يري البعض ان ما تشهده البلاد في المرحلة الحالية يعد انفلاتا امنيا واخلاقيا غير مسبوق، ويمثل ثورة مضادة واهدارا للآمال المعقودة علي ثورة يناير وما ينتظره الشعب من تحقيق لأهدافها وامام ما يحدث من تعطيل للمصالح الحكومية وتهديد سير عملها وقطع الطرق والسكك الحديدية وانتشار اعمال العنف والبلطجة وحمل وتهريب الاسلحة النارية غير المرخصة، والاعتداءات المستمرة علي اقسام الشرطة واخيرا وزارة الداخلية ومقار البعثات الدبلوماسية، واحداث الشغب في الملاعب .. يأتي قرار المجلس العسكري بضرورة العمل بقانون الطوارئ. ومع الاعلان عن بدء تطبيقه عادت بعض المخاوف القديمة للظهور علي السطح خشية اساءة استخدامه كما حدث من النظام السابق .. فيقول المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة السابق انه ضد اي قانون استثنائي خاصة قانون الطواريء لأنه يطلق يد الشرطة في عمليات القبض والاعتقال دون الالتزام بالضمانات المنصوص عليها في قانون الاجراءات الجنائية، ولا يضمن السيطرة علي انتشار عمليات البلطجة والسلاح لأنهما نتيجة للغياب الامني وانصراف رجال الشرطة عن الشارع .. ورغم انه كان من المقرر تنظيم مليونية تحت شعار " لا للطوارئ " يؤكد المستشار زكريا عبد العزيز انه ابداء لحسن نوايا الثوار سيتم تعليق المليونية لمدة شهر لاعطاء رجال الامن فرصة لتأدية عملهم وفق قواعد القانون بما يضمن ضبط الامن في الشارع، فإن ادوا عملهم علي الوجه الامثل سيتم توجيه الشكر لهم في المليونية القادمة وان لم يحدث فيكون قد ثبت بالدليل القاطع سوء النية من رجال الشرطة وعزوفهم عن اداء واجبهم ووقتها يكون لكل مقام مقال . ويري المستشار احمد الخطيب -رئيس محكمة - ان الاحداث التي شهدتها الساحة خلال الايام الماضية تمثل ظروفا استثنائية غير عادية تقتضي ان يتم التعامل معها بأساليب قانونية غير تقليدية تتناسب مع جسامتها بما يؤدي الي تحقيق الانضباط واحترام سيادة القانون والحفاظ علي استقرار الاوضاع بالبلاد وهو ما عجزت عنه قواعد قانون العقوبات لاسيما وقد سقطت هيبته مع تردي الاوضاع واصبح من الصعب تحقيق الاستقرار في ظل قواعده، وقواعد قانون الاجراءات الجنائية التي تقيد السلطة التنفيذية وجهات الضبط في مباشرة اعمالها .. ويري أن تفعيل احكام قانون الطوارئ يعد العلاج الامثل للمرحلة الحالية خاصة وقد تم العمل به في فترات عصيبة مشابهة للمرحلة الحالية وذلك اثناء حرب فلسطين 48 وحريق القاهرة والعدوان الثلاثي 67 وعقب اغتيال الرئيس السادات عام 1981 . ويؤكد المستشار الخطيب ان هذا القانون وان كان يعطي سلطات واسعة لجهات الضبط في اعمال القبض والتفتيش والمراقبة والغاء تراخيص حمل السلاح ووضع ضوابط علي الاجتماعات إلا ان الظروف الحالية هي التي اقتضت واضطرت المسئولين الي اعادة تفعيله للسيطرة علي الشارع، ولا يخشي من ذلك علي الشرفاء لانه لن يتعرض لحرية الرأي سواء في التجمعات السلمية او من خلال التواصل علي المواقع الاجتماعية علي الانترنت طالما ابتعدت عن بث الشائعات او نشر الفتن او الدعوة الي التخريب والاتلاف .. وفي جميع الاحوال فإن التزام المجلس العسكري بانتهاء العمل به في منتصف العام القادم يعطي قدرا من الطمأنينة للشعب بأنه قانون مؤقت لمواجهة الاحداث السياسية المقبلة من انتخابات مجلسي الشعب والشوري وانتخابات رئاسة الجمهورية . وأن العمل به في مواجهة اعمال البلطجة والعنف سيكون ابلغ رد في مواجهة المعترضين علي هذا القانون، ويري الخطيب ان جميع المخاوف من تفعيل القانون ستسقط باستخدامه بما يحقق مصلحة المجتمع، ويحذر من سقوط هيبة قانون الطوارئ اذا لم يتم تفعيله علي ارض الواقع . ويقول محمد نبوي عضو مجلس امناء الثورة "ان الخروج بتفعيل قانون الطواريء بشكل كامل يزيد الموقف غموضاً لأن قانون الطواريء حسب الإعلان الدستوري ووفقاً للتعديلات التي وافق عليها الشعب كان من المفترض ان ينتهي العمل به كلياً غدا 18 سبتمبر 2011 ولا يجوز تمديده إلا بعد إجراء استفتاء علي ذلك، ويعتبر أي تغيير التفافا علي ما أقره الشعب في الاستفتاء وصدر بالإعلان الدستوري. بالإضافة إلي تمسكنا بتحقيق كامل إرادة الشعب ونتائج الاستفتاء العادلة في الإلغاء الكامل لقانون الطواريء لما له من أثر سلبي علي علاقة المواطنين برجل الشرطة الذي يجب أن يكون خادماً للشعب في ظل القانون المنظم للحقوق والواجبات الخاصة بكل مواطن. وهذا الإجراء لا يصب في مصلحة الاستقرار الأمني أو حتي اكتشاف ملابسات الأحداث التي جرت في الشارع المصري ".