قبل ساعات معدودة من بدء الدورة الرابعة والأربعين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب التي ستبدأ اعتبارا من الثالث والعشرين من شهر يناير الحالي وحتى الخامس من شهر فبراير المقبل ينبغي الالتفات لأهمية هذا المعرض العريق في تعزيز القوة الناعمة المصرية. و التى تواجه تحديات ملحوظة بقدر ما يتوجب التأكيد على أن هذا المعرض مناسبة تستحق الاحتفال بالكتاب وقيمة القراءة ودحر "حالة الأنيميا الثقافية". ولاحاجة فى هذا السياق لاستدعاء ارقام واحصاءات تكررت كثيرا حول التراجع المخجل للكتاب وتوزيعه بما يعكس ازمة القراءة التى تشكل احد اهم اسباب حالة الأنيميا الثقافية كما ان قراءة المشهد الثقافى الغربى قد تؤدى لاعادة النظر في اتخاذ الانترنت كذريعة او مشجب تعلق عليه اسباب هذه الحالة. فاللافت في الغرب أن هناك اهتماما غير عادي بقضية القراءة في عصر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والسعي الحثيث للتصدي لأي سلبيات على القراءة وخاصة بالنسبة للنشىء والشباب. ومن بين القضايا المطروحة فى "البرنامج المهنى" لمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام وهو المعرض الذي يوصف بأنه "تظاهرة ثقافية" وتشارك فيه 25 دولة من بينها 17 دولة عربية و735 ناشرا و25 مؤسسة ثقافية-كيفية التعامل مع المواقع العالمية الالكترونية للكتب والجودة في الانتاج. ومع محاولة تطويع الانترنت لخدمة قضية القراءة لا العكس-فان كيانا ثقافيا مثل"نادي الكتاب" في بريطانيا بات يشجع الاتصال الشفاهى المباشر وجلسات قراءة النصوص الأدبية كسبيل لجذب جمهور جديد للكتاب. واذا كانت العائدات من تنزيل الكتب الالكترونية المسموعة على شبكة الانترنت قد زادت فى العام الماضى فى بريطانيا بنسبة تقترب من 33 فى المائة فان كيانا ثقافيا بريطانيا غير حكومى يحمل اسم "رابطة القارىء" ينظم الآن اسبوعيا 350 جلسة قراءة في حلقات نقاشية مباشرة بين الكتاب والجمهور . وهاهي الحكومة البريطانية تدعم حملة تستهدف تشجيع طلاب المدارس على قراءة الشعر وفهمه وحفظه فيما تقوم وزارة التعليم بتمويل الحملة التي تتضمن مسابقات بين طلاب المدارس فى استظهار قصائد منذ القرن الرابع عشر وحتى نهاية عام 2012. يأتي ذلك بينما افاد"موقع بيرسون" الالكتروني المعنى بتقييم درجات التعليم في العالم وفقا لمعايير دقيقة خروج مصر ومعها بقية الدول العربية من قائمة الدول الأكثر اهتماما بالتعليم فيما انضمت دول جديدة لهذه القائمة ومن بينها تركيا واندونيسيا. وفي ضوء الارتباط الوثيق بين الثقافة والتعليم- لاجدال أن هذا الاستبعاد من قائمة الدول الأكثر اهتماما بالتعليم والتى تصدرتها فنلندا وكوريا الجنوبية يعكس نوعا من التراجع الثقافى يفضى لتآكل القوة الناعمة فيما تستمر أزمة القراءة وإنزواء الكتاب بمعزل عن الحياة العامة والتي تشكل بدورها جملة أسباب تؤدي لانحسار القوة الناعمة . ودون تهوين او تهويل يتعين على مؤسسات صنع القرار المصرى التوقف مليا عند مغزى القرار الذى اتخذه منظمو مهرجان المسرح العربى الذى اقيم بالدوحة هذا العام باستبعاد مصر من فعاليات المهرجان لأن العروض المسرحية المصرية المرشحة هى-على حد تعبير البيان الرسمى لادارة المهرجان-"عروض دون المستوى". وحسب كتابات في صحف ووسائل اعلام مصرية فان العروض المسرحية المصرية التى رشحت للمهرجان وهى :"فى بيتنا شبح" تأليف لينين الرملى و"ليل الجنوب" لشاذلى فرح و"حنظلة" للمخرج الشاب اسلام امام عن نص للكاتب السورى الراحل سعد الله ونوس تميزت بالتنوع الفكرى والفنى فيما ذهب البعض الى انه "لامعنى لهذا الاستبعاد سوى الترصد لثقافة مصر وفنها". ومن أبطال مسرحية " في بيتنا شبح" الفنان اشرف عبد الغفور نقيب الممثلين المصريين والذى تعرض لانتقادات فى بعض الصحف ووسائل الاعلام لالتزامه الصمت حيال هذا الاستبعاد وهى انتقادات طالت ايضا قيادات وزارة الثقافة .