منذ وعيت القراءة كنت أحب القصص والحكايات المصورة ميكي وسمير إلي أن ظهرت مجلة »سمر» التي كانت تهتم بالقصص الرومانسية المصورة، لأبطال في غاية الوسامة والجمال، والحكايات المنثورة حول الحب والزواج والغيرة والانتقام أحيانا، التي راقت لي في مثل عمري الصغير الذي كنت أري في حكايتها كلاما يخص الكبار، إضافة إلي وسامة البطل وجمال البطلة اللذين كانا حافزا كبيرا، للبحث عن مثل هذه الروايات التي كنت اقرأها بعيدا عن عيون أبي، فقد كان يري أنها لا تحوي قيمة ثقافية كبيرة مثل كتابات نجيب محفوظ ، كنت أدرك كلام أبي بالتأكيد، وفي نفس الوقت كنت استرق النظر والقراءة كلما اتيحت لي فرصة العثور علي تلك المجلة التي كانت تصل إلينا من لبنان في الفترة التي عانت فيها لبنان من أهوال الحرب الأهلية »1975 - 1990» ورأي البعض فيها مجالا للتسلية ونسيان الحرب ومن ناحية أخري مثلت هذه الروايات أرضا خصبة للممثلين والممثلات الجدد، التي كانت في كثير من الأحيان علي وشك تحطيم مبيعات الفيلم نفسه. لأن الكثير من مشاهير الفنانين والفنانات سعوا إلي الرواية المصورة في إيطاليا مثل صوفيا لورين وجينا لولو بريجيدا وفي وقت لاحق أورنيلا موتي و فرانكو جاسباري و لورا أنتونيلي، لوك ميريندا، كيرك موريس، إيفان راسيموف وغيرهم من الذين حبوا خطواتهم الأولي علي مسرح الرواية المصورة. ولم تطل علاقتي بالقصة المصورة طويلا ، انتهت مع مرحلة المراهقة القرائية إلي أن رأيت رواية » المحاكمة» لفرانز كافكا وقد تحولت إلي رواية مصورة من رسوم »شانتال مونتلييه» وإعداد »ديفيد ميروفيتز»ثم رأيت أيضا رواية » لا تقتل عصفورا ساخرا» للكاتبة هاربر لي وقد تحولت إلي رواية مصورة أيضا وهما روايتان عالميتان حصلتا علي جوائز أدبية رفيعة، مما أثار دهشتي أن تعالج أعمال حققت نجاحا ورقيا كبيرا إلي أعمال مصورة عكست شغف واحتياج القراء للقصة المصورة التي كانت مخصصة للأطفال والشباب في وقت من الأوقات ، ثم عادت تنعش في العالم من جديد وفي مصر وأصبح لها دور نشر متخصصة ومهرجانات عالمية مثل أسبوع الكوميكس الذي نظمته دار »صفصافة للثقافة والنشر»، بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية والمؤسسة الثقافية السويسرية »بروهلفتيا» ومعهد »جوته» الألماني، والمركز الثقافي النمساوي بالقاهرة، والمعهد الدنماركي المصري للحوار، ومؤسسة روبرت بوش، ومؤسسة اليابان، كما يحظي بشراكة عدد من المؤسسات الأخري مثل مؤسسة جدران للثقافة والفنون وموقع »كتبنا» للنشر الرقمي، ومعرض روبابيكيا الفني بأسيوط. أهلا بمرحلة الطفولة والشباب من جديد.