لم أعد أشعر بالبهجة القديمة عند مقدم العيد.. هل هي السنوات العديدة التي مرت واثقلتني بالهموم، كما افعمتني بالسرور، ام هي النفس التي امتلأت حتي لم يعد فيها مكان لمزيد.. أم هي الأحداث التي حفلت بها الأيام والليالي، حتي أكاد أشعر أن القصة تتكرر وليس فيها جديد! واني لأكاد احس احيانا كأن أياما لم تمر، وكأنني طفل يطرق باب الحياة وكل شيء فيها جديد، وأكاد احس احيانا اخري أنها تكرار ممل ليس فيه جديد.. واني لأرقب نفسي أحيانا، فإذا هي فارغة تطلب المزيد، وارقبها احيانا فإذا هي ممتلئة لا تقبل المزيد. ماذا نحن والعيد؟.. انه مأساتنا وهو أيضا هناؤنا. يحرك في القلب الذكريات والحنين، ويوقظنا في مرارة الي ان الأيام التي ذهبت لن تعود، وفي الوقت نفسه يملأ القلب بهجة انه عاد، فكأنه يمسح الصدأ من النفس والقلب، ويملأهما بأمل حلو. كان العيد فيما مضي يأتي والشمل مكتمل والقلب مبتهج والدنيا في طراوة العود.. ما اعجب ما صنعت الأيام!!.. احالت بعض ما مضي الي ذكريات، وجعلت ما بقي يخطو وليدا وهو مثقل بالذكريات.. فكم تمنيت لو خلا العقل والقلب منها. ولكن هل تحلو الحياة من غير ذكريات.. هل يحلو الحاضر ان لم يكن له ماض يستمد منه الحكمة والحنين. وهل يحلو المستقبل نطرقه من غير رصيد! كلا، ان الماضي فيه الجمال والجلال، والحاضر فيه الوجود والظلال، والمستقبل فيه المني والآمال. واني لأحبها جميعا لانها تلخص لي الحياة، وتكشف أمامي لغز الزمن.. هذا العدو الذي حاربه الانسان وحارب الانسان منذ أقدم الأزمان. عيد بهيج إذن، أفتح له قلبي ونفسي وحواسي جميعا، لانه وقفة تجميع بين الماضي والحاضر والمستقبل، ومن هذا الجمع تكون الحياة، خطا مستمرا لا ينقطع.