استمرارا لمسلسل غياب النجوم هذا العام رحل عن عالمنا الثلاثاء 5 فبراير ملك "الموال " الفنان الشعبي " محمد العزبي" . وولد " محمد العزبي" في حي الحسين بالقاهرة في 20 فبراير 1938 وتخرج في كلية التجارة وعمل موظفا في الجمعية العامة للبترول واتجه للغناء الشعبي بعد أن اكتشفه الملحن عزت الجاهلي. وبدايته عندما أقامت الإذاعة مسابقة غنائية للهواة في حديقة الأندلس وكان من الطبيعي أن يتقدم الفنان العزبى للاشتراك فيها وقام من خلالها بتقليد صوت وأداء الفنان الشعبي العظيم محمد عبد المطلب وفاز بالجائزة الأولى وهى عبارة عن "قماشة بدلة" وكانت هذه هي أولى خطوات النجاح التي قدمته للجمهور حيث أن الحكم في تلك المسابقة كان لجمهور المستمعين من الحاضرين. وقام أحد أعضاء هيئة التحكيم في هذه المسابقة بتشجيع الفنان محمد العزبى على دراسة الفن فقام بالالتحاق بمعهد "شفيق" وهو معهد خاص وأكمل فيه دراسته حتى تقدم لامتحان الإذاعة وأعتمد مطربا. و في عام 1961 وقع عليه الاختيار ليكون مطربا لفرقة رضا للفنون الشعبية خلفا للفنان القدير كارم محمود .. زادت فرحة محمد العزبى عندما علم أن قائد الاوركسترا للفرقة هو الموسيقار الكبير على إسماعيل زميل والده فأستمر في عطاء دائم مع الفرقة التي قامت بعدة جولات فنية في جميع أنحاء العالم منها:مهرجان برلين للشباب ، مهرجان موسكو للشباب ، مهرجان صوفيا للفنون الشعبية ببلغاريا عام 1966 جولة الشرق الأقصى للتبادل الثقافي بين مصر ودول الشرق الأقصى. وحصل مطرب الموال محمد العزبي عام 1964 على المراكز الأولى في الغناء الشعبي بالإضافة إلى الأداء الإستعراضى المتميز ، حيث قام بالغناء بجميع اللهجات المصرية الفلاحى والصعيدي والنوبي والمواويل ، في عام 1966 حصل على الجائزة الأولى في الغناء الشعبي من مهرجان صوفيا عن أغنية أريجونا التي تميزت بها فرقة رضا من حيث الغناء والأداء النوبى الجميل ، وفي عام 1968 قام بالغناء مع فرقة رضا في قاعة ألبرت هول الشهيرة في العاصمة البريطانية لندن تحت رعاية الملكة دينا ملكة الأردن في ذلك الوقت للمجهود الحربي وحصل على جائزة الغناء الأولى وفى عام 1969 غنى على مسرح الأوليمبيا العالمي بباريس وقد حاز على إعجاب الجماهير العربية والأجنبية التي حضرت الحفل ، وحصل أيضا على الجائزة الأولى في الغناء الشعبي المتميز عام 1968. بعد ذلك قامت الفرقة بإنتاج وإخراج فيلمين للسينما هما جائزة نصف السنة ، و غرام في الكرنك وقد قام الفنان محمد العزبى بالتمثيل والغناء في هذين الفيلمين اللذين حظيا بنجاح جماهيري كبير ..وكانت من أكثر الأغاني شهرة للفنان محمد العزبى أغنيتيه الرائعتين اللتين يتغنى بهما كل مصري الأقصر بلدنا ، حتشبسوت . قام الفنان محمد العزبى بالغناء في معظم الدول العربية..