو التنزه أو غير ذلك من الأمور التي تحبها النساء. و عارضت الفتيات والنساء هذه الآراء تماماً مؤكدين أن الرومانسية لا تحتاج إلى الكثير من المال ، وربما لمسات بسيطة يقوم بها الرجل قد تغير حياة المرأة بأكملها. وبجولة بوابة أخبار اليوم بين آراء فئات مختلفة من الفتيات والنساء كان الآتي : قالت " أ.س" 22 عاماً ، موظفة ، الحب والرومانسية لا يحتاجان إلى المال للتعبير عنهما ، وهما متلازمان ، والرومانسية بسيطة جداً ، يمكن أن تتلخص في أن الكلمة الطيبة صدقة ، إذا أراد أن يعبر ليس هناك أسهل من الكلمة الحلوة على مسامع المرأة ، و أيضاً الاهتمام وتواجده إلى جانبي واحتواءه ، و الاهتمام المقصود هو الذي يتم من داخله وليس بإلحاح مني ، حتى أشعر أنا بقيمته. و أوضحت "م.م" 25 عاماً ، رسامة تشكيلية ، رومانسية الرجل هي أن يفعل كل شيء من أجل أن يكون دائماً إلى جانبي ، ويتعامل معي كأمه وأخته و ابنته إلى جانب كوني حبيبته وعشيقته ، وأن يرى في كل نساء الدنيا ، وهذا هو ما أريد أن أشعر به من الرجل لأشعر برومانسيته. و أيدت هذه الآراء " ك.ك" 33 عاماً ، مدرسة ، المال ليس كل شيء ، والرومانسية هي أمور طبيعية تتواجد لدى الرجل المحب ، ربما إعداد الطعام برفقتها ، أو تقبيل يد أنثاه ، رسالة صغيرة وأفضلها هي ما تكون مكتوبة على ورقة ، أو بعض من كلام الغزل ، فلا توجد أنثى على وجه الأرض لا تذوب من الكلام العذب خصوصاً وإن تفنن الرجل و جعل الكلام الحلو لها وحدها ، نظرة الرجل يمكن أن تكون رومانسية حينما تختلف عن نظرته لباقي النساء ، التدليل أيضاً هو من الأمور الرومانسية التي تعشقها المرأة ، و إلى جانب هذا تحب الأنثى المفاجآت والأمور الجنونية ، و تعشق المرأة الجريء في الحب ومن يمكنه فعل أي أمر رومانسي أمام العالم كله. و علقت "آ.س" 21 عاماً، صحفية، بكل بساطة أصبح رتم الحياة سريعا، بالشكل الذي جعل الرومانسية ليست من الأولويات الأهم في حياتنا، فبعض الأمور مثل العمل، و التعليم، تصدرت قائمة الأولويات بناءا على متطلبات الحياة اليومية، و قامت المسلسلات التركية بإشباع هذه الرغبات، ولكن ذلك بشكل مؤقت، و المال ضروري في الحياة، والشخص المتواجد إن لم يوفر المال فلا داعي للارتباط به من البداية، إذا لم يكن طموحا ولديه قدرة على التطوير. و أبدت رأيها" ر.ش" 26 عاماً، مهندسة ديكور، قائلة إن النسبة الغالبة في الوقت الحالي ربطت بين المشاعر والرومانسية بالكيان المادي، مما أفقدها رونقها، بالرغم من استعدادي لانتظار شخص لا يملك الإمكانيات المادية الهائلة، ويمتلك فقط قوت يومه، بالإضافة إلى الشخصية المتوافقة معي، ولكن شرطي فقط امتلاكه للأسلوب السحري الذي يستطيع أن يأسرني به، ولكن في اعتقادي أن هذا الشخص غير موجود. وتم أخذ العديد من الآراء المتباينة، ولكن أغلب التعليقات كانت رافضة لربط الرومانسية والحب بالماديات، كما تمت العديد من الدراسات بخصوص الحب والرومانسية وكيف يؤثران في الأشخاص ، و من بينها بحث قامت به جامعة " شمال كارولينا" و اكتشف فيه أن تلامس الأيدي والعناق يؤديان إلى إفراز هرمون أوكسيتيكون الذي يخفض ضغط الدم ويحسن المزاج ، كما يزيد القدرة على احتمال الألم ، ولم تتناول أي دراسة أن هناك أي علاقة أو تأثير للمال في الحب. و قال الأخصائي النفسي ومقدم الاستشارات النفسية "خالد خضر"، تأتي في مقدمة الرغبات الزوجية حاجة المرء إلى الشعور بحب الطرف الآخر، فما الفائدة من وجود سيارة، وبيت فخم، أو أي شيء آخر، إذا كانت زوجة أحدنا لا تحبه. وأوضح خضر أن رغبة الزوج في الشعور بحب زوجته تفوق كل الأشياء، وكذلك نفس الأمر بالنسبة للزوجة، ولا يمكن على الإطلاق حل الأمور بالأشياء المادية، أو وضعها كبدائل محل الحب الإنساني والعاطفة. و أشار إلى أن الاهتمام والمشاركة من أهم الأمور التي يجب القيام بها، وأن العزلة من الأمور المدمرة للنفس البشرية، ولذلك يعد التجاهل من الأمور المؤلمة جداً، ونجد استخدام الحبس الانفرادي كأقسى أنواع العقاب، وأن الشعور بالحب