إليكم مضمونا لحوار في صميم .. فهذا رجل بغير حاجة الي تقديم من فرط ما نادي وطالب وسجل غير ما كتب عنه ومعه من فكر التقدم العلمي الحديث الذي يعرف بعلم الادارة و.. لا جدوي ممن يقرأ أو يسمع بل تركوه (يهاتي) منذ عاد من امريكا عام 68 تاركا وراءه وظيفة التدريس في جامعات كاليفورنيا علي امل أن يساهم بعلمه في بلاده، لكن ما يردده كان يسري عكس التيار ويخرج عن الاطار بل ربما يهز البنيان و.. لنبدأ معه بتناول مشكلة ننفرد بها دون سائر الامم ، طوابير العيش أو ما يعرف بأزمة الخبز الذي ندعمه بنحو 20 مليار جنيه وهذا مبلغ ينضح بالتأكيد بتواجد عناصر فساد فاضح... فاذا كان لدينا ما بين 17الي 18 الف مخبز صغير لابد أن يؤدي الي سرقات بالتأكيد فما من علاج غير انتاج كبير جدا وبالجملة mass production بكفاءة عالية وبذلك يتم السيطرة علي العملية.. لابد أن يكون في المحافظة الواحدة مالا يزيد عن مخبزين اثنين أو ثلاثة فقط .. بهذا النحو نوفر مالا يقل عن 30٪ من العشرين مليارا فان نمط التوزيع خطأ والتخزين خطأ ولا مفر من تسويق بالجملة فهذا ما يقلل من التكلفة ولا يهدر المنتج وننتقص من تكاليف العملية ونحد من السرقة بل قد ننفق علي التطوير ايضا. من باب التفكير العملي نطرح مشكلة اخري: لماذا نبقي أسري الاستثمار الذي يأتي الينا من الخواجة أو من الثري العربي نكاد نستجدي مجيئهما فتحول الامر الي ما يشبه الهاجس الذي يؤرقنا.. لم لا يكون الاستثمار منا فينا ولنا الربح كله ، وليأتي من يأتي مرحبا به أما من لا يريد فهو الخاسر.. في بنوكنا يرقد تريليون و200 مليار ودائع، اذا جنبنا الاحتياطي والتأمينات سيبقي مالا يقل عن 800 مليار نائمة ... فلم لايكون لدينا الثقة لتحويلها الي استثمارات ولتدخل الحكومة شريكا وضامنا ولو جزئيا وتطرح الباقي ليتملكه أفراد الشعب.. ألم يخطر علي بال الادارة - أي الحكومة - أن نستثمر الاموال المصرية النائمة ولتكن في حدود 2 مليار مثلا نستثمرها ما بين السودان واثيوبيا.. في مشروعات زراعية وصناعية شتي.. او نقيم عشرة خطوط نقل جديدة سكك حديد او نقل نهري أو بري في انحاء متفرقة ونختارها بعناية لمد الحركة والتوسع الي الخارج من الوادي المزدحم... ولنتناول مشكلة أخري بنحو مباشر: ماذا تفعل الحكومة مع تلك الفئات التي تتظاهر وتعتصم وتضرب عن العمل فاما أن تستجيب الحكومة أويرمي بمسئوليتهم عرض الحائط وعلي المتضررالذي هو بقية اهله أي الشعب أن يروح في داهية كمن يقول أنا أو الطوفان انه لشيء مخز... انما الحكومة لابد وتكون قادرة علي مواجهة جموع الناس والفئات بالواقع العام الذي هو واقعهم، قادرة علي تفاهم واتفاق علي ابرام عقد شرف معهم، ضاعفوا الإنتاج والعائد بالنصف لكم وللدولة.. لابد وتشرح لهم الادارة الحكومية وغير الحكومية أن رفع الاجر لابد ويقابله رفع انتاج والا يؤدي الي تضخم - الاسعار - بما يأكل الزيادة وهذا ما يحدث دوما، فلا كأننا رحنا ولا جينا، فتعاود الدورة ونحتاج زيادة أخري ونضرب الحائط برؤوسنا ونعيد الكرة وهلم جرا...! الآن نحن علي وشك البدء في مرحلة تستدعي اعادة نظرفي مفاهيم اساسية عديدة عششت بيننا طويلا بلا تمعن أو تفكير ولا يكفي ان نعرض خطايا النظام السابق بدون التشخيص وتحديد الداء من قبل البدء في العلاج ..والداء لا يعود إلي اقتصاد السوق بقدر ما يعود إلي أنهم أخذوا بأسوأ ما في اقتصاد السوق، حتي بما تحاربه أمريكا ذاتها بالقوانين جعلوه يسود لدينا هنا ونعني به: الاحتكار! الاقتصاد المصري تحول في النظام السابق الي احتكارأسواق بلا تنافس ولذا وجدنا هوامش ربح رأس المال لدينا فاقت اكثر هوامش الربح توحشا لدي أعتي الدول الرأسمالية ذاتها.. ولو وضعنا جانبا نظام الضرائب الجائرلدينا الذي عرف بالشريحة الموحدة ، سنقدم مثالا آخر نموذجا في غاية البساطة وبالغ الدلالة في آن واحد: فنجان شاي تتناوله بملحقاته في فندق فور سيزون - واشنطون يكلفك نحو عشرة دولارات.. بينما في فور سيزون - بالقاهرة تدفع فيه خمسة أمثاله لو حسبتها أيضا بالدولار فكيف ؟ مع ان أجر الخدمة عندنا متدن للغاية بالمقارنة مع زميله الآخر هناك، أين يذهب الفارق؟ يذهب ربحا لرأس المال الذي قد يصل في هذه الحالة إلي 300٪ معني ذلك أن منظومة الربح هنا لا تتسم بأي توازن حتي بمعايير حرية السوق بل بصريح العبارة معايير تفتقد للعدالة الاجتماعية بنحو وقح وهنا بيت الداء ومربط الفرس ومصدر الخلل ... لذا وجب علينا أن نعيد النظر في كل مفاهيمنا القديمة بفكر متطور وبحيث نقبل ما هو مقبول ونرفض ما يعوق سبيلنا إلي التقدم وهذه هي البداية: أن نقضي القضاء المبرم علي ما يعرف بالاحتكار بقوانين صارمة نطبقها مثل غيرنا من الدول التي تشرع قوانين صارمة لتمنع الاحتكار وأولها الولاياتالمتحدة ذاتها لأن الاحتكار يقضي علي المنافسة التي هي أم الابتكار.. والابتكار والابداع هما أسس التقدم في هذا العصر وأهم دلائل الادارة الحديثة في المجتمعات . اذن لا غرابة في أن عدمنا ظهور مبتكرين مبدعين لدينا نغزو بهم العالم فهؤلاء ما يعرفون بالندرة البشرية في المجتمعات وهم نتاج الادارة الحديثة ودعائمها.. أهل الندرة في كل مجتمع هم من أخذوا بيده إلي التقدم، وهم مفتاح الطفرة التي حققتها الهند وماليزيا وكوريا وغيرها ممن كانوا في عداد الدول النامية حتي وقت قريب ثم انطلقوا في عدة سنين... نعرض لهذا الحلقة القادمة بمزيد من تفاصيل.