فولك مع اندلاع أي أزمة بين الولاياتالمتحدة ومصر هناك دائماً من يسعي لتضخيم الامور وتهويلها بهدف الصيد في الماء العكر.. والحقيقة انه لا يمكن تحميل احد الطرفين مسئولية هذا التوتر في العلاقات دون الطرف الاخر بمعني انه اذا كانت هناك اطراف مصرية تسعي لتخريب العلاقات بين القاهرة وواشنطن في الوقت الحالي وهي الاطراف المحسوبة علي النظام السابق كما تعتقد صحيفة »فايننشيال تايمز« البريطانية فهناك ايضا طيور الظلام الامريكية التي تستغل مثل هذه التوترات للعزف علي وتر الوقيعة واشعال نيران الكراهية ضد مصر في جميع مؤسسات الحكم الامريكية. هذه الاطراف الامريكية المغرضة لا تقتصر فقط علي نواب العار داخل الكونجرس ولكن هناك ايضا المنظمات المشبوهة واللوبي اليهودي ومن خلفه وسائل الاعلام التي تحاول ان تلوي عنق الحقيقة بالاضافة الي دول وحكومات تري ان مصالحها المشبوهة تتطلب ان تنقطع حتي شعرة معاوية بين القاهرة وواشنطن لم تتوقف وسائل الاعلام عن تناول الأزمة بين القاهرة وواشنطن وربما كان من ابرز التعليقات ما قاله ريتشارد فولك استاذ القانون الدولي بجامعة برنيستون . وصف فولك الازمة بانها معقدة غير واضحة المعالم واستنكر اسلوب الصحافة الامريكية في تناول الازمة ونظرتها التي توحي بان وجود ابن وزير النقل الامريكي من بين المتهمين تعطيه حصانة من المحاكمة.. كما رفض ايضا اسلوب الخارجية الامريكية في التعامل مع الازمة مشيرا إلي انه اتسم بنوع من الانفعال وذلك بعكس تعامل الرئيس أوباما مع الازمة باسلوب تميز بالحساسية. ويقول فولك: من المعروف ان المنظمات الامريكية المتهمة وبصفة اساسية المعهد الدولي الجمهوري والمعهد القومي الديموقراطي ودار الحرية منظمات يتم تمويلها من جانب الادارة الامريكية ولها طابع وتوجهات ايديولوجية حكومية. ويري ان هذه الخلفية تجعل من احتجاج واشنطون وتقييم الاعلان الامريكي اسلوبا متعمداً للتضليل.. ويتساءل فولك باستنكار: منذ متي اصبحت واشنطون تنزعج إلي هذا الحد لتعرض جمعية غير حكومية لهجوم في دولة أجنبية؟ ومنذ متي طلب من القائد الاعلي للقوات المسلحة التدخل لحل مشكلة جمعية غير حكومية؟ والاجابة: لم يحدث اطلاقا وهو ما يدعو اكثر الافراد سذاجة للتساؤل: »ماذا يجري؟ وما هي حقيقة الأمر؟« ويري فولك ان من الخطأ تسمية هذه الجمعيات بأنها جمعيات مدنية أو حتي جمعيات غير حكومية حيث انها في واقع الامر وحتي لا يكون هناك خداع »جمعيات حكومية غير رسمية«.. ويذكر فولك ما قامت به هذه الجمعيات من انقلابات لتغيير انظمة الحكم التي لا تتفق والمصالح الامريكية وضرب مثالا لذلك بالاطاحة بنظام اريستين رئيس هايتي وتمكين قوي سياسية أخري تتوافق والمصالح الامريكية.. ويقول أيضا: ان إقرار هذه الجمعيات الامريكية بأنها تحترم سيادة مصر وتعمل في اطارها فإن هذا لا ينفي حق الدولة المضيفة وهي مصر في أن تساورها الشكوك وأن يكون لها حق تحديد عمل هذه الجمعيات أو اقصائها.. ويقول فولك ان خلاصة الأمر ينحصر فيما يلي: أولا : الامريكيين المتهمين في مصر لا يعملون في منظمة غير حكومية حقيقية أو في منظمة مدنية بل يعملون نيابة عن منظمات حكومية غير رسمية. ثانيا : المنظمات المتهمة ذات توجه ايديولوجي ثالثا: هناك اسباب قوية لدي الحكومات غير الغربية بتنظيم عمل أو اقصاء هؤلاء العاملين السياسيين نظرا لسجل الولاياتالمتحدة المعروف في مجال التدخل الدبلوماسي. ولكن استاذ القانون يري ان هناك غموضا مريبا في الموقف ويري ان قضية المنظمات الامريكية قد تكون حجة من جانب السلطات المصرية لاحتواء منظمات المجتمع المدني والسيطرة علي الانشطة المعارضة لها واصرارها وإلحاحها في تحقيق ديموقراطية الربيع العربي. ويري ان من الامور الغريبة كذلك هو عدم انحياز واشنطون تماما للمجلس العسكري والقبول باستمرار المباركيسم بدون مبارك ويتساءل ألم يكن ذلك افضل للولايات المتحدة ومصالحها؟! ويقول فولك ان واشنطون لم تكشف عن اهدافها فيما يتعلق بتوجهها المؤيد للديموقراطية ولكن هناك ما يدعو إلي الاعتقاد بأن موقف واشنطون هو رد فعل لنجاح الاخوان المسلمين والسلفيين في انتخابات مجلس الشعب بل والاهم هو التقارب الواضح فيما بين هذه الاحزاب وبين المجلس العسكري فيما يتعلق بتخطيط مستقبل مصر السياسي. وفي هذا الاطار فإن تزايد المواجهة فيما بين الدولة والمجتمع والانحياز للمعارضة الداعية للديموقراطية قد تمكن من قيام حكومة مدنية لاتهدد المصالح الأمريكية.. وفي النهاية لا يعفي فولك أيا من طرفي الازمة من المسئولية ويقر بأن هناك خفايا أخري قد لانعرفها وان كل ما يجري من مواجهات انما يخفي الدوافع الحقيقة لازمة العلاقات المصرية الامريكية.. ولا يغفل الكاتب التأكيد علي أن مصر وغيرها من الدول ستكون افضل حالا اذا منعت المنظمات الحكومية غير الرسمية الامريكية من العمل بحرية في اراضيها خاصة اذا كانت صلاحيات هذه المنظمات هو نشر الديموقراطية بالتعريف والتمويل الأمريكي..