جشع بعض التجار.. وخصوصا بعض الجزارين استفزني مثل الملايين من المواطنين.. فكتبت في هذا المكان منذ عامين تقريبا ضد هؤلاء التجار الذين يحاولون امتصاص دماء مواطنيهم.. وخاطبت ضمائرهم التي ارتضت ان يظهروا في الساحة كمصاصي دماء أشبه بهذه الفئة الخيالية التي نراها في بعض افلام السينما الأمريكية.. ووجهت الدعوة من خلال كلماتي في هذا المكان لمقاطعة الجزارين الجشعين والاستغناء عن أكل اللحوم التي شواها هؤلاء بنار الاسعار الحارقة.. حتي اصبحت ذات مذاق قاتل! ومرت كلماتي المتكررة مر السحاب.. ولم أجد لها صدي من أي مسئول من المفترض انه يقرأ ما تكتبه الصحافة نقلا عن نبض المواطنين. والاغرب أنني في كلماتي السابقة طالبت نواب الشعب ان يعقدوا المؤتمرات في دوائرهم الانتخابية وان يتبنوا ما طالبت به من تجريس وفضح التاجر الجشع معدوم الضمير الذي يغتال قدرة المواطن علي شراء حاجاته الاساسية وطعامه ولوازم بيته.. وقلت وقتها ان هؤلاء التجار هم ابناء دوائرهم الانتخابية وأن جشعهم يطول اخوتهم واقاربهم وابناء وطنهم.. وقلت إنه ليس معني الربح أن تتصاعد الأسعار بلا منطق ولا سقف.. وأن »البركة« في الربح القليل مع التوزيع الكثير كما تقول النظريات الاقتصادية.. وكما يفعل بعض التجار الصالحين.. وجهت هذا النداء لاعضاء البرلمان أكثر من مرة.. ولكن نائبا واحدا لم يفعل.. وانصرف النواب طوال السنتين الماضيتين إلي قضايا فرعية يحاول فيها نواب المعارضة ان يحاصروا نواب الاغلبية في حارة جانبية ويتصدي لهم نواب الأغلبية للدفاع عن أنفسهم والخروج إلي الطريق العمومي.. ودول ودول غير عابئين بصرخات المواطنين من نار الغلاء ولهيب الأسعار. نجح نواب المعارضة في فرض طريقة لعبهم علي نواب الاغلبية.. تماما كما ينجح فريق كرة في فرض طريقة لعبه علي »الماتش«.. صحيح ان الاغلبية تخرج كل مرة منتصرة.. ولكن ثمن هذا الانتصار يكون في الغالب علي حساب قضايا اخري مهمة تنتظر الحل السريع. ومع ذلك.. فالدعوة الحالية لمقاطعة اللحوم هي الافضل لمواجهة الجزارين الجشعين.. ويبقي ان نكمل المسيرة فنواجه بعض التجار الاخرين الذين اعتادوا ان »يلبدوا في الذرة« مع كل علاوة تمنحها الدولة للعاملين ليلتهموها ويضعوها في كروشهم المنتفخة.. ويجب ان نتذكر في المعركة القادمة ان تجريس وفضيحة التاجر الجشع في مكانه الذي يباشر فيه شراهه وطمعه هما مسئولية نواب الشعب.. وهي مسئولية كبيرة.