الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني "أحمدي نجاد" إلى مصر هي أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني منذ أكثر من ثلاثين عاماً، منذ انقطعت العلاقات المصرية الإيرانية عام 1979 . وانقطعت العلاقات بسبب استقبال الرئيس "السادات" لشاه إيران المخلوع "محمد رضا بهلوي" الذي فرَّ إلى مصر حين أطاحت به الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة "الخمينى"؛ وقد حضر "أحمدي نجاد" إلى القاهرة الأربعاء الماضي 6 فبراير2013 لحضور قمة "المؤتمر الإسلامي"، ولاقت هذه الزيارة اهتماماً إعلاميا دولياً كبيراً لما لها من أبعاد سياسية واستراتيجية تؤثرعلى موازين القوى في الشرق الأوسط وقد تباينت ردود أفعال القوى الإسلامية والسياسية المصرية تجاه هذه الزيارة فمنهم من رفضها رفضاً قاطعاً ومنهم من رحبَّ بها ترحيبا مطلقاً، والواقع أن هذه الزيارة هي مطلوبة في جوانب، وغير مرحب بها في جوانب أخرى. فالتقارب السياسي بين مصر وإيران مطلوب الآن، فهو يبعث برسائل سياسية هامة إلى الدول المعادية لمصر وعلى رأسها إسرائيل، وكذلك الدول الداعمة لعدم الاستقرار في مصر وعلى رأسها الإمارات؛ فإسرائيل ترى في مصر بقيادتها الجديدة ذات التوجه الإسلامي عدواً لدوداً، حيث خرجت هذه القيادة بمصر من تبعية إسرائيل وحليفتها أمريكا، وأصبحت دولة ذات كيان مستقل وتعامل الدول المحيطة بما فيها إسرائيل معاملة الند للند، وهو ما لا يروق لأمريكا، وما لا ترضاه إسرائيل ولا يتلائم مع اغتصابها لدولة فلسطين العربية الإسلامية، وجهودها الحثيثة في نهب المزيد من أراضي الفلسطينيين وبناء المستوطنات عليها لخلق واقع جديد، وكذلك حصارها المضروب على غزة لتضييق الخناق على أهلها، والقضاء على المقاومة هناك، ومعلوم أن إيران هي ألدّ أعداء إسرائيل، وحين تضع مصر يدها في يد إيران، سيمثل ذلك قمة التهديد والزعر لإسرائيل، ويصب في مصلحة مصر ومصلحة القضية الفلسطينية. على جانب آخر هناك مؤشرات قوية بأن "الإمارات" وخاصة إمارة دبي بقيادة رئيس شرطتها "ضاحي خلفان" المتعاون مع الموساد الإسرائيلي، قامت ومازالت تقوم بمحاولات حثيثة لإفشال الثورة المصرية، من خلال أمران، الأمر الأول: إشاعة أكاذيب برغبة الإسلاميين الموجودين بدول الخليج في القيام بثورات للاستيلاء على الحكم بإيعاز من دول الربيع العربي وخاصة مصر، والهدف من نشر تلك الأكاذيب هو الوصول بدول الخليج إلى الامتناع عن دعم دول "الربيع العربي" في ثوراتهم، بل ومحاولة إفشال هذه الثورات، الأمر الثاني: هو التآمر مع القوى المعارضة للإسلاميين بدول "الربيع العربي" للانقضاض على الحكم بالقوة والبلطجة أو على الأقل إفشال الحكومات الإسلامية منذ البداية حتى لا تقوم لها قائمة، وهو ما يحدث الآن مع الرئيس مرسي في مصر، وحكومة "حركة النهضة" في تونس. ومعلوم أن هناك عداء بين إيرانوالإمارات بسبب النزاع على ملكية ثلاثة جزر هي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، والتقارب المصري الإيراني في هذا الوقت بالذات سيمثل نوعاً من الضغط على الإمارات وغيرها من الدول للتوقف عن إثارة القلاقل والاضطرابات في مصر؛ ومعلوم أيضاً أن إيران هي لاعب أساسي في الثورة السورية الآن، حيث تساند نظام بشار الأسد في مواجهة ثورة الشعب، وإعادة العلاقات بين مصر وإيران في هذا الوقت يساعد على الإسراع في الوصول إلى حلحلة الوضع الراهن في سوريا التي دخلت ثورتها عامها الثالث. إذا كانت الزيارة لهذه الأسباب السياسية والمصالح المشتركة نقول لها نعم، ولا ضير في ذلك فقد تحالف النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود في المدينة رغم اختلاف العقيدة. أما إذا كانت الزيارة لغرض التوسع في نشر المذهب الشيعي في مصر السنية، فنقول لها لا و1000 لا، لأن مصر هي دولة سنية افتتحها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن جميع الصحابة، وستظل سنية إن شاء الله إلى يوم القيامة. وعليه إن كانت هذه الزيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات السياسية بين البلدين فنقول للرئيس الإيراني "أحمدي" نعم، أما إذا كانت تهدف إلى نشر التشيّع بمصر والتمهيد للمد الشيعي في بلد الصحابة ومعقل السنة نقول له "أحمدي" لا.