النيات الطيبة لا تكفي وحدها لصناعة فن جيد فلابد من اجتماع كل العناصر الفنية للحصول علي منتج فني متميز.. انتابني هذا الاحساس فور انتهائي من مشاهدة فيلم »الفاجومي« الذي يحكي قصة حياة الشاعر احمد فؤاد نجم ويعتمد فيه السيناريو علي مذكرات »نجم« التي نشرها قبل سنوات بالاسم نفسه، فقد كانت نية السيناريست والمخرج عصام الشماع بالتأكيد طيبة وهو يتحمس لتقديم حياة »نجم« في شريط سينمائي ليوثقها، فهي بمثابة حالة فنية وسياسية غير مسبوقة في عهدي الزعيمين جمال عبدالناصر والسادات. ولكن ليست النية وحدها كافية فعلي قدر ما كانت حياة »نجم« حسب مذكراته ثرية درامية تجبرك علي متابعتها عبر الصفحات علي نفس القدر، جاء السيناريو فقيرا لانه اعتمد علي مناطق في حياة »نجم« لا يمكن اعتبارها الاقوي، وتشعر وانت تشاهد الفيلم انه صنع خصيصا لمن قرأ المذكرات فقط فقد جاءت بعض الاحداث غير مفهومة، كما ان السيناريو بدا عاجزا عن الامساك بروح الشخصية الرئيسية. فأهم ما يميز »نجم« إنه يعد نموذجا حقيقيا لروح الشخصية الشعبية المصرية بكل مميزاتها وعيوبها، ولكن الشخصية طوال الاحداث تظهر وكأنها شخصية غامضة. صحيح ان الفيلم قدم »نجم« بدون روتوش وبمتناقضاته مثل الثوري والشاعر والحرامي والحشاش وعاشق النساء إلا ان كل ذلك ضاع في ظل تسارع النقلات الزمنية للاحداث لكي تستوعب حياة احمد فؤاد نجم كاملة. في النهاية فيلم »الفاجومي« حنين إلي ماض جميل وتوثيق لرحلة شاعر متفرد وهو اول عمل درامي مأخوذ عن سيرة ذاتية صاحبها حي يرزق ومازال مشاغبا كما كان منذ 03 عاما فاحمد فؤاد نجم مازال ثائرا حتي 52 يناير في ميدان التحرير فقد كانت اشعاره وقودا للثورة المصرية.