محمود سالم لم يكن هناك أبدع من كلمات نزار قباني الذي قال: سرقوا منا الوطن.. سرقوا فاطمة الزهراء من بيت النبي.. يا صلاح الدين: باعوا النسخة الأولي من القرآن.. باعوا الحزن في عينيّ علي.. يا صلاح الدين: باعوك، وباعونا جميعاً في المزاد العلني.. سرقوا منا الطموح العربي.. عزلوا خالد في أعقاب فتح الشام.. إنهم خلف الكواليس، وهم يغتصبون امرأة تدعي الوطن.. يبيعون بكأسين من الويسكي أملاك الوطن. »مرسوم بإقالة خالد بن الوليد«.. تلك القصيدة التي اختارها صديقي بجريدة الوفد مصطفي عبيد يفتتح بها شهية قراء كتابه الجديد »الفريق الشاذلي.. العسكري الأبيض«. الكلمات تفتح الشهية لالتهام الكتاب فور قراءة أول سطر من سطوره التي زادتني اقتناعاً بأن المخلوع إياه لم يسرق الوطن فقط بل سرق التاريخ أيضا! كلمات الكتاب زادتني يقينا أيضا بأن الفرعون المخلوع لم »يتفرعن« خلال سنوات حكمه الأخيرة فقط، بل إن خطاياه الرهيبة وشروره الجسيمة كانت واضحة منذ توليه السلطة! ففي يوم ما قام الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة في حرب أكتوبر 3791 بزيارة بانوراما حرب أكتوبر ليفاجأ بأن صورته غير موجودة في البانوراما، ورأي الصورة الرئيسية للحرب يقف فيها السادات وإلي جواره محمد حسني مبارك!.. لحظتها استرجع الشاذلي المشهد الحقيقي من ذاكرته ليوقن أن مبارك لم يكن داخل الغرفة وقت التقاط الصورة، واتضح أن صناع دعاية مبارك غيروا وجه المشير أحمد اسماعيل في الصورة واستبدلوه بحسني مبارك.. كما تم شطب صورة الشاذلي من بين الحضور! وعندما سأل الشاذلي المسئولين عن البانوراما أخبروه أن فناناً عالمياً هو الذي رسم صورة الإعداد للحرب من وحي الخيال! يقصد من وحي خيال الأوركسترا من الطبالين والزمارين الذين كانوا يرتلون المدائح عن حكمة البطل الأوحد وينشرون الأكاذيب والدعاية السوداء عن مهندس العبور والنصر الفريق سعد الدين الشاذلي الذي لولا عبقريته ما كان النصر. .. زمان قالها فولتير »لا تحزن إن لم تنل ما تستحق من تقدير.. يكفيك أنك تستحقه«.. هي حكمة أوجهها إلي روح الشاذلي. وإلي المخلوع أقول له: لا تفرح إن لم تنل ما تستحقه من تحقير.. يكفيك أنك تستحقه!