تحذير شديد اللهجة وجهه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمحكمة الجنائية الدولية مؤخرا متوعدا »باستجابة سريعة وقوية» إذا ما حققت المحكمة مع أمريكيين أو إسرائيليين في جرائم الحرب التي ارتكبوها، مدعيا أنهم يتمتعون بحصانة من المحاكمة! سبق هذا التحذير تهديد صريح الشهر الماضي، من وزير الخارجية مايك بومبيو الذي أعلن أن واشنطن ستلغي تأشيرات مسئولي المحكمة الجنائية الدولية إذا وجهت المحكمة تهما للجيش الأمريكي بسبب جرائم ارتكبها في أفغانستان، مضيفا أن عملية العقاب ستتضمن إلي جانب ذلك، عقوبات اقتصادية »إذا لم تغير المحكمة الجنائية الدولية مسارها». التحذير الشفهي رافقه »قرصة ودن» قامت بها واشنطن أوائل هذا الشهر عندما ألغت تأشيرة دخول المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودة، التي سبق وأعلنت في 2017 أنها ستطلب من القضاة إذنا بفتح تحقيق حول جرائم حرب يشتبه أنها ارتكبت من قبل الجيش الأمريكي في أفغانستان، بما في ذلك المحتجزون في سجون وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. والحقيقة المرة أن هذه المحكمة، التي تتمتع بصلاحية محاكمة الأفراد علي جرائم الإبادة الجماعية الدولية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان، غضت البصر، علي مدار 17 عاما، هي عمرها، عن الجرائم التي ترتكبها أمريكا أو الناتو أو إسرائيل، وتحاكم ضحاياهم، فأين هو عقاب الانتهاكات الأمريكية في سجن أبو غريب في العراق، أو التجاوزات الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين. إن هذه المحكمة »مفرغة» من معناها حقا، والشرفاء فيها يعاقبون أو ينسحبون قسرا كما فعل قاض كبير بالمحكمة الجنائية الدولية يدعي كريستوف فلوج، عندما استقال ردا علي تهديدات ضباط نظام ترامب. رغم ذلك، وبشكل فج تواصل واشنطن »بلطجتها علي العالم» وتثير الاستفزاز برفعها سلاحها والتهديد المباشر والصريح للتأكيد بفجاجة أنها فوق كل القوانين والأعراف، ساحبة في ذيلها إسرائيل، لتعطي لها »كارت بلانش» لمواصلة انتهاكاتها دون رادع.