أحدث مشروع تعديل قانون الأزهر الشريف، والذي أعدته اللجنة المشكلة من قبل فضيلة الامام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر برئاسة المستشار طارق البشري ردود فعل مرحبة لما تتضمنه من بنود جاءت استجابة لمطالبات تحرير الأزهر من قيود الدولة، والتي تصاعدت في أعقاب ثورة 52 يناير. ينص مشروع القانون المقترح من مشيخة الأزهر، والذي تمت الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء مؤخراً علي معاملة شيخ الأزهر معاملة رئيس الوزراء في جميع الامتيازات، وانتخاب شيخ الأزهر من بين ثلاثة علماء بالاقتراع السري تختارهم هيئة كبار العلماء، وتنتهي مدة خدمة شيخ الازهر عند بلوغه الثمانين من عمره، بالاضافة الي استقلالية الأزهر الشريف عن الدولة في الوقت التي تكفل له الدولة الإمكانيات المادية لممارسة دوره، وهو ما يعد عودة إلي الوضع الذي كان عليه الأزهر الشريف قبل ثورة يوليو عام 2591، حيث تم تغيير قانون الأزهر عام 1691 الذي جعل اختيار شيخ الازهر بالتعيين من قبل رئيس الجمهورية، وهو ما كان يعارضه علماء الأزهر علي مدي أكثر من 05 عاماً، والذين اعتبروا أن قانون تنظيم الأزهر الذي صدر عام 1691 بمثابة قانون لتأميم وتكميم أفواه الأزهر، ومن المقرر ان يعرض مشروع تعديل قانون الأزهر علي المجلس العسكري للموافقة عليه، ثم يصدر قراراً بتشكيل هيئة كبار العلماء إلي جانب مجمع البحوث الاسلامية الذي سيظل قائماً. ورحب علماء الأزهر بما نص عليه مشروع القانون، ولاسيما فيما يتعلق بانتخاب شيخ الازهر، ووصفوه بخطوة إيجابية تعزز من مكانة الأزهر الشريف علي المستوي المحلي والعالمي، وتعيده إلي سابق عهده. استقلال الأزهر وأكد د. عبد الحكم الصعيدي الاستاذ بجامعة الأزهر أن مقترح انتخاب شيخ الأزهر في حد ذاته خطوة جيدة كان الجميع ينتظرها منذ عقود طويلة لأن من شأنها أن تعيد الحق إلي نصابه، مشيراً إلي أن انتخاب شيخ الأزهر سوف يرسخ مبدأ استقلال الأزهر ويقوي دوره الدعوي، ويحقق استقلاله عن الدولة وعدم خضوعه لسيطرتها. وقال د. الصعيدي: شيخ الأزهر هو شخصية قيادية، وبالتالي لابد أن يكون هناك توافق بين كبار أهل الرأي والفكر الإسلامي علي اختيارها، وهو الأمر الذي يتحقق بالانتخاب الذي يأتي بشخصية يحترمها ويقدرها الجميع، وتتوافر فيها كل مقومات المنصب الجليل. وتابع د. الصعيدي: لقد آن الأوان لتحرير الأزهر من تبعية السلطة، والتي كانت سببا رئيسياً في تراجع دوره داخلياً وخارجياً، وأعتقد أن أهم خطوة في تحرير الأزهر من تبعية السلطة تتمثل في انتخاب شخصية بحيث لا يكون عليه سلطان إلا الله تعالي وخدمة الإسلام الحنيف. شروط موضوعية ومن جانب أخر اشاد د. أحمد محمود سليمان العميد الأسبق لكلية اصول الدين بجامعة الأزهر »فرع اسيوط« بما نص عليه مشروع تعديل قانون الأزهر من بنود مختلفة تحقق مبدأ الاستقلالية للأزهر الشريف، معتبراً انتخاب شيخ الازهر وعودة هيئة كبار العلماء من أهم المقترحات التي جاء بها مشروع القانون. وأكد د. سليمان أن انتخاب شيخ الأدزهر سيكون له تأثير ايجابي علي جميع مؤسسات الأزهر الأمر الذي يجعل دور الأزهر الشريف في قضايا الأمة أكثر فاعلية وأكثر تأثيراً، مشدداً في الوقت نفسه علي ضرورة أن تكون هناك شروط موضوعية لانتخاب شيخ الأزهر من قبل علماء المسلمين، وأن يتم النظر الي مصلحة المسلمين عامة لا إلي المصالح الشخصية الضيقة، وأن نضع في اعتبارنا أن تكون الشخصية المرشحة لمنصب شيخ الازهر معروفا عنها العلم والاعتدال والوسطية والتسامح والاستنارة وقبول الآخر والانفتاح علي الديانات والثقافات الأخري دون التفريط في الثوابت الإسلامية بحجة التطوير والتنوير. وشدد د. سليمان علي أن انتخاب شيخ الأزهر سوف يضع الأزهر في مكانته الحقيقية باعتباره المؤسسة الرائدة في العمل الاسلامي وبالتالي سوف يعيد إليه مجده الذي سلب منه علي مدي العقود الثلاثة الماضية. مؤسسة رائدة ومن جانبها أعربت د. آمنة نصير عميدة كلية الدراسات الإسلامية »بنات« بجامعة الأزهر سابقا عن أملها في أن يعود الأزهر الشريف الي سابق عهده الكيان الرائد في خدمة الإسلام وتعليم علومه وثقافاته المختلفة، مؤكدة أن هذا الامر لن يتحقق إلا إذا عاد الأزهر الي أعرافه وتقاليده القديمة والتي من أهمها انتخاب شيخه من بين اعضاء هيئة كبار العلماء. وأكدت د. آمنه أن انتخاب شيخ الأزهر في الوقت الراهن يتماشي مع الأوضاع الجديدة التي فرضتها ثورة الشعب المصري، والتي لا تقبل بأي حال من الأحوال أن يظل الأزهر الشريف تابعاً لسلطة الدولة، ومن ثم يأتي تحرير منصب شيخ الأزهر من التعيين، والعودة إلي نظام الانتخاب من بين اعضاء هيئة كبار العلماء مواكبا للمستجدات التي جاءت بها ثورة 52 يناير. وأشارت د. آمنه الي أن تحرير الأزهر من نظام تعيين شيخه سوف يضفي عليه الاستقلال.. ويجعله يوم بدوره كما كان في الماضي في فترة الشيخ الشرقاوي والمراغي وغيرهما من كبار مشايخ الأزهر الذين رفعوا راية الأزهر إلي عنان السماء.