كما شارك في العديد من الحفلات القومية لتلك الدول وقد أحيى حفل عيد الجلوس لجلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب، وكان من الحاضرين فى هذا الحفل الفنان الكبير وديع الصافي والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ والموسيقار الكبير بليغ حمدى والمؤلف محمد حمزة. وقد أبدى الحسن الثاني ملك المغرب رغبته في أن يستمع إلى أغاني محمد العزبى بألحان الموسيقار بليغ حمدي .. وبالفعل كانت بداية الشهرة الحقيقية للفنان محمد العزبى أداؤه لأغنية عيون بهية من تلحين الموسيقار بليغ حمدي التي لاقت ولا تزال تلاقى نجاحاً جماهيريا منذ عام 1968 وحتى الآن. ومن هنا بدأت الانطلاقة الحقيقية لنجومية هذا الفنان المصري الأصيل الذي قام بالاشتراك في العديد من الحفلات والمناسبات القومية مثل عيد ثورة يوليو، انتصارات أكتوبر المجيدة ، عيد العمال وغيرها، وحصل على جائزة مهرجان الموسيقى العربية الثامن في نوفمبر 1999 قام بالتأليف والتلحين له كبار الملحنين والمؤلفين مثل: محمود الشريف، سيد مكاوى، عمار الشريعي، جمال سلامة، كما الطويل، إبراهيم رأفت، محمد عبد العظيم، حلمي أمين، حلمي بكر، محمد الموجى، منير مراد، محمد حمزة، بخيت بيومي، عزت الجندي، فتحي قورة، عبد الوهاب محمد. و حصل الفنان محمد العزبي على جائزة مهرجان الموسيقى العربية لقبى ملك الأفراح ، ملك الموال الذين أستحقهما بجدارة لما يتميز به من خفة ظل وحضور جميل إلى جانب صوته المصري الرخيم وإجادته الارتجال الذي حباه الله عز وجل به. تزوج الفنان محمد العزبي وأنجب ثلاثة أبناء، أكبرهم طبيب أسنان وأصغرهم خريج تجارة، وأبنته خريجة الجامعة الأمريكية، ومن أشهر أغانيه: عيون بهية- الأقصر بلدنا- حتشبسوت- أزى الصحة- فنجانين قهوة- حبايبنا العزاز- ياسين وبهية- الصبر طيب- كرامة لله- أخر حلاوة- كما أشتهر بالمواويل الشعبية الأصيلة . وانضم العزبي لفرقة رضا عام 1957 ومن أغنياته "رنة الخلخال" ،"الناي السحري" ، "فانوس رمضان" ،"الأقصر بلدنا"، "ازي الصحة"، "عيون بهية"، "ياسين وبهية"، " فنجانين قهوة"، "حتشبسوت". كما قدم عددا من الأفلام السينمائية أهمها.. غرام يفي عام 1967، وتفاحة آدم عام 1966، وحديث المدينة 1964، وحياة عازب عام 1963، وإجازة نصف السنة عام 1962. وتم تكريم الفنان محمد العزبى في مهرجان الأغنية عام 2003. كان العزبي قد أعلن منذ فترة اعتزاله مجال الغناء تماما نتيجة تقدمه في العمر الأمر الذي أحزن عددا كبيرا من جمهوره. وقال العزبي وقتها "اعتزلت لأنني تعبت صحيا ولم أعد في سن تسمح لي بالغناء وأرغب في الاستمتاع ببقية حياتي في هدوء بعيدا عن الوسط الفني الذي أصبح لا يناسبني من الأساس". وأضاف "الوسط الفني مليء بالصراعات والمنافسة وأنا لم أعد في سن تسمح لي بخوض تلك المنافسات، ولا أستطيع تقديم هذه النوعية من الأغاني التي لا تناسبني، والبلد مليانة مطربين". ويعد الفنان محمد العزبي من القلائل الذين يذكرونا بعصر الفن الجميل والطرب الأصيل وتلك حقيقة لا خلاف عليها ويأتي فن الموال خلاصة تجربة وحكمة تعبر في الغالب عن الشجن الذي يعتمل داخل البشر ولعل هذا هو السر الذي جعل منه فنا له جمهوره من كل المستويات، حيث يلامس المشاعر الإنسانية للناس جميعا. وعلي الرغم من الخلط بين الموال وبين الغناء الشعبي في العالم العربي، إلا أن الموال الذي بات يعاني من ندرة مؤديه، يظل فنا باقيا يمتع الحس البشري ويستفز فيه المعاني.