يصف بعض المراقبين المنطقة التي يقع فيها مبني الكونجرس في واشنطن بأنها ارض امريكية تحتلها إسرائيل! والسبب في ذلك هو إنحياز مجلسي الشيوخ والنواب الأعمي لإسرائيل وهو ما تأكد للمرة المليون خلال الخطاب الذي القاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو امام مجلس الكونجرس قبل ايام والذي قاطعه النواب والشيوخ بالوقوف والتصفيق اكثر من خمس وعشرين مرة. خلال هذا الخطاب، كان اعضاء الكونجرس رجالاً ونساءً ينظرون بانبهار الي نتنياهو وكأنه بطل اسطوري تتطلع اليه الانسانية من اجل خلاصها علي عكس الحقيقة التي تؤكد انه واحد من أشد زعماء اسرائيل تطرفا ومعاداة للسلام. تحدث نتنياهو في هذا الخطاب بنفس لغته العنصرية والفاشية خاصة عندما كرر ذلك الحديث الممل عن إسرائيل واحة الديموقراطية في الشرق الاوسط. وقال ان هذه المنطقة يعيش فيها 300 مليون عربي لا يعرف منهم طعم الحرية سوي نصف مليون عربي هم الذين ينعمون بالحياة في إسرائيل! تحدث نتنياهو عن مزاعمه بشأن قمع المسلمين للمرأة وإضطهادهم للمسيحيين وسعي العرب للقضاء علي اليهود ولكنه لم يذكر مذابح اسرائيل الوحشية ضد الاطفال والنساء والشيوخ بداية من دير ياسين وحتي حرب غزة الاخيرة. وذرف نتنياهو دموع التماسيح علي السلام الضائع في الشرق الاوسط وقال ان مصدر عدم الاستقرار في المنطقة هو إيران وحزب الله وحماس! واعتبر أن الفلسطينيين يسيرون نحو نهايتهم المحتومة مالم يتعلقوا بطوق النجاة الاسرائيلي الكاذب. طالب نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن يمزق اتفاق المصالحة مع حماس و يعترف بيهودية دولة إسرائيل ويتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني وبعد ذلك يأتي الي إٍسرائيل خاضعاً مذلولاً وفي هذه الحالة، يمكن لإسرائيل النظر في اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة وتسمح للفلسطينيين بأن يعيشوا علي جزء من هذه الارض تابعين للسيد الاسرائيلي! ولم يتورع نتنياهو عن الاشادة بثورة الشعوب العربية ضد الحكام الطغاة ومن اجل الحرية والديموقراطية وتجاهل رئيس الوزراء الاسرائيلي بصفاقة يحسد عليها ان إسرائيل هي التي ساندت انظمة الحكم المستبدة التي كانت وماتزال تمثل اكبر مصدر لدعم الدولة اليهودية .. ومن لا يصدق فليسأل الدكتاتور الراحل جعفر النميري بطل عملية ترحيل يهود الفلاشا من اثيويبا لإسرائيل و الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي وصفته إسرائيل نفسها بانه كنز لا يعوض لإسرائيل، والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي كان عميلاً للموساد .. أو الملك حسين عاهل الاردن الراحل الذي ابلغ إسرائيل بموعد حرب اكتوبر المجيدة علي امل ان يتمكن الإسرائيليون من إجهاضها ولكنهم لحسن الحظ لم يصدقوه . ورغم تأكيد نتنياهو ان إسرائيل لن تنسحب ابداً الي حدود 1967 ولن تقبل اعادة تقسيم القدس باعتبارها عاصمتها الابدية الموحدة ، الا ان المشرعين الامريكيين اعتبروه رجل السلام حتي وهو يؤكد ان مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يجب حلها ولكن بعيداً عن إسرائيل وان المستوطنات ستستمر وليذهب السلام الي الجحيم. هكذاً، انتهت موعظة نتنياهو أمام الكونجرس لتبقي دعوته المشبوهة للرئيس الفلسطيني محمود عباس بان يبيع له روحه كما فعل الشيطان "مفيستو فيليس" في رواية فاوست رائعة الشاعر الالماني جوته .. ففي هذه الرواية صدق فاوست الشيطان وابرم صفقة معه تقضي بان يخدمه الشيطان طوال حياته مقابل ان يهبه فاوست روحه .. وكانت النهاية هي دمار فاوست بعد ان اكتشف خدعة الشيطان. الذي استمر في الترويج لصفقته المشبوهة حتي أمام الكونجرس ووسط تصفيق الشيوخ والنواب الأمريكيين!