زينب السنوسي دقت الساعة التاسعة مساءً حينما وصلت سيارة تحمل جثمان شهيد الصحافة الزميل الحسيني أبو ضيف، أمام مقر نقابة الصحفيين حيث كنت وزملائي في انتظار وصوله حتى نلقي النظرة الأخيرة على فقيد اغتالته يد البطش والندالة أمام قصر الاتحادية حينما كان يؤدي عمله الصحفي في تغطية الأحداث الأربعاء الماضي. في مشهد مهيب احتشد مئات الصحفيين وانضمت لهم مسيرات أتت من مختلف الأمكنة حتى المواطنين التحموا معهم ورددوا " الشعب يريد إسقاط النظام"، و"يا شهيد نام وارتاح وإحنا نكمل الكفاح"، سرنا جميعًا بمرافقة جثمان الحسيني من أمام النقابة حتى وصلنا إلى مسجد عمر مكرم، حاملين دموعنا وجروح القلب الدامية على كفوفنا من أجل فقيد الصحافة الذي صار نموذجًا لوطن تحول لجسد مهلهل تكالبت عليه حفنة من أصحاب المصالح لا يهمهم سوى أنفسهم أما المواطنون لديهم صاروا بلا ثمن. ورغم هيبة الموقف أمام مسجد عمر مكرم حينما كنا نؤدي صلاة الجنازة على الحسيني الشهيد الحي قبل أن يرقد في مثواه الأخير في مسقط رأسه بمحافظة سوهاج؛ إلا أنه كان موقفًا يضرب به المثل للدلالة على معدن الشعب المصري الذي يتكاتف لرفض الظلم والطغيان وغلبة المصالح على حساب الأبرياء. الزميل الحسيني أبو ضيف ستظل في قلبي أبد الدهر وبقدر ما حييت لأنك علمت شعبًا بأكمله كيف يتوحد على كلمة واحدة هي "الحرية" ودفعت حياتك ودماءك ثمنًا لحرية الكثيرين لأنك لم تكن مجرد صحفي يؤدي عمله لكنك "فكرة" زَرَعت الأمل نبتة في قلوب أعياها طول الصمت .. لينم جسدك مرتاحًا يا حسيني لأننا سنكمل المشوار.