22 عاما مضى على رحيل رائد الفن النوبي الفنان أحمد منيب، والذي سجل عبر مشواره الفني أجمل الأغاني وأروع الألحان التي تغني بها العديد من الفنانين ومنعهم. وخلف لنا العديد من الأغاني التي علقت بأذهاننا ومشاعرنا منها بلاد الدهب، وربك هو العالم، ومصرية نوبية، والدنيا برد. ولد أحمد منيب في 4 يناير عام 1926 وقد عاش مخلصاً لذلك الشجن النوبي الصافي، وكان أحمد منيب من أول من عزف على العود في النوبة وقدم مع الشاعر محيى الدين شريف أغاني نوبية تتكون من قالب الأغنية الحديثة مذهب وكوبليهات. كانت عين الشاب أحمد منيب في هذا الوقت تتجه نحو الشمال، بحثا عن توليفة تمزج الموسيقى النوبية التي لا يفهمها أهل الشمال بالموسيقى الشرقية المسيطرة شمالاً. عرفت النوبة "الطنبور"، وهو آلة وترية قديمة ذات جذور فرعونية، أما العود وهو أساس القالب الشرقي، فكان مهمة العازف الشاب الذي ابتدع من خلاله وصلة مزجت الخماسي الإيقاعي الإفريقي بالشرقي الطربي، وكان المفتتح لذلك هو الشجن الذي حوّل الخماسي الراقص في نسخته الإفريقية إلى موسيقى حزينة ذات إيقاعات أقرب إلى روح العديد القديم. وانضم الملحن الشاب لفرقة زكريا الحجاوي حيث استمرت جولته معها عامين جابا فيها كافة أنحاء مصر. وجد منيب في ثورة يوليو اهتمام بتوطين العلاقة مع السودان وجنوب مصر، فأنشأت الإذاعة المصرية إذاعة وادي النيل لربط خطابها الأيديولوجي بامتداد مصر الجنوبي ممثلا في السودان. لكن أحمد منيب وزميله الشاعر وَجَّهَا رسالة شخصية للرئيس جمال عبد الناصر طالبا فيها بالسماح للموسيقى النوبية بمساحة في الإذاعة المصرية كتأكيد على مصرية نوبيته، و استجاب الرئيس لندائهما وجاء برنامج "من وحي الجنوب" ليسمع المصريين اللغة النوبية بلسان عبد الفتاح والي وألحان العازف الشاب أحمد منيب. وهكذا نجح منيب في إنطاق الإذاعة بلغة النوبة كأولى خطوات الانتشار للغة وموسيقى النوبة لكن مع الأسف كان حصار الذوق السمعي عبر غناء الأساطير "لموسيقار محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وبعدهما عبد الحليم حافظ" سببا في تأجيل مشروعه الكبير، الذي ظل حبيس حفلات الأفراح النوبية في القاهرة والإسكندرية. التقى أحمد منيب مع الشاعر عبد الرحيم منصور ذي التجارب الناجحة مع عفاف راضي ابنة السبعينيات المدهشة، ليشتمل اللحن الحزين بالكلمة الثرية المهمومة القادمة من عمق الصعيد المجهول لأهل القاهرة فكان محمد منير عام 1978والموزعان هاني شنودة و يحيي خليل قادة هذه المرحلة هاني شنودة صاحب تجربة غناء فرقة المصريين وثورة آلة الأورج الكهربائي، و يحيي خليل ملك جاز السبعينيات الإيقاعي ذو الثقافة العالمية، لتبدأ مسيرة النجم محمد منير ومن حوله جيل الثمانينيات. و في يوم 27 فبراير عام 1991 توفى أحمد منيب عن عمر يناهز خمسة وستين عاماً بعد رحلة حافلة بالعطاء والتجديد الموسيقى.