مصر بلد لا تهتم بالكفاءات.. ولا تحترم المواهب.. ولا تستفيد من أصحاب الخبرات.. بل تفضل أهل الثقة.. والموالين والتابعين للنظام أو الدولة.. والقادمين إلي مناصبها من خلال قوائم أجهزتها الأمنية والرقابية.. حتي ولو كانوا بلا تاريخ مهني.. ولا يتمتعون بحسن السمعة.. أو كانوا أقزاما وأنصاف كفاءات! تلك سياسة عامة احترفها النظام السابق علي مدي ثلاثين عاما تم فيها تجفيف أغلب مناصب الدولة.. بل وأكثر المواقع الوظيفية فيها ممن يستحقون لصالح من يجهلون ولا يفهمون! وصل الأمر إلي توزيع تلك الوظائف والمناصب للأقارب والأصدقاء.. وشلل المنتفعين.. وشركاء البيزنس والصفقات والعمولات.. وكانت النتيجة انهيار مصر تحت أقدام الفساد! تذكرت هذا الكلام في لحظات حزن وألم علي رحيل الاستاذة بهيرة مختار زميلتنا بجريدة الأهرام الصحفية الكبيرة.. والنجمة التي أضاءت سماء الصحافة.. وكانت واحدة من ألمع صحفيات بلدنا وأكثرهن مهنية واحترافا.. ولكنها لم تأخذ حقها في تولي منصب صحفي يليق بموهبتها وكفاءتها.. لأننا في بلد لا يحترم الموهوبين فيه.. ولا يمنحهم ما يستحقونه من تكريم.. ولا يعرف قدرهم حتي يرحلوا.. وهم نادمين وأسفين علي رحلتهم الطويلة والصعبة.. التي أدمت أقدامهم من السير علي الأشواك والحفر في الصخور والصراع مع حيتان وشياطين المهنة.. التي يسمونها صاحبة الجلالة! هل تغير الأمر بعد الثورة؟! أعتقد أن نظرية أهل الثقة قبل أهل الخبرة.. مازالت قائمة.. ولم تنته بعد.. وقوائم الأجهزة الأمنية والرقابية مازالت تواصل عملها ونشاطها القديم.. وتدفع بفلولها من الموالين لأي نظام.. إلي المواقع والوظائف المهمة! الدليل علي ذلك بدا لنا واضحا بعد صدور قرار بعودة المجلس الأعلي للصحافة فجأة ورغم عدم الاحتياج اليه.. ودون أي مبرر.. ولا سند من القانون.. لأن مجلس الشوري الذي يترأسه أصلا لم ينتخب بعد.. وجاء تشكيله بنفس نظرية اختيار أهل الثقة! أيضا رأينا خروج بعض الوجوه الإعلامية المرتبطة بالفساد والترويج للتوريث من الإعلام الحكومي إلي قنوات فضائية جديدة.. ظهرت فجأة وجمعت الفلول.. ولا نعلم من وراء تمويلها.. ولا هدفه من تلميع تلك الوجوه القديمة.. والمحسوبة علي الماضي الكريه؟! ربما لهذه الأسباب طال الوقت مع الدكتور الجنزوري.. وتعثر تشكيل مجلس الوزراء.. بحثا عن وجوه لم تتربح من وظائفها.. ولها رصيد مهني يحميها من قذائف المعارضة والغضب الشعبي التي أحاطت بعملية الاختيار.. خوفا أن يأتي إلينا فلول وثعالب وذئاب من أذيال حكومات الفساد وقوائم الأجهزة الرقابية والأمنية! فهل نجح في اختيار أهل الخبرة؟!