توجَّه د محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بدعوة صادقة لكلِّ القوى السياسية والشعبية والثورية لسحب أنصارها من الشارع، والتوقف لفترة زمنية محدَّدة عن النزول للشارع. وطالبهم بديع، بالتفرغ لبناء الوطن واستكمال المؤسسات، ولتحقيق التمايز الواضح والصَّريح بين المخلصين من أبناء الوطن من السياسيين الشرفاء، والمخربين والمتاجرين بدماء شبابنا، ولرفع الغطاء السياسي عن هؤلاء المجرمين الذين يتلذَّذون بإراقة الدماء ويُوغِلُون فيه، ولنساعد بذلك الأجهزة الأمنية المعنيَّة في التفريق بين المصلح والمفسد، والثائر والبلطجي، والسياسي والمجرم. وأكد في رسالته الأسبوعية أن ثوراتنا تمر تلك الأيام بتحدِّيات كثيرة لا تخفى على أحد سواء كانت داخلية أو خارجية، والمتربصون بأوطاننا كُثر، ويبذلون جلَّ جهدهم وطاقتهم لإفشال تلك الثورات لأسباب عدة، سواء كانت لإعادة إنتاج النظم السابقة أو للحفاظ على مكتسباتهم التي حقَّقُوها في ظلِّ النظم الفاسدة السابقة أو لكرههم للمشروع الإسلامي في بعض الأقطار، وبذل أقصى طاقتهم لإفشاله بكل الوسائل غير المشروعة . و أضاف أن التحول الأخطر في هذا المشهد هو انتهاج سبل الإفساد المتعمد من بعض القوى المعادية للثورات لكافة مناحي الحياة؛ لتيئيس الشعب من أهداف الثورة، وإمكانية تحقيقها؛ وذلك بإشاعة عدم الاستقرار في كافة الأرجاء لتحقيق مخططاتهم المشبوهة، ومحاولاتهم المستميتة لإعادة إنتاج النظام الفاسد والمستبد. والأدهى في الأمر أن بعض القوى السياسية تُعطي بكل أسف الغطاء السياسي للفساد والإفساد بعدم إدانتها الواضحة له، وبعدم التبرُّؤ منه ومن مقترفيه، بل وفي بعض الأحيان يُبرِّرون لهم ما يفعلون ويختلقون لهم الأعذار. وقال إنه ما علاقة الثورات التي أسقطت أعتي الأنظمة بسلميَّة أذهلت العالم بما يحدث من تدمير لمقدرات الأمم والشعوب، فهل القتل والحرق والتدمير وترويع الآمنين واستخدام المولوتوف والخرطوش والرصاص الحي من الوسائل السِّلْمِية؟! ومن يتحمَّل إثم إراقة الدماء الزَّكيَّة المحرَّمة في كل الأديان والشرائع .. بل ويذهب البعض لأبعد من ذلك بالمتاجرة بتلك الدماء لتحقيق مكاسب خاصة بكل أسف. وأشار إلى أنه نرى كذلك قطع الطرق العامة ووسائل المواصلات ومنع الموظفين من أداء عملهم والمواطنين من قضاء مصالحهم تحت دعاوى متعددة، منها العصيان المدني، فهل العصيان يكون بإكراه المواطنين وإجبارهم على عدم السير في الطرق العامة، والتنقل بوسائل المواصلات، والاعتداء على حرية المواطنين في أداء عملهم وقضاء مصالحهم؟!
وأضاف أن جميع المظاهر السابقة وغيرها مما هو من ذات جنسها هي جرائم مكتملة الأركان، ومن قبيل الإفساد في الأرض الذي يُدمِّر ولا يبني، ويهدم ولا يقيم دعائم حقيقية لتقدم الأمم والشعوب ويظنُّ بعضهم أنهم بذلك يصلحون وينتصرون للحق زورًا وبهتانًا فهل بإشاعة الفوضى واستباحة الدماء والأعراض والترويع وإهدار المليارات تقوم الأمم وتُحْفَظ الحقوق وتُزَيَّن الأعمال؟ بل ويستنكف البعض مجرَّد النصح لعدم السير في طريق الإفساد والتدمير، ويدَّعِي زورًا وبهتانًا أنه يُصْلح ويسعى لمصالح المواطنين ويحرص آخرون على صناعة الأزمات وتصديرها وتوظيفها لخدمة مآربهم، ويشمتون في أي إخفاق يتعرَّض له الوطن؛ معتقدين أن ذلك انتصارًا لهم، غير مدركين أنه إذا خسر الوطن فلا كاسب، وهو ما لن يسمح المخلصون والمحِبُّون لبلادهم بحدوثه. وأكد أن الهدف الأساسي من إشاعة الفوضى والجرائم والأزمات هو تعطيل مسيرة التقدم لبلادنا، لكُرْه بعض القوى للمشروع الإسلامي ومحاولة إعاقته بشتَّى السبل بلا أدنى اعتبار للسِّلْمية والقانون والشرعية والإرادة الشعبية ومصالح الوطن العليا، فيعزُّ على البعض أن تتحقق نهضة الأوطان على يد أنصار المشروع الإسلامي، ويسعون بكل السبل غير المشروعة لتحقيق مآربهم المريضة. واختتم بديع، بأن الحق سينتصر في النهاية بإذن الله عز وجل، فالله هو حامي الثورات وإرادات الشعوب، وكلنا ثقة في نصر الله سبحانه إذا حققنا نصره في ذات نفوسنا وواقع حياتنا وعندما نتوحَّد ونلتفّ حول الشرعية ونُعظِّمها ونُعلي شأن الإرادة الشعبية، ونُنحِّي المصالح الخاصة جانبًا، ونُغلِّب شأن المصالح العليا للأوطان.