يكمن في الاندماج مع الحبيب وليس في البعد عنه، حتى أننا نعبر عن هذا في أمثالنا الشعبية "الجنة من غير ناس، ما تنداس"، فما قيمة الحياة والبيت إذا كان الطرفين يعيشا في عزلة عن بعضهما؟!. وتابع أنه قد استمع إلى مشاكل العديد من الأزواج، منهم من يحاول التخلص من آلامه التي فاقت تحمله، ومنهم من يعاني من سلوكيات شريك حياته السيئة والتي قد تدمر الحياة الزوجية، والبعض الآخر يرى أن الحب انتهى وأن العلاقة ماتت، موضحين أنهم كانوا يشعروا في البداية وأنهم شخص واحد، إلا أنهم اصطدموا بالواقع واختلفت الأمور، فلم نعد نستمتع ببقائنا معاً، ولم يعد أحدنا يهتم بإشباع رغبات الآخر. ويفسر هذا لجوء البعض إلى الدراما التركية، ربما لتعويض الفقد الموجود، أو للهروب من مرارة الواقع، الذي أصبح مادياً جافاً من المشاعر، الأحاسيس، و التعبير عن الحب، نتيجة ضغوط الحياة، ووتيرة الحياة السريعة، وثقافة "التيك واي" التي أصبحت الأساس بدلا من الالتفاف حول مائدة واحدة تضم كلا الطرفين، للتشارك في الضغوط والتنفيس عنها، ورأب الصدع الأسري الموجود داخل الأسرة. و شبه الأخصائي النفسي الحياة بخزان نحتاج إلى ملئه من آن إلى آخر، نطلق عليه خزان الحب، أو الرصيد العاطفي، ينقص ويزيد، وربما يكون جافاً لدى البعض، أو مثقوب، مما يؤدي إلى تسرب الحب منه، رغم ظننا أنه ممتلئ، وهذا بالضبط ما يحدث في حياتنا الواقعية، حيث لا يعبر الزوج عن حبه صراحة لزوجته بالكلام، وعند إخباره بهذا الأمر، يرى أنه يعمل لأنه يحبها، ويضحي بالساعات في العمل من أجل مستقبلهم وأبنائهم، أليس ذلك حب؟!، و ردي عليه : " سيدي العزيز إن ذلك بالفعل حب، ولكن لابد من التعبير بالقول أيضاً، لملئ خزان الحب، وزيادة رصيدك العاطفي لدى الطرف الآخر، وكذلك الزوجة. وقدم " خالد خضر" بعض النصائح لملىء خزان الحب، حتى لا يطغى الجانب المادي على العاطفي، وهي : - الكلمات الرقيقة : إذا أردنا إيصال الحب عن طريق الكلمات، فلابد من استخدام كلمات رقيقة، وهذا يرتبط بالطريقة التي نتحدث بها، فإذا قلت عبارة "أنا احبك" بأسلوب وطريقة رقيقة، تكون تعبيراً حقيقياً عن الحب . - كلمات التشجيع أو كلمات الامتنان للطرف الآخر: لتقدير القيام بالواجبات الزوجية، فكثيراً ما ننسى الشكر للطرف الآخر على القيام بواجباته الزوجية، بحجة أنه لا شكر على واجب، هذا الأمر الذي يفتل معنى التقدير، رغم كون التقدير مفعوله كالسحر في ملئ الخزان العاطفي، فلا شك أن الإحساس بالطرف الآخر وتقديره يحسن العلاقة بين الزوجين. - تغاضى عن بعض الأخطاء: إن الحب لا يقف عند بعض الأخطاء، ولا يحتفظ بالأخطاء السابقة، فليس منا من يخلو من العيوب، وفي الحياة الزوجية والعاطفية لا نفعل الشيء الأفضل دائماً، فكلنا خطاء، فلا تنتظر الكمال، وغض الطرف عن بعض الأخطاء، يزيد من الرصيد العاطفي و عذوبة العلاقة. - الحب يعني الطلب وليس الأمر، فعندما تطلب من الطرف الآخر شيئاً ما، فإنك تؤكد الثقة في قيمته وقدرته، وفي حقيقة الأمر أنت تظهر له أن لديه شيئا، وقدرته على القيام بأمر مهم بالنسبة لك، أما التحدث بصيغة الأمر فانت تظهر للطرف الآخر شخصاً متعسفاً وليس محباً. - حول نصائحك ونقدك إلى اقتراحات، وقل كلمات التشجيع بشكل غير مباشر، بمعنى أن تقول أشياءاً ايجابية بحق الطرف الآخر في غيابه، وبالتالي سيقوم أحد الأشخاص بإخباره، ووجه كلمات التشجيع، الشكر، والثناء لزوجتك أو لزوجك في حضور أشخاص آخرين، فهذا بمثابة تكريم علني يزيد من الحب. - الهدايا المفاجئة لشريك الحياة، لأنها تزيد من الحب، وفي الحقيقة هذه واحدة من أسهل لغات الحب في التعلم، ولا تقتصر على الهدايا المادية فقط، فالهدايا المعنوية أفضل من الهدايا التي يحملها الشخص في يده، فعندما تكون بجانب زوجتك وقت احتياجها إليك، أو حتى في أي وقت دون طلبها، فإن ذلك يعبر لها عن حبك أكثر. و أكد على إيمانه الكامل بهذه النصائح والتي تعالج الفتور العاطفي في علاقات الحب، وطغيان الجانب المادي في العلاقات الزوجية عن الوجدانية.