تشير تقارير عديدة إلي أن العودة إلي المفاوضات السلمية للتوصل إلي حل للنزاع الفلسطيني الاسرائيلي قد اصبحت وشيكة وأن العملية اصبحت مجرد اسابيع وليس شهورا.. ربما كان أهم ما يدفع بهذه التقارير اصرار الرئيس أوباما علي الاعلان عن التزامه بحل الدولتين في كل مناسبة وبدون مناسبة. وعلي الرغم من اصرار اسرائيل علي اهانة واشنطن ومبعوثيها بدليل تصريح بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل عشية وصول السناتور جورج ميتشل المبعوث الأمريكي الخاص إلي القدس بأن اسرائيل ترفض مقترحات ومطالب واشنطن بشأن استئناف التفاوض غير المباشر مع السلطة الفلسطينية فان واشنطن ستعاود ارسال مبعوثها الي المنطقة خلال ايام. فهل استحوذت تسوية قضية الشرق الاوسط بالفعل علي تفكير واهتمام الرئيس الامريكي وهل اصبحت هي كل ما يشغله وهل سيتبناها كما تبني موضوع التأمين الصحي للشعب الأمريكي ويكرس لها ما يكفي من وقت وضغوط؟ والسؤال المطروح حالياً هو كيف ستتحرك واشنطن: وهل هناك خطة امريكية كما يتردد؟ وسط هذا المناخ المشبع بالجهود الأمريكية الرامية الي الدفع بتسوية قضية الشرق الأوسط كانت هناك تصريحات وتوصيات هامة.. حيث صرح رام ايمانويل رئيس العاملين بالبيت الابيض في حديث تليفزيوني بأن المناخ حالياً غير مهيأ للدفع بمبادرة أمريكية جديدة أي أنه ألقي بالكرة بعيداً عن الملعب الأمريكي. واما السفير الامريكي السابق مارتن انديك الذي يشغل حالياً نائب رئيس قسم السياسة الخارجية بمعهد بروكنجز الي جانب انه مستشار للسناتور ميتشل فقد كتب مقالاً بجريدة النيويورك تايمز بعنوان »عندما يغضب أعز اصدقائك« دعا فيه رئيس وزراء اسرائيل ان يدرك ان هناك تحول في المصالح الأمريكية في الشرق الاوسط وان عليه ان يختار فيما بين الوقوف مع الرئيس الامريكي او الانحياز الي وزرائه الاسرائيليين المعارضين للسلام محذراً من ان التداعيات قد تكون خطيرة علي العلاقات الامريكية الاسرائيلية. ويقول انديك المقرب من ادارة اوباما ان الرئيس اوباما يري ان احتواء البرنامج النووي الايراني وحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي هما وجهان لعملة واحدة وان النجاح في الضغط علي ايران وعزلها يتطلب وجود العرب واسرائيل مع باقي المجتمع الدولي في تحالف دولي ضد ايران. ويوضح انديك ان هناك قلقا عربيا تجاه الخطر الايراني وان عدم التقدم نحو التسوية يسمح لقادة ايران القيام بدور القوة المساندة للقضية الفلسطينية وتبني عمليات عنف وارهاب في الشارع العربي. ويؤكد انديك ان حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني قد اصبح بالفعل ضرورة استراتيجية امريكية علي ضوء وجود أكثر من 002 الف جندي امريكي في حربين بمنطقة الشرق الاوسط وفي اطار قيام الرئيس الامريكي بدفع الجهود الدولية لاحتواء البرنامج النووي الايراني. وقال: كذلك ان التزام اسرائيل بتجميد بناء المستوطنات والامتناع عن الاعمال الاستفزازية هو معيار التزام اسرائيل بوقف الطموح النووي الايراني. واذا كان هذا هو رأي انديك الذي يعد من اصدقاء اسرائيل فقد كان هناك للأسف من يحاول أن يخمد ويحد من حماس واشنطن لحل النزاع العربي الاسرائيلي.. حيث يري ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية ان هناك مبالغة في اعتبار تسوية النزاع العربي الاسرائيلي مصلحة ملحة للأمن والمصالح الامريكية.. ويري ان التسوية لا تعني وضع نهاية لمتاعب الولاياتالمتحدة.. ويقول هاس: اننا لا نستطيع ان ننكر القيمة الحقيقية للتوصل الي سلام اسرائيلي فلسطيني حيث سيعتبر ذلك انجازاً امريكياً كبيراً كما انه سيضمن امن اسرائيل وبقائها كدولة يهودية الي جانب انه سيقلق من المشاعر المعادية للولايات المتحدة في العالم العربي كما انه قد يقضي علي جاذبية ايران وانصارها.. ولكنه يري في مقاله الذي نشر بجريدة وول ستريت جورنال انه من السهل المبالغة في تصوير اهمية النزاع العربي الاسرائيلي واعتبار التسوية حلاً لجميع مشاكل امريكا والتحديات التي تواجهها ولك الرد السليم علي ذلك هو بالنفي. فيري هاس ان السلام لن يحل قضية العراق ولن يساعد المواجهة الأمريكية لقوي الارهاب في افغانستان كما انه لن يغير من تحدي ايران للمجتمع الدولي التي لا تخشي اسرائيل بقدر ما تخشي هجوم امريكي علي اراضيها.. ويؤكد ان السلام لن يقضي علي رغبة ايران في السيطرة علي المنطقة. ويقول هاس: ان المبالغة في اعطاء اهمية لقضية السلام سيؤدي الي تشويه السياسة الخارجية الأمريكية حيث سيعطي للقضية اهمية تفوق الحقيقة وتؤدي الي عدم الالتزام بالصبر ويشجع الحكومة الامريكية علي اتخاذ سياسات طموحة للغاية.. ويري هاس وهو الامر الغريب حيث أنه كان معروفاً بمواقفه المؤيدة لقيام واشنطن بدور الوسيط العادل أن هناك ضرورة لتسوية الخلاف فيما بين اسرائيل والولاياتالمتحدة واتخاذهما موقفاً موحداً من ايران باعتبارها الخطر الحقيقي.