عندما سئلت »مي زيادة« ذات يوم: كيف تؤلفين قصصك؟ أجابت: لا أدري ولكني استطيع أن أقول إنها فرضت نفسها فرضا، فقد يكون موضوع القصة ذكري قديمة تثيرها رؤية أو منظر من المناظر أو حادثة من الحوادث، وقد يكون إيحاء مما أشعر به وأراه في حياتي الحاضرة، فتدفعني هذه الذكري.. ويستغرقني هذا الإيحاء إلي كتابة القصة وأجدني مدفوعة إلي تأليفها وقد استيقظ عند الفجر ولا ألبث حتي أري نفسي أمام مكتبي أؤلف القصة، ومن عاداتي أن أضع تصميما للموضوع إذا ضاق الوقت ثم أعود إليه فأصوغ القصة وأتم بناءها. ورغم مرور مائة عام علي أول كتاب صدر للكاتبة إلا أن كلماتها مازالت نابضة بأحاسيس زماننا. لتؤكد حقيقة أن المشاعر لا تعرف الشيخوخة ولا تعرف الشيب.. كانت مي زيادة نجمة ساطعة في عالم الفكر والأدب التف حولها ادباء عصرها وأحبوها وكتبوا فيها القصص والأشعار ولكن قلبها لم يدق إلا لجبران خليل جبران الذي أحبته علي مدي عشرين عاما دون أن يراها أو تراه لقد كان نوعا من الحب النادر، الذي تبادلا فيه أروع رسائل الحب. كتبت مي تقول لجبران: لا أعرف شيئا مما اكتبه غير انك »محبوبي« وتتراجع قائلة. كيف أجسر علي الإفضاء إليك بهذا، وكيف أفرط فيه. الحمد لله إني ما أكتبه علي الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كنت الآن حاضرا بالجسد لهربت خجلا، وسواء أكنت مخطئة أم لا فأن قلبي يسير إليك ويظل حائما حواليك يحرسك ويحنو عليك. وتقول مي: غابت الشمس وراء الأفق ومن خلال السحب العجيبة الأشكال والألوان تظهر نجمة لامعة هي »الزهرة« آلهة الحب.. أتري يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون؟ ربما وجد فيها بنتا مثلي لها جبران واحد حلو بعيد هو القريب، تكتب إليه الآن والشفق يملأ الفضاء وتعلم أن الفضاء يخلف الشفق وأن النور يتبع الظلام وأن الليل سيخلف النهار والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن تري الذي تحب.. فتتسرب اليها كل وحشة الشفق وكل وحشة الليل فتلقي بالقلم جانبا لتحتمي من الوحشة في اسم واحد »جبران« هكذا كانت مي تكتب منذ مائة عام!!!