هي أم جميل بنت حرب، من عين سادات العرب، قرشية من بني أمية، أخت أبي سفيان بن حرب، عمة معاوية، وزوجة عبد العزي »أبو لهب« بن عبد المطلب، قرشي من سادة بني هاشم، جمعهما جوار ملاصق لسيد الخلق محمد بن عبد الله بن عبد المطلب »صلي الله عليه وسلم« فهذه المرأة وزوجها، وهما علي هذا القدر بين قومهما فأنزل الله تعالي فيهما آيات، تقطع بمصيرهما النهائي: »تبت يدا أبي لهب وتب، ما أغني عنه ماله وما كسب، سيصلي نارا ذات لهب، وامرأته حمالة الحطب، في جيدها حبل من مسد« - (سورة المسد) وكان لديهما فرصة ذهبية في هدم الإسلام من أساسه، بإبطال معجزة القرآن مصدره الأول، فيما لو أعلن أي منهما إيمانه بهذا الدين، ولكن هكذا أراد الخالق القادر، أن يجعلهما دليلاً علي صدق هذه المعجزة الخالدة. وحمالة الحطب هذه، كانت صاحبة نفوذ قوي، في الصد عن دين الله، سواء بنفسها أو من خلال زوجها، الذي كان رهن إشارتها، في الكيد لهذا الدين وأتباعه، ومن ثم فهي ليست رهينة عصرها وحده، بل هي حالة قابلة للتكرار علي مر الأيام والسنين، وربما لا يخلو منه عصر أو آوان وفي أيامنا المعاصرة تبرز هذه الحالة في أشكال متعددة، يجمعها رابط واحد هو الكيد للإسلام، سواء كان ذلك منها مباشرة، أو بطريق غير مباشر، كاستعمال أيدي البعض من أبناء هذا الدين أنفسهم، ولو من وراء حجاب، أو بدعاوي ظاهرها الإصلاح وباطنها الخراب، ومن هذه الأشكال، أنه بعد انتهاء الحرب الباردة، تم اعتبار الاسلام العدو الأول للحضارة الغربية الحديثة، وإعلان الحرب عليه، فيما أطلق عليه أصحاب هذه الحضارة »الحرب علي الإرهاب« وهذا الأمر ليس بجديد ولا بمستغرب، علي من يقرأ التاريخ بإمعان. وما يثير الغرابة والتعجب حقاً، أنه باستقراء واقع الأيام المعاشة الان، وحالة حمالة الحطب ليست ببعيدة عنه تجدر الإشارة الي ان نبرة اتهام المسلمين بالإرهاب بدأت تتلاشي من مفردات الإعلام العالمي، بل تجاوز الأمر هذا الحد، الي السكوت أو ربما الرضا، عن صعود بعض التيارات الاسلامية، التي كانت منبوذة من قبل، وأخذت طريقها الي موقع الصدارة في مدارج السلطة السياسية في بعض البلدان المسلمة، ولا سيما فيما يطلق عليها إعلاميا »دول الربيع العربي«، مما يجعل النفس في حيرة من ذلك، ويلح عليها العديد من التساؤلات، عن مغزي هذا التحول الصريح من النقيض الي نقيضه، »مسلم يقتل وتلقي جثته في مياه المحيط، ومسلم آخر يغادر السجن الي كرسي البرلمان »ونتمني لحاملي لواء هذه التيارات، التوفيق في حسن التعامل مع هذا المغزي، الذي لا تخطئه فطنة المسلم الواعي بحقيقة دينه، ولكن يبقي ما تفرضه هذه اللحظة، من تساؤل: هل أسلمت حمالة الحطب؟!