حسىن عبد الواحد قبل أيام، زار الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان مصر وتحاور مع العديد من السياسيين والمثقفين والمفكرين المصريين حول ثورة 52 يناير. وفي مقاله الأخير بصحيفة »نيويورك تايمز« الأمريكية لخص فريدمان رؤيته لما يجري في بلادنا بعد فوز الإخوان المسلمين والسلفيين بحوالي ثلثي مقاعد البرلمان بقوله ان مصر الآن أشبه »بمعمل تجارب« لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها حيث ستجيب تجربة الثورة المصرية علي سؤال مهم هو كيف سيعالج الاسلام السياسي قضايا مثل التحديث والعولمة دون ان يكون لديه نفط؟ بعض الدول الأخري في المنطقة مثل السعودية وإيران لم تواجه هذا الاختبار بفضل ثروتها النفطية التي أتاحت لها الحفاظ علي أيديولوجيتها أو تحدي العالم كله كما تفعل إيران لانها وفرت لمواطنيها مستوي معيشة مرتفعا بفضل عائدات البترول. أما في مصر فالوضع مختلف، كما يقول فريدمان، حيث سيتعين علي الاسلاميين فتح الابواب علي العالم خاصة ان مصر دولة مستوردة للبترول وتستورد أيضا 04٪ من طعامها وتشكل السياحة 01٪ من الدخل القومي. ومع ارتفاع معدلات البطالة وتدهور قيمة الجنيه المصري تحتاج مصر لمساعدات وقروض دولية وأجنبية ترتبط بالتوجهات والسياسات المصرية. والحقيقة ان النظر إلي مصر الآن علي انها مجرد »معمل تجارب« يعكس محاولة للتقليل من شأن الثورة المصرية التي لم تكن قفزة الي المجهول بقدر ما كانت خطوة عملاقة نحو المستقبل. وقد تجاهل الكاتب الأمريكي وهو يقارن بين نماذج الحكم الاسلامي في المنطقة حقيقة ان النموذج المصري فريد يستند الي تراث حضاري وثقافي يمتد لآلاف السنين وليس إلي مجرد حالة ثراء عابرة سرعان ما تنتهي مهما طالت مدتها. ويؤكد ذلك ما ذكره فريدمان نفسه في مقاله حول لقاءاته مع قيادات التيار الديني السياسي في مصر. فالدكتور عصام العريان نائب رئيس الاخوان المسلمين أكد له التزام الإخوان بمعاهدة السلام مع اسرائيل.. ورغم التأييد الكامل للفلسطينيين إلا أن الأوضاع الاقتصادية في مصر »تدفعنا للاهتمام بشئوننا«. أما خيرت الشاطر نائب رئيس حزب الاخوان فأكد لفريدمان إنه لم يعد هناك خيار أمام الجماعة الآن بين أن تكون مع العولمة أو ضدها »لذلك نحن نفضل التعامل مع العولمة لأقصي درجة ممكنة«. أيضا المتحدث باسم حزب النور نادر بكار أكد لفريدمان ان النموذج الاقتصادي الناجح من وجهة نظرهم هو البرازيل وليست الدولة الدينية.. وأن الشعب المصري لن يعطي أحدا الفرصة لاقامة نظام دكتاتوري بعد الآن. وردا علي سؤال حول احتمالات منع الكحوليات في مصر قال محمد نور المتحدث باسم السلفيين في مصر أنه إذا كان هناك 02 ألف شخص من بين 08 مليون مصري يشربون الخمر وهناك 04 مليونا لا يتمتعون بمياه الشرب النقية فالطبيعي والمنطقي أن يهتم عضو البرلمان المصري مهما كان انتماؤه بالمحرومين من مياه الشرب وليس بمن يتناولون الخمر. هكذا تؤكد مصر أن ثورة 52 يناير لم تكن تجربة قابلة النجاح والفشل.. ويا سيد توماس فريدمان الشعب المصري قال كلمته وانتهي الأمر.. التاريخ لا يعود أبدا إلي الوراء.